النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: @@ حوار النظم والنثر@@

  1. #1
    رحمه الله
    تاريخ التسجيل
    Dec 2004
    الدولة
    نجد العذيه
    المشاركات
    6,537

    @@ حوار النظم والنثر@@

    [frame="8 80"]الشعـر في حوار النظم والنثر

    أن قضية التداخل بين المنظوم والمنثور عند الادباء تنتمي إلى المعلوم بديهة، فاكتفوا فيها بالإشارة، غير أنهم تأكدوا، بعد ذلك، أنها غير مستحضرة عند كثير من المحاورين في الموضوع، سواء من الشعراء النقاد أو من مناوئيهم من المحافظين. فقرروا توسيع النظر فيها من خلال التجربة الشعرية العربية، حيث تكون المعرفة في مقام الحجة.

    1 – تحيين الإشكال:

    يعتبر الموقف من الإيقاع أهم الإشكالات التي تطرحها الهوية الشعرية في القصيدة الحديثة، خاصة في العقود الأخيرة حيث صارت عبارة "قصيدة النثر" تثير ردود فعل متناقضة بعد أن هدأت المعركة حول مشروعية شعر التفعيلة. فبرغم التوسع الإنتاجي لقصيدة النثر، وبرغم كثرة الشعراء المقبلين عليها، فإن ذرعها النقدي ما زال مخترقا، هذا فضلا عما قيل ويقال حول علاقتها بالمتلقي أو تضحيتها به، وحول وفائها بمتطلبات الشعر عند من يصر على وجود ثوابت في هذا المجال. وقبل الدخول في عرض خيوط المشهد العام للمسألة في تاريخ الشعر العربي يحسن أن نحين الإشكال بالاستماع إلى صدى من أصداء تفاعلاته الحالية.

    سئل أدونيس أخيرا عن "الدعوات المكرورة لإقصاء قصيدة النثر من مسرح الشعر بوصفها كائنا هجينا". وكان السؤال كما هو صريح من صيغته استرفادا برأي أحد رواد القصيدة الحديثة. غير أن جواب أدونيس كان، بخلاف ما يستدعيه لحن قول السائلي، تشكيكا في المسألة كلها. تساءل أدونيس عما حققه "ما اصطلح على تسميته بـ"قصيدة النثر"، فنبه إلى أن المشروعية لم تعد مسألة خارجية، أي: هل يعترف الآخر أو لا يعترف؟ المسألة داخلية: مسألة "صناعة" و"فن" و"جماليات"، إلى غير ذلك من الألفاظ التي لا تسر الناظرين في قصيدة النثر بعين الرضا المطلق. ولتخفيف الوقع سوى بين الموزون والمنثور في المنطلق: الكل في الهم سواء. العبرة "بالفن"، قال: "ومسألة "قصيدة النثر" أصبحت الآن كمسألة قصيدة الوزن: داخلية فنية، وليست "خارجية" قبولا أو رفضا، بل بوصفها نوعا من الكتابة الشعرية. أقول ذلك لأنه لا يجوز الاستمرار في كتابتها بوصفها "مضادة" لقصيدة الوزن، فذلك يكشف عن "طفولة" لا تليق بالشعر، لا في وعيه ولا في لا وعيه على السواء، يجب أن تكتب هذه القصيدة نصا آخر في شجرة الشعر. أختا ورفيقة لقصيدة الوزن".

    وبعد إبراز مخاوفه من الركون إلى السهولة القاتلة للحس، أردف قائلا: "وما سمي "بقصيدة النثر" ليس إلا مجرد إمكانية لتعبير شعري آخر. وتبدو الآن عبر "ركام" الكتابات، كما عبرتما في كلامكما، أنها مجرد "مادة" لا "فن" فيها، والكتابة بها حتى الآن تعطي غالبا انطباعا بأننا أمام "بحر" أو "وزن" يتكرر بلا نهاية دون تقنية بارعة، أو جديدة تحل محل التقنيات الوزنية التي خرج عليها، فلم يخلق الانتقال من قصيدة "الوزن" إلى "قصيدة الثر" طرقا وأشكالا تعبيرية وتقنيات في مستوى هذا الانتقال الذي يمكن وصفه بأنه جذري، لكي لا أستخدم لفظة ثوري التي فقدت معناها".

    وبعد فإنما اخترنا كلام أدونيس تنشيطا للإشكال وتحيينا له، لأنه –بالإضافة إلى قامته شاعرا- ضليع في أطراف المسألة يمينها ويسارها، وقد بدأ يتحول إلى ضحية لشعاراته، كما تحولت نازك الملائكة ضحية لشعارات قصيدة التفعيلة.

    2 – المركز والهامش: القصيد والرجز

    لا نروم، في مقام الدارس الذي نفترض وجودنا فيه، الانضمام إلى إحدى القلعتين المتراشقتين بسهام التنافي. كما أن طبيعة عملنا تقتضي فتح البصيرة من موقع أعلى يسمح بمشاهدة أرض الشعر في أقصى حدودها. لذلك سنحاول تأمل حوار النظم والنثر في الشعر العربي (في ارتباط بمفهومهما اللغويين). النظم بمعنى التجميع والتنظيم في تناظر وتوازن، والنثر خلاف ذلك (التفريق الذي قد يكون ترسلا وقد يكون سجعا).

    وبذلك نترك الشعر (أو الشعرية) صفة قابلة مبدئيا لاستيعاب ما بين ضفتي النظم البسيط والنثر البسيط، وليس في هذا الكلام جديد. فمن مبتذل القول أن النظم وحده ليس شعرا، وأن النثر البسيط ليس شعرا وغير البسيط من النثر موضع خلاف في وصفه وانتمائه: شعر أم قصيد أم ليس شعرا ولا قصيدا؟ ولسنا في حاجة إلى التنبيه أن تمييزنا بين دائرة الفصيح (المعرب) ودائرة غير الفصيح (اللهجي) تمييز إجرائي، يسمح بالحديث داخل دائرة الفصيح مع الوعي بالتداخل الكبير بين الدائرتين.

    فنقول: إن الحوار بين الانتظام والنثرية قديم يعود إلى أقدم صور الوعي التصنيفي في تاريخ الشعر العربي، ويمكن النظر فيه ضمن حوار المركز والهامش: المركز معروف، يبني هويته ويحرص عليها، والهامش متحرك.

    من لوازم المركز ادعاء الكمال والمناسبة التاريخية، أما الهامش فصامت يتشوف إلى مواقع تدنيه من موطن الشرف المحجوز، قد يبادر بغزو منطقة من المركز مجربا حظه ثم يتراجع في الغالب.

    المركز في الشعر العربي القديم هو القصيد، والهامش، هو الرجز وما إليه من شعر يتغنى به في مناسبات الحياة العامة. فأصول المعاني التي استخلص منها اسم القصيد هي: التوسط والاعتدال، والاستقامة، والدسم والانقسام إلى قسمين متعادلين. "المقصد من الرجال، الذي ليس بجسيم ولا قصير". و"القصيدة من النساء: العظيمة الهامة التي لا يراها أحد إلا أعجبته".

    "القصد العدل واليسر والتوسط والاستواء: "وقصد فلان في مشيته إذا مشى مستويا".

    "والقصد: الكسر. وقيل: هو الكسر بالنصف".

    "وقصيد: مكسور، وتقصدت الرماح: تكسرت.. وقد انقصد الرمح: انكسر بنصفين حتى يبين: "والعظم القصيد: الممخ".

    فعلى أساس هذه المعاني، قيل:

    "والقصيد من الشعر: ما تم شطر أبياته، وفي التهذيب: شطرا بنيته، سمي بذلك لكماله وصحة وزنه. وهذا المعنى المستخرج من التوسط والاعتدال والانقسام هو الذي يتلاءم مع نقاد الأدب حين تحدثوا عن "مقصد" القصيد، كما ذكر ابن قتيبة في مقدمة الشعر والشعراء. أما الحديث عن القصد فناتج عن اعتبارات دينية تنزيهية، ولذلك أوقع القائلين به في التناقض كما في قول ابن جني: "سمي قصيدا لأنه قصد واعتمد، وإن كان ما قصر منه واضطرب بناؤه، نحو الرمل والرجز، شعرا مرادا مقصودا، وذلك أن ما تم من الشعر وتوفر آثر عندهم وأشد تقدما مما قصر واختل.. الجمع قصائد".

    أما الرجز فمرده معناه في اصل تسميته الاضطراب والارتعاد:

    "الرجز: داء يصيب الإبل في أعجازها. والرجز أن تضطرب رجل البعير.. والرجز: ارتعاد..".

    "والرجز: شعر.. وهو وزن يسهل في السمع، ويقع في النفس. "قال ابن جني: كل شعر تركب تركيب الرجز سمي رجزا".

    وقد اختلف فيه، فزعم قوم أنه ليس بشعر، وأن مجازه [ أي طريقه ] مجاز السجع، وهو عند الخليل شعر صحيح.. وفي التهذيب: وزعم الخليل أن الرجز ليس بشعر..".

    قال ابن مسعود: "من قرأ القرآن في أقل من ثلاث فهو راجز". قال: "إنما سماه راجزا لأن الرجز أخف على لسان المنشد، واللسان به أسرع من القصيد".

    هكذا اضطرب الرأي في نسبة الرجز إلى الشعر من جهة والسجع من جهة أخرى. وحين حاول صاحب اللسان الخروج بخلاصة لما استقر عليه الأمر جاء بكلام متناقض دال على ذلك البرزخ الذي وقع فيه الرجز، قال:

    "الرجز: بحر من بحور الشعر معروف، ونوع من أنواعه يكون كل مصراع منه مفردا، وتسمى قصائده أراجيز، واحدتها أرجوزة، وهي كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر، ويسمى قائله راجزا كما يسمى قائل بحور الشعر شاعرا". (لسان: رجز).

    نستخلص من هذه الأقوال المتضاربة ومن أقوال أخرى لا يتسع المقام لذكرها: وجود معنيين للرجز معنى عام ارتبط ببداياته ووظائفه الاجتماعية، وهو المعنى الذي يهمنا. ومعنى طارئ ورد عليه حين نزع إلى الارتقاء نحو القصيد متناولا أغراضه من مدح وهجاء..إلخ ممتدا بطوله وامتداده فأدرج ضمن بحوره، وقد تم هذا الانتقال في العصر الأموي عصر ثورة الرجز. فهذا التصنيف هو الذي يفسر اضطراب الأقوال المنسوبة للخليل (سواء كانت له أو لغيره) بين اعتبار الرجز نثرا واعتباره شعرا. فالرجز بمعناه العام ملتبس بالنثر حيث يوجد ما يوازي أشطرا منه في القرآن وكلام الرسول، والرجز بمعناه الخاص المتبلور في العصر الأموي ملتبس بالشعر. ولكنه لم يستطع مع ذلك دفع الشبهة.

    وقد لاحظ محقق ديوان العجاج أستاذنا عزة حسن، بحق، استمرار نظرة النقاد إلى الرجز بمفهومه العام في العصور اللاحقة برغم ما عرفه من تطور سما به إلى مستوى القصيد، فقال مستغربا تنقيص أبي العلاء المعري للرجز في رسالة الغفران في الصورة الساخرة المشهورة: "وقد فرق العلماء بين القصيد والرجز منذ القديم، ونظروا نظرة خاصة إلى الرجز والرجاز، استنقصوهم فيها، وجعلوهم دون سائر الشعراء، وأنزلوهم دون منازلهم. ومن الواقع أن الرجز قلما استعمله كبار شعراء العرب منذ أيام الجاهلية. وقد خلت منه دواوين النابغة الذبياني وزهير بن ابي سلمى وطرفة بن العبد وعنترة بن شداد وعلقمة بن عبدة. وليس فيه من ديوان امرئ القيس سوى أربع مقطعات. وقد أكثر منه بعض الإكثار لبيد بن ربيعة من أصحاب المعلقات، إذ جاء في ديوانه خمس عشرة أرجوزة ومقطعة من الرجز. وقد تفرد لبيد بذلك بين شعراء العرب".

    "والواقع أن الرجز تغير مع الزمن حتى ارتقى إلى مرتبة القصيد عند رجاز العصر الإسلامي.. وبان عما كان عليه في الجاهلية كل البينونة. ولكن نظرة الناس إليه لم تتغير مع الزمن، فظلوا ينظرون إليه نظرة دون نظرتهم إلى القصيد من الشعر، حتى قال المعري ما قال عن الرجز والرجاز في رسالة الغفران كما رأينا. وكان يعبر في كل قوله هذا عن رأيجمهور الناس في عصره وفي كل العصور التي سبقته".

    إن وصف بنيات الشعر وأنساقه من طرف العروضيين وحديثهم عن العيوب المقبولة والمرفوضة شبيه بعملية وضع النحو. حيث غلبت الأنساق البارزة الأكثر انتظاما على التحققات الشاردة المتعددة، وهذه ضريبة التقنين العلمي على الدوام. ومن الأكيد أن تقنين الرجز الناتج عن تطلعه نحو أنساق القصيد كان اختزالا قاتلا جعله هيكلا فارغا استغل فيما بعد لحفظ المحتويات العلمية وتحفيظها. ولم يسترد مكانته ومجده إلا حين أعيد إلى مجاله الحيوي أي الحياة في غير نسق صارم مع قصيدة التفعيلة. إذ احتل حيزا واسعا في بنائها خاصة في المراحل الأولى (في الستينيات).. فبدأ رحلة جديدة.

    ولم تكن المرحلة الممتدة بين تقنين الرجز وتحجيره وبين إعادته إلى الحياة وتفعيله في القصيدة الحديثة خالية من أي شكل ملتبس على هامش القصيد. فهذا يتنافى مع حركة الأدب ضمن محيطه اللغوي والمعرفي الجديد. لقد بدأ على تكون هامش جديد يمكن تجميع كل تشكلاته تحت مصطلح الموشح.

    الموشحات بين المركز والهامش:

    يمكن اعتبار ظهور الموشحات سدا لذلك الفراغ الذي تركه الرجز، الموشحات باعتبارها الظاهرة الأم المؤطرة لكل تجليات الهامش التي تشترك معها في منازعة سلطة المركز. هذه المنازعة التي تمتد من تنويع البحور والقوافي إلى تفتيتها والخروج عنها. لقد أعطت الموشحات لأحد قرائها الذين عشقوها، أعني، ابن سناء الملك نفس الانطباع الملتبس الذي أعطاه الرجز للقدماء اعتمادا على البصر والبصيرة والأذن، التباس الهوية. قال ابن سناء الملك: "الموشح: كلام منظوم على وزن مخصوص.. والموشحات تنقسم إلى قسمين: الأول ما جاء على أوزان أشعار العرب، والثاني ما لا وزن له فيها ولا إلمام بها.. وفي شجعان الوشاحين والطعانين في صدور الأوزان من يأخذ بيت شعر مشهورا فيجعله خرجة ويبني موشحه عليه..

    والقسم الثاني من الموشحات هو ما لا مدخل لشيء منه في شيء من أوزان العرب، وهذا القسم منها هو الكثير، والجم الغفير، والعدد الذي لا يحصر، والشارد الذي لا ينضبط، وكنت أردت أن أقيم لها عروضا، يكون دفترا لحسابها، وميزانا لأوتادها وأسبابها فعز ذلك وأعوز، لخروجها عن الحصر، وانفلاتها من الكف، وما لها عروض إلا التلحين".

    لهذه الاعتبارات وغيرها رأى ابن سناء الملك أن الموشحات ظاهرة جديدة غير مسبوقة معبرا بهذه العبارة البليغة المنطوية على سخرية من ادعاء القدماء الإحاطة بكل شيء، قال: "وبعد إن الموشحات مما ترك الأول للآخر، وسبق بها المتأخر المتقدم، وأجلب بها أهل المغرب على أهل المشرق، وغادر بها الشعراء من متردم، ملحة الدهر، وبابل السحر، وعنبر الشعر، وعود الهند، وخمر القفص، وتبر الغرب، ومعيار الأفهام، وميزان الأذهان، ولباب الألباب، تلهي وتطرب، وتونس وتطمع، وتخلب وتجلب.. هزل كله جد، وجد كله هزل، ونظم تشهد العين أنه نثر، ونثر يشهد الذوق أنه نظم. صار المغرب بها مشرقا لشروقها بأفقه، وإشراقها في جوه وصار أهلها بها أغنى الناس لظفرهم بالكنز الذي ادخرته لهم الأيام، وبالمعدن الذي نام عنه الأنام".

    ومع كل هذه الجدة، وهذا التميز الذي أحس به قارئ ممتاز من نمط ابن سناء الملك، فإن الموشحات مثل الرجز لم تعتبر نفسها بديلا للقصيد، بل ظل التوشيح صنعة بجانب القصيد وعلى هامشه، خاصة وقد ظل مثل الرجز مرتبطا بموضوعات خاصة: الغزل ووصف الطبيعة، كما ارتبط بالغناء حتى بدا فنا للفن من منظور وبطالة من منظور آخر. بل إن الموشحات بتغليبها الموازنات على الوزن قد انتهت إلى صور من الانتظام أكثر تعقيدا من القصيد، صارت في موقع بين الزجل والسجع والقصيد. لقد شكلت شقا في جدار القصيد سيتسع مع الأيام.

    لقد مهدت هذه الإجراءات الملينة لعريكة القصيد للخروج بسهولة من أنساقه (كما وصفها الخليل ومن عاصره أو جاء بعده) حين تهيأت الظروف لذلك. فامتد هذا الهامش مع حركة الإحياء، والحركة الرومانسية توجه خاص، عند شعراء المهجر وجماعة أبولو.. وغيرهم من الشعراء في جميع أنحاء الوطن العربي وتبلور أكثر في الكتابة المسرحية..إلخ. وعندما وصلت عملية التليين مداها الأقصى ظهرت حركة الشعر التفعيلي.

    ومع هذا الحركة تغير المطلب؛ أعلن تحويل المركز. إن شعر التفعيلة لم يشغل نفسه كما فعل الهامش القديم باستيعاب موضوعات القصيد والتشبه به لأخذ الجائزة، بل اقترح أولويات ترتبط بالحركة الرومانسية، ثم الحركات الثورية الاجتماعية: الغربة، الثورة.. إلخ. وبذلك خرجت الحركة الجديدة من حدود التغير الشكلي العابر إلى تخطيط موضوع جمالي بديل شكلا ومضمونا. وهذا ما أكسب هذه الحركة قوة دفع إذ صار الشكل نفسه مصبوغا بمعاني مقاومة الزيف الذي ألصق بأطر قديمة مختلفة تمتد من بحر الشعر إلى بحر الاستبداد. من المتوقع أن حركة تسير بقوة دفع من هذا القبيل قادرة على أن تستوعب من الغثاء بقدر ما تدعي كنسه. ومن خطاب التجاوز والتحطيم الذي أطلقته حملة التفعيلة، انطلقت موجة جديدة، موجة قصيدة النثر متجاوزة الحدود التي يستطيع رواد التجديد داخل الإيقاع العربي استيعابها.

    وكما أرعبت حركة التفعيلة رائدتها نازك الملائكة فعادت تضع الحدود وتشدد القيود، تشاءم مطلق قصيدة النثر حتى خيل إليه أن الشعر العربي ينتحر.

    لم تكتف قصيدة النثر بالخروج من الأنساق، أنساق القصيد القديمة كما فعلت قصيدة التفعيلة بل تجاوزت ذلك إلى تغييب التفعيلات نفسها.

    من القضايا الكبرى التي سجلناها في الفرق بين زمن امرئ القيس وزمن أبي تمام الانتقال من الصوت إلى الكلمة. ويمكن تمييز زمن أدونيس بالانتقال إلى النص والتعالق النصي في الفضاء البصري.

    إن نسبة الزمن إلى هؤلاء الثلاثة لا يعنى أكثر من استقطابهم لحساسية العصر وخصوصياته الكبرى إيجابا وسلبا، وتقلبهم في جوانبها خوفا من إفلات الزمام. ومن الأكيد أن غيرهم أشعر وأبدع في جوانب متعددة على الإفراد.

    ورغم الاعتراف بأن ليس في وسع أحد أن يعيد عقارب الساعة إلى الوراء، إلا إذا عزم على القيام بخدعة يكون أول ضحاياها، فإن حدود التجريب مطروحة للتأمل، خاصة بالنظر إلى المجرب والمجرب له.[/frame]

  2. #2
    احساس شاعــر
    تاريخ التسجيل
    May 2005
    الدولة
    جدة
    المشاركات
    547
    [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]اخي محمد السليس
    في غاية الأهمية موضوعك الشيق جدا
    وانا من المعجبين بك وبما تطرح من نقاط للحوار
    او بشيئ من الدقة والبيان ما يخطة بنانك من درر
    عظام من شعر فصيح ونبطي ومثور مورثة جميعها
    من اصالة عربية غناء لايشوبها التحريف والتبديل
    وهنا صورة معبرة لطرح جميل ....... ولكن
    هل كل من يتلقى مثل هذا الموضوع الأخير يفقه
    ما ناه اليه من معنى قدلا يعلمه الا المتخصصين
    في مجال النقد والحوار الأدبي الرفيع الذي يتحدث
    بمفردات اللغة الصعبة.
    هل لي بما يكون سهلا الى المتلقي حيث ان الكثير هنا
    ليسوا من الذين يفقهون ما يرد بهذه الطريقة وتجد
    من يقرأ هذا الموظوع لا يعلم ما المضمون الكبير الذي تضمنه
    وما ذاك الا انه لايعلم عمق المعنى الصعب فيه
    هذا اطراء مني قد اكون بالغت فيه ولكن اخ حظر لدى اخيه
    معرجا وموقعا اعجابه
    اخوك بدر سهران`[/grade]
    [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سأبقى بعيدا عن الأنظار متوشحا بحلاوة الغربة[/grade]

  3. #3

    ~ [ المشرفة العامة ] ~

    الصورة الرمزية أمل عبدالعزيز
    تاريخ التسجيل
    Jan 2003
    الدولة
    $بيتــــــــنا$
    المشاركات
    27,500
    موضوع رائع
    أشكرك أخي العزيز محمد على النقل
    ودمتــَ بود...
    [poem=font="Simplified Arabic,5,crimson,bold,normal" bkcolor="black" bkimage="" border="ridge,7,crimson" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black"]

    ياقلبي المتعب لك شهور منصاب=وين الفرح ؟ ماعنّه الوقت خبّر
    لاتلتفت للي يقولون لك طاب=ولا إذا قالوا تصبّر .. تصبّر
    إنت إنكسرت وخانتك فزعة أصحاب=وعمر الزجاج إللي انكسر ماتجبّر


    [/poem]






    خصخصة وتشفيــر منتديات غرابيـــل

    :واو:


    الدرس السابع من دروس الشعر النبطي ( الهلالي والمنكوس ) ... أمل عبدالعزيز ...




  4. #4
    وردة غرابيل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    3,304
    محمد السليس
    /
    موضوع قيم
    شكرا لطرحك العذب
    /
    /
    ورد


  5. #5

    قلب من زجاج


    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    437
    [align=center]أخي / محمد السليس

    موضوع رائع

    ومجهود تشكر عليه

    وكل ما تأتي به مفيد لأصحاب المواهب


    جزاك الله خيرا

    لك كل التقدير[/align]

  6. #6
    شـــــاعـــــر الصورة الرمزية علي عبدالرحمن الأسمري
    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    السعودية - أبـــــــــــــــــها
    المشاركات
    3,315
    ابو علي
    مميز في كل ماتكتب
    لك مني خالص الشكر والتقدير

  7. #7
    ~ [ نجم صاعد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    جـــــــدة
    المشاركات
    71
    أخ محمد السليس ,,,,,, موضوع شيق ولي وقفة متأملة معه ,,,,,

    سأعود قريبا جدا ,,, مع هذا الطرح المتميز ,,, وشكرا لك يا صائد الكلمة ,,,

    وأنار الله طريقك,,,,
    [align=center]أقفلت قلبي بمفتاح الهوى ندما ,,,, مني وألقيت للنسيان مفتاحي !!!
    [email protected][/align]

  8. #8
    مراقبة سابقة الصورة الرمزية سمووره
    تاريخ التسجيل
    Feb 2004
    الدولة
    الإمارات
    المشاركات
    27,756
    [grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]محمد السليس

    نقله رائعه من قلب ارووع

    الف شكر يعافيك ربي ويسلمك[/grade]



  9. #9
    ~ [ نجم صاعد ] ~
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    الدولة
    جـــــــدة
    المشاركات
    71
    اخي محمد السليس ,,,,, إذا رمت الأبداع ,,,,, نظرت إلى القلم فجاءك يتملّق ,,,,

    موضوع خلاب وساحر ,,,, وكم تمنيت أن طـُرح منذ وقت ,,,,

    وإن كان هناك من تعليق فأضم صوتي لصوت الأخ عبدالرحن القرني ,,,, فأرجوا أن تراعي اختلاف الثقافات في المنتدى وتراعي المباشرة في الطرح ) فليس كل من قرأ موضوعك سيتحمس للرد الا بكلمة ( موضوع جميل وشكرا ومع السلامة ,,,, )

    اخي محمد هذه عدة نقاط أضنها لا تقدم شيئا بعد قلمك ,,,,

    مهد لي العذر في نظم أتيت به ,,,,, من يملك الدر لا يهدى له الصدف !

    هل يعترف الآخر أو لا يعترف بقصيدة النثر ؟

    هذه اشكالية قديمة بدأت بظهور نازك الملائكة التي يقال أنها أول من كتب القصيدة الحرة ,,,,

    فالموضوع هذا بالذات قد علقت عليه في مشاركة سابقة ولكن لا بأس ببعض التعريج ,,,,

    قصيدة النثر أو الشعر الحر ( التفعيلة ) واقع موجود وأتوقع انا تجاوزنا قضية هل نقبل به أو لا نقبل؟ ......

    لكن السؤال هو .... طبيعة نظرتنا لقصيدة النثر,,,,,,

    أتوقع أن المسألة تتعلق بقناعة وفهم كل من يلحق بركب الأدب نحو الشعر ’’’’’’’ وما هو الشعر وما هي القصيدة؟

    هذا هو السؤال الفيصل ,,,,,,,, فلو تأملنا المشجعين لققصيدة النثر لوجدناهم يطرحون رؤى وأفكار لم تكن لتطرح لولا جو وروح الشعر الحر ( من وجهة نظرهم ),,,, -فلو تأملنا مثلا صعود الوتيرة الواحدة في قطعة نثرية ومن ثم هبوطها وتقلصها يخدم غرض يوحي للقاريء بمدى اتساع الفكرة وضخامتها ومن ثم اضمحلالها وزوالها- ,,,,,,لا أعتقد انه يُخدم من قبل الشعر العامودي ( وأيضا اقول من وجهة نظرهم ) ,,,,, هذا مثال واحد فقط ( مع أني لا أميل كثيرا نحو هذا النوع من القصيد )

    لكن هذا من مبررات اهل الشعر الحر لتفعيلتهم ,,,,,,,,,
    .
    .
    .

    ( فمن مبتذل القول أن النظم وحده ليس شعر ا ,,,,,, )

    عزيزي محمد ,,, هذه أيضا من المشاكل التي طرحت والسبب المفصلي هو الإنتماءات للمدراس الشعرية المتنوعة ,,,

    فكل مدرسة لها رؤية خاصة بفهوم النظم والشعر ,,,,,

    لو سأتلني عن رأيي الشخصي ’’’’ فليس كل نظم شعرا ’’’’ لماذا ؟؟؟

    ببساطة ,,,

    خذا هذا البيت ,,,,

    ماذا أقول له إن جاء يسألني ؟ ,,,,,, إن كنت أكرهه أو كنت أهواه ؟

    بالله يا اخ محمد وأنت من أنت في مكانتك الشعرية والأدبية ..... أليس من الظلم والإجحاف أن يحسب هذا البيت على الشعر ؟؟!!

    لا يفهم من قولي ,,,, اعتراضا على نزار ولكن ,,, نظرتي للشعر تتوقف على النص وليس من هو الشاعر ؟؟؟

    لو وجدت قصيدة مكتوبة في ورقة ولم يدون اسم شاعرها ,,,, ملقاه في الطريق ,,,, وتأملتها وتساقط شعري طربا من الإبداع ,,,,, لمجدتها وعلقتها على جدران بيتي ,,,,,,,لماذا ؟؟ الأبداع يفرض نفسه في كل حال

    وهذه نظرية نقدية تعرف بنظرية البنيوية ,,,,,,, ( نظرية موت الشاعر),,,, يعرفها اصحاب الاختصاص ,,,,

    .
    .
    .
    .
    ( ومع هذا الحركة تغير المطلب؛ أعلن تحويل المركز. إن شعر التفعيلة لم يشغل نفسه كما فعل الهامش القديم باستيعاب موضوعات القصيد والتشبه به لأخذ الجائزة، بل اقترح أولويات ترتبط بالحركة الرومانسية، ثم الحركات الثورية الاجتماعية: الغربة، الثورة.. إلخ. وبذلك خرجت الحركة الجديدة من حدود التغير الشكلي العابر إلى تخطيط موضوع جمالي بديل شكلا ومضمونا.) ,,,,,,,,,,,,,

    كلام في غاية الروعة والأهمية أخ محمد ,,,, وهذا يؤيد كلامي نحو مضي شعراء التفعيلة في تفعيلتهم ,,,,
    لأنه وبكل بساطة ( من وجهة نظرهم التي تحتاج لمراجعة ) رأوا ان التفعيلة تخدم اغراضا جديدة مهمة لم تكن لتأخذ ألقها ورونقها وحسها بوزنية القصيدة العامودية ,,,,,,,,,,, ( وإن دل هذا على شيء فيدل على عدم وضوح رؤية مهمة لديهم تجاه العامودية والشعر الوزني ,,,,, ألا وهية النظرة إلى ما وراء الجماليات الشكلية واللفظية التي يهتم بها الأدب ,,,,,, وهذه قضية مهمة جد مهمة ,,,,,( سيكون موضعي القادم بإذن الله عنه ,,,,,)

    فقط كل ما فعله أصحاب التفعيلة انهم ارادوا التمرد على الوزنية لأنها مرتبطة بمواضيع مباشرة مثل ,,,, الهجاء والمدح والفخر ,,,,,

    ولو أنهم أعطوا انفسهم وقتا لا بأس به لدراسة بعض النصوص الادبية الوزنية الحديثة لمبدعين أمثال الجواهرجي ,,, حمزة شحاتة ( مع العلم ان حمزة قد أكثر من الشعر الحر ) ,,,, ابو ريشة ,,,, وغيرهم,,, ( دراسة متعمقة تتعدى غاية الوقوف على النقد الأدبي وتصل إلى ما وراء هذا النص من نفسيات ورؤى ,,,,, ) لكان ذلك كافيا لإبانة أن العامودية تملك مقومات الاستمرارية وتخدم أيضا اغراضهم الجديدة ,,,

    .
    .
    .
    .
    الرجز ,,, الموشحات ,,,, ما كتبته عنها يعتبر بحثا رائعا يستحق الشكر وقد استفدت منه كثيرا اخ محمد ,,, لا حرمك الله الأجر


    وأكتفي بالقول أن ما كتبته عنها يعتبر من باب تتبع تاريخهما ومدى تتطور كل منهما وتعليقي عليه لا يخدم القضية الأدبية والنقدية التي أفضلها دائما ,,,, فعرضك عن الرجز والشعر يصب في بئر المعلومات المباشرة ’’’’’ وأكرر شكري لك يا استاذي الفاضل ,,,,

    في النهاية إن كان هناك من طلب ( كما يطلب التلميذ من استاذه ),,,, فهو ان يكون طرحك ابسط من ذلك لأني أخ محمد لم أرى من علق على موضوعك تعليقا يليق بهامة هذا الطرح ,,,,,

    أتمنى ان تراعي المباشرة أخ محمد ,,,,,

    ولا تحرمنا هذا الإبداع ,,,, دام قلمك

    وأنار الله طريقك ,,,,
    [align=center]أقفلت قلبي بمفتاح الهوى ندما ,,,, مني وألقيت للنسيان مفتاحي !!!
    [email protected][/align]

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •