بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أُتابع معكم سلسلة دروس الصلاة من مكروهات الصلاة .. والتي وصلت معكم فيها إلى الجزء الأخير .
من مكروهات الصلاة الإقعاء ، لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث ونهاني عن ثلاث : أمرني بركعتي الضحى كل يوم ، والوتر قبل النوم ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، ونهاني عن نقرة الغراب ، وإقعاء كإقعاء الكلب ، والتفات كالتفات الثعلب ) رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني .
ما هي صفة الإقعاء المكروهة ؟
الإقعاء له صور هي :
1 ـ أن يجعل ظهور قدميه على الأرض ، ويجلس على عقبيه ، وهذا مكروه لأمرين :
أ ـ لأنه يشبه من بعض الوجوه إقعاء الكلب .
ب ـ أنه متعب فلا يستقر الإنسان في حال جلوسه على هذا الوجه .
2 ـ أن يجعل أصابع قدميه في الأرض ، وتكون عقباه قائمتين ، وأليتاه بين عقبيه .
3 ـ أن يلصق أليته بالأرض ، وينصب ساقيه وفخذيه ، ويضع يديه على الأرض ، وهذا تفسير أهل اللغة ، وهي ما يعرف باللغة الدارجة ( البوبزة ) وهذه الصورة أقربها لإقعاء الكلب .
4 ـ أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه ، قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في الممتع : [ وهذا ولا شكـ إقعاء ، كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما لما قيل له في الإقعاء على القدمين ، فقال : هي السنة ، فقلنا له : إنا لنراه جفاء بالرجل ، فقال ابن عباس رضي الله عنه : بل هي سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ، ولكن بعض أهل العلم قال : إن هذه الصورة من الإقعاء من السنة ، لأن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( إنها سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم ) ، ولكن أكثر أهل العلم على خلاف ذلكـ ، وأن هذا ليس من السنة ، ويشبه والله أعلم أن يكون قول ابن عباس رضي الله عنهما تحدثاً عن سنة سابقة نسخت بالأحاديث الكثيرة المستفيضة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى ] .
لكن كما تقدم أن هذه الصفة وردت في صحيح مسلم ، ولهذا قال بعض العلماء أنها تُفعل أحياناً .
ومن مكروهات الصلاة عدّ الآي والتسبيح ، قال ابن نصر الله : [ أن يعد ذلكـ بقلبه ويضبط عدده بضميره من غير أن يتلفظ ، فإن تلفظ فبان حرفان بطلت صلاته ] .
ما حكم عد الآيات والتسبيح والتكبير ؟
عد الآي والتسبيح والتكبير له حالتان :
الأولى : أن يكون لحاجة فيجوز ، كما لو كان الإنسان لا يعرف الفاتحة وأراد أن يقرأ بعدد آياتها من القرآن ، وكذلكـ التسبيح للإمام فإن الفقهاء حددوا له التسبيح إلى عشر حتى لا يطيل على المأمومين فله عدّ ذلكـ ، ومثل ذلكـ تكبيرات العيد والاستسقاء لو عدها حتى لا يخطيء ، فهذا لا بأس به ولا يكره .
الثانية : أن يكون لغير حاجة ، فلا ينبغي ذلكـ ، وقد يكره إذا أدى إلى انشغاله عن صلاته وإذهاب خشوعه .
ومن مكروهات الصلاة الفتح على غير إمامة ، ـ أي الرد عليه إذا أخطأ ـ فلو كان الإنسان يصلي وفتح على من هو في صلاة أخرى ، أو فتح على غير من هو في صلاة فهو مكروه لأمرين :
أ ـ أنه لا ارتباط بينكـ وبينه ، بخلاف إمامكـ إذا غلط فهناكـ ارتباط بينكـ وبينه .
ب ـ أنه يوجب الإنسان بالاستماع إلى غير من يسن الاستماع إليه ، فيوجب أن تتابعه وأنت غير مأمور بهذا ، قال في الشرح الكبير مع الإنصاف وفيه : [ ويكره أن يفتح من هو في الصلاة على من هو في صلاة أخرى ، أو على من ليس في صلاة ، لأن ذلكـ يشغله عن صلاته ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن في الصلاة لشغلاً ) ، فإن فعل لم تبطل صلاته ، لأنه قرآن إنما قصد قراءته دون خطاب الآدمي ... فأما غير المصلي فلا بأس أن يفتح على المصلي ] .
ومن مكروهات الصلاة الحركة اليسيرة إذا كانت لغير حاجة ، ولا يتوقف عليها كمال الصلاة ، كالعبث في الصلاة .
ما هي أقسام الحركة التي ليست من جنس الصلاة ؟
الحركة التي ليست من جنس الصلاة تنقسم إلى خمسة أقسام :
1 ـ حركة واجبة : وهي التي يتوقف عليها الصلاة ، كما لو ذكر أن على ثوبه نجاسة ثم تحركـ لإزالتها .
2 ـ حركة مستحبة : وهي التي يتوقف عليها كمال الصلاة ، كما لو حصل بينه وبين جاره فرجة ثم تحركـ لسدها .
3 ـ حركة مباحة : وهي الحركة اليسيرة للحاجة أو الكثيرة للضرورة ، فاليسيرة كما لو كان رجل يصلي في الظل فأحس ببرودة فتقدم أو تأخر أو تيامن أو تياسر من أجل الشمس ، والكثير للضرورة كما لو تحركـ خوفاً من عدو أو سبع أو نار .
4 ـ حركة محرمة : وهي الكثيرة المتوالية لغير حاجة .
5 ـ حركة مكروهة : وهي اليسيرة لغير حاجة ولا يتوقف عليها كمال الصلاة ، كالعبث في الصلاة .
وهنا أكون قد وصلت معكم إلى آخر درس من مكروهات الصلاة .. وسأطرح بإذن الله جميع دروس مكروهات الصلاة في موضوع مستقل .
[align=right]* القول الراجح مع الدليل لكتاب الصلاة من شرح منار السبيل / للشيخ خالد الصقعبي .[/align]