بين اليأس والأمل
والهفَ نفسي كم أذوبُ حنانا
وأطيرُ للماضي الذي أحيانا
وأجولُ في تلك الفيافي أنتشي
وأضوع مسكاً ، زنبقاً ، ريحانا
وأسائلُ التاريخَ هل مِن أمةٍ
حازتْ سهامَ السبقِ قبل الآنا؟
هل في الوجود فتىً يخاطبُ غيمةً
لما تهادَتْ في السما مرجانا
يا مُزْنُ أمطر أين شئتَ فإنه
حتماً خراجُكَ راجعٌ لِحِمانا
كنا إذا لمعَ الحسامُ بأفقِنا
من قبل شهرٍ خصمنا يخشانا
كنا إذا زأرَ الرضيعُ بأرضنا
ماجَتْ له مُهَجُ العِدا خَفَقَانا
نصر الإله بنا شعوباً عندما
(إن تنصروا) كانت لنا عنوانا
صرختْ فتاةٌ حرةٌ عربيةٌ
وامعتصمْ ، ذقْتُ الأذى ألوانا
فأجابها لبيكِ أختي إنني
سأُحيلُ عموريةً نيرانا
فأتى بلادَ الرومِ يقدُمُ جيشَهُ
وبعهدهِ قد أنفَذَ الأيمانا
أما صلاحُ الدين قهَّارُ العِدا
فاسأل رُبا حطين أو بَيْسانا
كنا إذا نادى المنادي قائلاً :
مَن سادةُ الدنيا ومَن أُولانا؟
مَن حرَّرَ الإنسان مِن أوهامهِ
حتى غدا متبصراً إنسانا؟
مَن أبرأ المرضى وداوى سُقمَهم
من أيقظَ الألبابَ والأذهانا؟
مَن طهَّر الأفهامَ مِن رجسِ الهوى
مَن كسَّر الأصنامَ والأوثانا؟
مَن قال للشركِ القميءِ ألا انحسرْ
لم تلْقَ في هذي البلادِ مكانا؟
مَن أوصلَ النورَ المبين لسائر الـ
أصقاعِ ثم استحكمَ القرآنا؟
ويغوصُ في سُؤْلاهُ منتظراً جوا
بَ الحقِّ يأتي ناصعاً برهانا
فإذا بصوتٍ مُثقلٍ يسري وقد
ذاقَ المرارةَ عَلقماً وهوانا
نحن الأُلى كنا سحائبَ ثرَّةً
نُروي الظميءَ ونشبع الجوعانا
نحن الأُلى كنا كذاك وإنني
من أجل(كنا) قد سئمتُ الـ(كانا)
واليوم قد ضلَّت بنا سفن الهوى
لا قائداً فيها ولا رُبَّانا
أشباهُ خلق الله قد سخروا بنا
وبكل حقدٍ هددوا أقصانا
وتجمعوا وتكاتفوا وتناصروا
وتعاهدوا ألا يروا إيمانا
كلُّ الكراتِ بأرجلٍ مسمومةٍ
قد صُوِّبتْ عمداً إلى مرمانا
والساحةُ الثكلى خلَتْ من أهلها
تشكو إلى رب الورى مَن خانا
وتقول : هل في القومِ فضلةُ فارسٍ
رضعَ الكرامةَ مِن بني عدنانا؟
أتُقتَّلُ الأطفالُ جهراً دون أن
تتفجروا لمصابهم بركانا ؟!
أيُهدَّمُ البنيانُ فوق رؤوسهم
أيعيش شعبي في العَرا عُريانا ؟
أيُصابُ ديني عُنوةً في مقتلٍ
ونقول للجاني : فِداك دِمانا ؟
أَنرى الصليبَ وقد تتوَّجَ نجمةً
كالحيَّةِ الرقطا تجوس حمانا ؟
فنبارك السعيَ الحثيثَ وندَّعي :
سمُّ الأفاعي وصفةٌ لشفانا
رباه يا مَن قد نصرتَ نبيَّنا
وجعلتَ مثوى الصابرين جِنانا
يسر لنا نصراً سريعاً إننا
في محنةٍ كبرى ، أيَا مولانا
أرجِع لنا الماضي التليدَ فإننا
نهفو لِما كُنَّا عليه زمانا
قد يعتري الإنسانَ يأسٌ تارةً
ويعيش في أملٍ له أحيانا
للشاعر : مروان قدري