بسم الله الرحمن الرحيم
سئل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عن قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا توبوا الى الله توبة نصوحا )
فأجاب : الحمد لله , قال عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - وغيره من الصحابة و التابعين - رضى الله عنهم - : التوبة النصوح : أن يتوب من الذنب ثم لا يعود إليه , و" نصوح " هى صفة للتوبة , وهى مشتقة من النصح والنصيحة . وأصل ذلك هو الخلوص . يقال : فلان ينصح لفلان إذا كان يريد له الخير إرادة خالصة لا غش فيها , وفلان يغشه إذا كان باطنه يريد السوء , وهو يظهر إرادة الخير كالدرهم المغشوش , ومنه قوله تعالى ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج , اذا نصحوا لله ورسوله ) أى أخلصوا لله ورسوله قصدهم وحبهم . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح " الدين النصيحة . ثلاثا " قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال :" لله , ولكتابه , ولرسوله , ولائمة المسلمين . وعامتهم "
فان أصل الدين هو حسن النية , واخلاص القصد , ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث لايغل عليهن قلب مسلم , اخلاص العمل لله , و مناصحة ولاة الامور ,و لزوم جماعة المسلمين ,فان دعوتهم تحيط من ورائهم )) أى هذه الخصال الثلاث لا يحقد عليها قلب مسلم بل يحبها ويرضاها .
فالتوبة النصوح هى الخالصة من كل غش , واذا كانت كذلك كائنة فان العبد انما يعود الى الذنب لبقايا فى نفسه , فمن خرج من قلبه الشبهة والشهوة لم يعد الى الذنب , فهذه التوبة النصوح , وهى واجبة بما أمر الله تعالى : ولو تاب العبد ثم عاد الى الذنب قبل الله توبته الاولى , ثم اذا عاد استحق العقوبة , فان تاب تاب الله عليه أيضا .
و لا يجوز للمسلم اذا تاب ثم عاد أن يصر ؛ بل يتوب ولو عاد فى اليوم مائة مرة , فقد روى الامام أحمد فى مسنده عن علي عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ان الله يحب العبد المفتن التواب )) وفى حديث آخر : (( لاصغيرة مع اصرار , ولا كبيرة مع استغفار )) وفى حديث آخر : (( ما أصر من استغفر و لو عاد فى اليوم مائة مرة )) .
المصدر : مجموع الفتاوى _ ج16 ص 57 _
اعداد :
أهل الحديث