أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


ـــ( فضل تفسير آيات من سور الحواميم )ـــ
..... الأحقاف
قوله تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" ( الأحقاف الآية 13-14)
يُروى فى هذه الآية عن النبى "صلى الله عليه و سلم" و أبى بكر و عمر و عثمان و على معنى "استقاموا" ففى صحيح مسلم عن سفيان بن عبد الله الثقفى قال : قُلْ لِي فِي الْإِسْلَامِ قَوْلًا لَا أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَدًا بَعْدَكَ -و فى رواية غيرك-قال:" قل آمنت بالله ثم استقم" زاد الترمذى: قلت :يا رسول الله ما أخوفُ ما تخاف علىَّ. فأخذ بلسان نفسه و قال :"هذا"
و روى عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه أنه قال :"ثم استقاموا" لم يشركوا بالله شيئاً.

و رُوى عنه الأسود بن هلال أنه قال لأصحابه: ما تقولون فى هاتين الآيتين :" إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا"و "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ" فقالوا :استقاموا فلم يذنبوا و لم يلبسوا إيمانَهم بخطيئةٍ. (تفسير القرطبى)
فى رواية عطاء عن ابن عباس أن أبا بكر صَحَبَ النبى "صلى الله عليه و سلم" و هو ابن ثمانى عشرة سنة و النبى "صلى الله عليه و سلم" ابن عشرين سنة و هم يريدون الشامَ للتجارة ، فنزلوا منزلا فيه سدرةٌ ، فقعد النبى " صلى الله عليه و سلم" فى ظلِّها ،و مضى أبو بكر إلى راهب هناك فسأله الدينَ .فقال الراهبُ :من الرجلُ الذى فى ظلِّ الشجرةِ؟ فقال: ذاك محمَّدٌ بن عبد الله بن عبد المطلب . فقال: هذا و الله نبىٌّ ، و ما استظلَّ أحدٌ تحتَها بعدَ عيسى : فوقع فى قلب أبى بكر اليقينُ و التصديقُ ، و كان لا يكادُ يفارقُ رسولَ الله "صلى الله عليه وسلم" فى أسفاره و حضره ، فلما نبِّئَ رسولُ الله "صلى الله عليه وسلم " و هو ابنُ أربعين سنةً ، صدَّق أبو بكر رضى الله عـنه رسول الله "صلى الله عليه و سلم" وهو ابنُ ثمانيةٍ و ثلاثين سنةً ، فلما بلغ أربعين سنةً قال: "رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ" ( الأحقاف الآية 15)

وفي الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم":"" مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا ؟ ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، قَالَ : فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، قَالَ : فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، قَالَ : فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا ؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : أَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ " . مسلم- باب جمع الصدقة وأعمال البر.
قال مالك بن مغول: اشتكى أبو معشر ابنَه إلى طلحةَ بن مصرفٍ، فقال: استعن عليه بهذه الآية، وتلا: {رَ****بِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ**** نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْ****ضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّ****يَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}.

وقال قتادة: ذُكِرَ لنا أن عمر رضي الله عنه قال: لَوْ شِئْتُ كُنْتُ أَطْيَبَكُمْ طَعَامًا ، وَأَلْيَنَكُمْ لِبَاسًا ، وَلَكِنِّي أَسْتَبْقِي طَيِّبَاتِي . وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ ، صُنِعَ لَهُ طَعَامٌ لَمْ يَرَ قَبْلَهُ مِثْلَهُ ، قَالَ : هَذَا لَنَا ، فَمَا لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ لا يَشْبَعُونَ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ ؟ قَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : لَهُمُ الْجَنَّةُ ، فَاغْرَوْرَقَتْ عَيْنَا عُمَرَ ، وَقَالَ : لَئِنْ كَانَ حَظُّنَا فِي الْحُطَامِ ، وَذَهَبُوا . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فِيمَا أَرَى أَنَا بِالْجَنَّةِ ، لَقَدْ بَايَنُونَا بَوْنًا بَعِيدًا .
وفي صحيح مسلم وغيره أن عمر رضي الله عنه دخل على النبي "صلى الله عليه وسلم" وهو في مشربته حين هجرَ نساءَه قال:" فالتفتُّ فلم أرَ شيئا يردُّ البصرَ إلا أهباً جلوداً معطونةًًًً قد سطعَ ريحُهَا ، فقلت : يا رسول الله ، أنت رسولُ الله وخيرَته ، وهذا كسرى وقيصرٌ في الديباج والحرير ؟ قال : فاستوى جالسا وقال : ( أفي شكٍّ أنتَ يا ابنَ الخطابِ . أولئك قومٌ عُجِّلت لهم طيباتُهم في حياتهم الدنيا ) فقلت : استغْفِرْ لي فقال : ( اللهم اغفر له ) .

وقال جابر:
: اِشْتَهَى أَهْلِي لَحْمًا فَاشْتَرَيْته لَهُمْ فَمَرَرْت بِعُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ : مَا هَذَا يَا جَابِر ؟ فَأَخْبَرْته , فَقَالَ : أَوَكُلَّمَا اِشْتَهَى أَحَدكُمْ شَيْئًا جَعَلَهُ فِي بَطْنه أَمَا يَخْشَى أَنْ يَكُون مِنْ أَهْل هَذِهِ الْآيَة : "وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَفْسُقُونَ" ( الأحقاف الآية 20)
وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم":" أُعطيت خمسا لم يعطهن أحدٌ من الأنبياء قبلي :نُصرتُ بالرُّعب مسيرةَ شهرٍ وجُعلتْ لي الأرضُ مسجداً وطهوراً ، فأيَّما رجلٍ من أمتي أدرَكتْه الصلاةُ فليُصلِّ وأُحلّت ليَ الغنائمُ ، ولم تُحلّ لأحد قبلي وأعطيتُ الشفاعةَ

وقال ابنُ عباس "إذا عسرَ على المرأةِ ولدُها تكتبُ هاتين الآيتين والكلمتين في صحيفة ثم تغسلُ وتسقى منها، وهي: بسم الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله العظيم الحليم الكريم، سبحان الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش العظيم”
"كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا" (النازعات الآية 46)
"كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ" (الأحقاف الآية 35) (الأذكار للنووي).
ويقول ابن سيرين في التأويل: من قرأ سورة الأحقاف تبدَّتْ له عجائبُ الدنيا.
انتهى... و إلى الله المنتهى .... سورة الأحقاف