كنت عند أحد الزملاء ، في مجلس ليلي ، وكان يراودهم قط من القطط ، فاستغربت أمره ! وسئلت عنه ، فقالوا لي : هذا قط يأوي الينا كل ليلة ، ليأخذ نصيبه من حليب الناقة التي نأتي به هنا ، فقد أدمن شرب الحليب ، فنأتي بالحليب ، فيشرب منه حتى يتضلع شبعا ، ثم ينصرف منتشياً نشيطاً لانعلم الى أين يذهب ، وهذه حالته كل ليلة .
فأحزنني منظره وهو يتلهف تلهف العطشان ، فكتبت أبيات على لسان حاله ، فقلت :
[poem=font="Simplified Arabic,4,black,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
أيا قومي امـا جـاء الحليـبُ =
فقد ضاق الفضاءُ بـي الرحيـبُ =
أما ترى في عيوني كيف صارت=
وأنـي واقـفٌ فيكـم رقـيـب ُ =
همـومٌ تعترينـي كـل يــومٍ =
يبـدد شملـهـا ذاك الحلـيـبُ=
فإنـي حيـن أشربـه أهـيـمُ =
أبـسٌ ياتـرى أم أنـي ذيـبُ ؟=
يغيب العقل منـي ثـم أمضـي =
وقد بلغ الزبـى سيـلٌ رهيـب ُ =
إلى تلك البسوس وقـد دهاهـم =
بأمري مـا أنـا فيـه مصيـبُ =
فأقضي الليـل ليـلاً نرجسيـاً =
وطبـت وكـان ليلـي لايطيـبُ =
أمـور ليـس يعرفهـا سوانـا =
يحـار للطفهـا عقـلٌ لبـيـبُ =
حياةُ ما علمـت بهـا حيـاة ً =
ولا يصف الهنـاء بهـا أديـبُ=
فلمّـا لاح وقـت الفجـر فينـا =
وأنـسٌ قـد تغشانـا عجـيـبُ =
رجعت ورجلي اليمنـى يسـارٌ=
وتلك مكانُهـا ، وجهـي كئيـبُ =
وأخبط خبط عشـواءٍ لنومـي =
وكـدت لمـا أكـابـدهُ أغـيـبُ =
وألقي الجسمَ منهمكـاً هزيـلاً=
كنـار ٍ أخمـدت فيهـا لهـيـبُ =
جزى الله الحليبَ جزاء خيـر ٍ =
فقد كان الحليـبُ هـو الطبيـبُ =
فقوموا وارحموا بسـاً ضعيفـاً =
يـدور كمـا يـدور المستريـبُ =[/poem]
بدر العضياني