عندما تستقيم النفوس على طاعة الله سبحانة , ويعرف كل إنسان حقوقه وواجباته ويترسخ الإيمان في القلوب فإن هذه الرقابه الإيمانية والوازع الديني في قلب المؤمن يعد حارسا يقظا يحجز الفرد عن المعاصي والآثام ...
وتأملي معي قول الله عز و جل : [ يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء و ما يعرج فيها وهو معكم أين ماكنتم و الله بما تعلمون بيصير ] ( الحديد : 4 )
وقوله جل ثناؤه : [ يعلم خآئنة الأعين وماتخفي الصدور ] ( غافر : 19 )
فالإسلام يربي النفوس على الخشية من الله سبحانه في السر والعلن , ويزكي تلك النفوس الأمارة لتصبح مطمئنه بطاعه ربها , راضية بما قسم لها , ولو نُزع هذا الإيمان من القلب لتحول الإنسان إلى وحش كاسر وسيل مدمر , لايردعه رادع ولا يزحره زاجر .....
وانظري إلى تفاقم الجرائم في المجتمعات المعاصرة التي أعرضت عن الإيمان وتخلت عن طاعة الرحمن , فلم تمنعها القوانين من الظلم والطغيان ..
وانتقل إلى مشهد يعد نموذجا من الآف النماذج المشرقة لبيان الرقابة الإيمانية في نفوس أهل التقوى لتجد الفرق الكبير بين هؤلاء
وأولئك :
فقد انطلق عبد الله بن عمر رضي الله عنه ذات يوم خارج المدينة فاشتد عليه العطش , وإذا به يجد راعيا ومعه بعض الأغنام , فطلب منه شُربة لبن فسقاه , ولكنه سأله مره ثانية يختبره قائلا : ( اذبح لنا شاة وهيء لنا منها طعاما )
فقال الراعي : ( الغنم ملك لسيدي , وقد أذن لي أن أسقي عابر السبيل , ولم يأذن لي بذبح شيء منها )
فقال عبدالله بن عمر : ( وأين أنت من سيدك الآن ؟ قل له أكلها الذئب ) ......
وهنا انتفض الأعرابي بقوة قائلا : ( فأين الله ! فأين الله )
فبكى عمر رضي الله عنه ثم اشترى الراعي من سيدة واعتقه
إنها مسألة مقررة في نفس المؤمن الصادق لا تحتاج إلى تردد أو توقف , فالله سبحانه لاتخفى علية خافية , وإذا تحايل الإنسان على الآخرين ونجا من المساءلة والعقوبة الدنيوية فكيف ينجو من عذاب الله يوم القيامة ؟!!
والله عز وجل يقول : [ ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ] ( ق : 16 )
ويقول الله عز وجل [ إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ] ( آل عمران : 5 )
فالله سبحانه عليم حكيم , يعلم دبيب النملة السوادء في الليلة الظلماء في الصخرة الصماء ومن تجرأ على معصيته فقد تعرض لغضبة وعذابه
[ إن ربك لبالمرصاد ] الفجر : 14
[ إن عذاب ربك لواقع *7* ما له من دافع ] الطور
فليحذر المسلم من نفسه الأمارة بالسوء ووساوس الشيطان وليعتصم بالإيمان والتقوى فهو الحصن الحصين والسد المنيع في وجه طغيان الشهوات ونزوات النفس ..
[ و من يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم ] آل عمران : 101
منقول