يتميز هذا العصر بالتغيرات السريعة الناجمة عن التقدم العلمي والتكنولوجي وتقنية المعلومات ، لذا أصبح من الضروري مواكبة العملية التربوية لهذه التغيرات لمواجهة المشكلات التي قد تنجم عنها مثل كثرة المعلومات وزيادة عدد الطلاب ونقص المدرسين وبعد المسافات، وقد أدت هذه التغيرات إلى ظهور أنماط وطرائق عديدة للتعليم ، وقد أدت هذه التغيرات إلى ظهور أنماط وطرائق عديدة للتعليم في مجال التعلم الفردي أو الذاتي - الذي يسير فيه المتعلم حسب طاقته وقدرته وسرعة تعلمه، ووفقاً لما لديه من خبرات ومهارات سابقة - وذلك حلولا لمواجهة هذه التغيرات ، فظهر مفهوم التعليم المبرمج ، ومفهوم التعليم بالحاسب الآلي ، ومفهوم التعليم عن بعد ، والحقائب اوالرزم التعليمية . و تؤكد الاتجاهات التربوية المعاصرة أهمية التعلم الفردي الذي ينقل محور اهتمام العملية التعليمية من المادة الدراسية إلى المتعلم نفسه، ويسلط عليه الأضواء ليكشف عن ميوله واستعدادته ومهاراته الذاتية بهدف التخطيط لتنميتها، وتوجيهها مع حاجاته الذاتية واستعدادات نموه، ولتحفز دوافعه ورغباته الشخصية ليتمكن بذلك من الوصول إلى أقصى طاقاته وإمكاناته الخاصة.
و يعّد التعلم الذاتي أحد الاساليب التعليمية القديمة ، اذ أستعمل منذ القدم ،فقد ركز سقراط على أهمية "المعرفة الذاتية في تعليم التلاميذ و دعى افلاطون الى "تعليم كل فرد بحسب أمكاناته واستعدادته " . وكانت أاولى المحاولات المعاصرة لتفريد التعليم باسلوب علمي هي تلك المحاولة التي قام بها سكنر في الربط بين ( علم التعلم وفن التعليم ) عام1954 وفي اوائل الستينيات توجهت العناية الى وضع الخطط التي تمكن المتعلم من تعلم نفسه بنفسه بشكل برامج تعليمية عديدة تحت مسميات مختلفة لا تخرج عن مفهوم الحقائب في الوقت الحاضر .
وظهرت البادرة الاولى من الرزم والحقائب التعليمية في مركز مصادر المعلومات بمتحف الاطفال في بوسطن بالولايات المتحدة الامريكية عندما اخترع ما يسمى بـ(صناديق الاستكشاف )،وهي عبارة عن صناديق جمعوا فيها مواد تعليمية متنوعة تعرض موضوعات معينة او فكرة معينة مجددة تتمركز محتويات الصندوق حولها لتبرزها باسلوب تتميز بالترابط او التكامل،ثم تطورت نحو الافضل بعد أضافة التعديلات والاضافات على الوحدات حتى أخرجت ما يسمى ب(الحقائب التعليمية ) بالوقت الحاضر، والحقائب التعليمية من الاتجاهات الحديثة التي لقيت نجاحا جيدا في عملية تفريد التعليم، وعززت اسلوب التعلم الذاتي وهي نظام تعليمي ذاتي له القدرة على خلق أحداث تعليمية بالاشتراك مع المتعلم، لجعل التعلم يتم بوساطتها بصورة متسلسلة ومتدرجة في خطوات متتابعة ،وتعّد بيئة تعلم مصغرة ،ومحكمة ،وتتمع بقوة هائلة لما تحتويه من مواد وبدائل،ومعينات ،وخيارات مجزية ،تحفز فاعلية المتعلم للحصول على الخبرات التعليمية اللازمة لتحقيق الاهداف المحددة مسبقا .
وبالرغم من حداثتها الا ان جذورها تمتد الى الماضي خاصة عندما عملت (هيلين باركهرس) على تطبيق طريقتها المعروفة بخطة دالتون (Plan Dalton )، أذ يوضع المتعلم أمام طرائق عدة لتحقيق الاهداف التربوية المطلوبة للتوصل الى أتقان المادة العلمية حسب قدراته وسرعته الذاتية . وتعّد الحقائب التعليمية مؤسسة تعليمية مصغرة تتابع المتعلم أينما ذهب ،وقد وصفها سمث (smith) بانها برنامج محكم الترتيب تم تصميمه للتعلم الذاتي الفردي والدراسة المستقلة ، وتختلف الحقائب عن بعضها البعض في الوقت الذي تحتاجه لاكمالها من قبل الشخص الدارس فالبعض يحتاج الى ساعة واحدة لاكمالها والبعض الاخر يحتاج الى اسابيع لاكمالها .
تطور مفهوم الحقائب التعليمية :
تطورت عملية انتاج الحقائب وتعددت مصادر أنتاجها في الولايات المتحدة الامريكية فقد أعد معهد البحوث الامريكية في ولاية كاليفورنيا حقائب تعليمية عرفت بوحدات ( التعلم والتعليم، وهذه الوحدات عبارة عن برامج للتعلم الذاتي توجه نشاط المتعلم نحو أهداف سلوكية محددة ،وأنتجت مؤسسة كترنج رزماً تعليمية وحدات تعليمية من خلال مشروع معهد تطوير الانشطة التربوية وهي عبارة عن حقائب تعليمية يعّدها المعلم ويقومها المعهد وأنتجت جامعة تكساس وحدة نمطية (مجمعا ) للتعلم الذاتي وهي عادة ماتكون قصيرة تخصص لدرس واحد .