السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نواجه يومياً في الصحف الكثير من الكُتاب الذين يُحاولون زعزعة ثوابت الدين وتشكيك الناس في أمور عقدية وتعبدية
وهؤلاء الكُتاب قد توازعوا الأدوار وتفننوا في طرق المواضيع فحصل عند الكثير تأثر بتلك المقالات الفاسدة
فتارة نراهم يكتبون حول المرأة وأنها مظلومة ومُهانة ولم تُعطى حقوقها ولابد من خروجها وعملها مع الرجال وقيادتها حتى ظن البعض أن المرأة تعيش معنا في جحيم
مع أنها هي الأم والأخت والزوجة والبنت تعيش بكل احترام وتقدير
وتارة نراهم يتحدثون عن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيصفونهم بأوصاف بذيئة وينشرون عنهم الحكايات المكذوبة
وتارة يتحدثون عن العلماء في محاولة لاستنقاصهم وتقليل قدرهم عند الناس
والمصيبة أن من يقف في وجوههم ويبين خوارهم وكذبهم قليل بل وقليل جداً
ومن هؤلاء القليل الذين وقفوا في وجه هذه العواصف المُفسدة في محاولة لصدها وتحذير الناس منها هو الدكتور عبد الرحمن العشماوي وفقه الله
فالأخ عبد الرحمن له زاوية يومية في صحيفة الجزيرة
طالعتنا في الاسبوع الماضي بمقال رائع يبين أن هؤلاء يريدون خرق السفينة والناس عنهم غافلون
فلنقف مع هذا المقال :
العقلاء وخَرْق السفينة
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
بعيداً عن كل التنظيرات والأنظمة التي يتفنّن في صياغتها الإنسان في هذا العصر لمعرفة جوانب التطور السياسي والاقتصادي والعسكري فإن السفينة البشرية تعاني من الذين يضربونها بمعاول الفساد ليل نهار، ولا يجدون من العقلاء من يزجرهم، ويمنعهم منعاً واضحاً، إلا ما ندر، والنادر لا حكم له.
عوامل إغراق السفينة كثيرة، ومعاول الضرب القاسية كثيرة، وسفهاء القوم الذين لا يبالون أن يخرقوا هذه السفينة كثيرون، والعقلاء الذين ينهون عن هذا التخريب، قليلون، وأصواتهم -مع قلتهم- تتضاءل أمام صخب الضلالات والأهواء، وضجيج آلات الدّمار والانحراف الهائل، فهي أصوات واهنة لا تستطيع أن تصل إلى مسامع الغافلين والغافلات من البشر الذين استهوتهم مدنيّة هذا العصر حتى أصبحوا عبيداً للرغبات والأهواء، والشهوات ومتع الحياة الدنيا.
السفينة تُخرَق، وأمواج البحر تهيج، وركاب السفينة في غمرتهم ساهون، وعن ربهم غافلون، وفي الأخذ على أيدي سفهائهم مقصّرون مهملون.
في تتبُّعٍ لبعض من يضربون بمعاول فكرهم المنحرف أرض السفينة التي تخوض غمار المحيط، نرى غرائب وعجائب تدلُّنا على أن نفوس أولئك القوم قد اضطربت، وأنّ قلوبهم قد أصابها الوهن، وأن عقولهم قد انحرفت عن طرائق التفكير السليم، فمنهم من يطالب بإلغاء العلوم الشرعية من المدارس والمعاهد والجامعات لأن الإنسان المعاصر لا يحتاجها، وكيف يحتاجها وهو (آلةٌ) صّماء لا ترى ولا تُحسُّ ولا تسمع ومنهم مَنْ يطالب بإلغاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن الإنسان المعاصر قد بلغ من المعرفة والعلم الدنيوي والحرية المطلقة مبلغاً لا يحتاج معه -في نظرهم- إلى تذكير ولا أمرٍ ولا نهي، ومنهم مَنْ يدّعي أن التطوُّر لا يتم في أي مجتمع في المجالات كلها الإعلامية وغيرها ظهوراً يليق بالمرأة المعاصرة المتطورة -في نظرهم- التي لا تخضع لقِوامةِ رجل، ولا لتعاليم دين، ولا لضوابط حشمة وحياء.
ومنهم من يرى أن المجتمع المتطوِّر لا يقوم بدون دور سينما، ومراكز عرض مسرحي كبرى، يجتمع فيها الناس للترويح عن نفوسهم، وكأنّ الترويح لا يتحقق إلا بمصادمة ما شرع الله، ومخالفة ما تدعو إليه الفطرة السليمة، ومنهم من يحمل في يده معول الرّبا يضرب به أرض السفينة بلا هوادة، وآخر يحمل معول الإعلام المنحرف الذي يحطم القيم والأخلاق ليل نهار، مستبعداً من ذهنه أوامر الشرع وضوابط الدين، ومقاييس الأخلاق الفاضلة.
يا عقلاء البشر، السفينة في خطر، وسنن الله سبحانه وتعالى في الأمم الضالة المنحرفة لا تتأخرّ، فماذا أنتم فاعلون؟
إشارة:
يا صخرة الظلم الرهيب تحوَّلي **** فيقيننا لا يقبل التحويلا
http://www.al-jazirah.com/1243872/ln2.htm