الفصل الثاني
تمدد مؤتمن بركات علي سريرة يستدعي النوم .. لكن هيهات ..
كان لأم ميسور النصيب الأكبر في فشل محاولاته جلب النوم .. نعم .. كان صوتها الحهوري الاجش العامل الحاسم في طرد النعاس من عينا مؤتمن .. قرر أن أن يقوم من مرقده .
خطا نحو المائدة يلملم كتبه .. مع كل خظوة و مع كل حركة كان وخز ألم رقبته يجعله يشرئب كما لو كان يتفاداه .
جلس علي الكرسي يفكر في العلاج المناسب لحالته ..
هم بالقيام الي مستودع كتب طب الرقاب ..
لكن الألم أجلسه مرة أخري علي الكرسي ..
بسبب الوخز المنتظم و فشله في تشخيص الاصابة الحادثة برقبته و اكتشافه ضبابية ذاكرته المسئولة عن أصابات الحشرات .. شعر بالخو ف فأسرع متحاملا الي المراة بالحمام
صدمته الرائحة الكريهة .. لم يهتم .. قصد المرآة .. نظر اليها بتركيز شديد .. ازاح الشعيرات النافرة من لحيته الكثة .. لم يلحظ من قبل أن الشيب طال معظم لحيته .
تحسس مكان الألم و نظر الي المراة يستطلع حجمه و نوعه .. أدار رأسه قليلا و هو ينظر الي المرآة عله يحصل علي رؤية أفضل لكن الالم الشديد جعله يتراجع .
حصل مؤتمن بركات من اللمحة السريعة أثناء محاولته لف رقبته علي أكتشاف زاده حيرة .. لم يري من قبل اصابة مثل اصابة رقبته .. لا في الطبيعة .. و لا في جميع الكتب التي طالعها .. فبدلا من تورمها و انتفاخ الجلد الي الخارج كانت اصابة رقبته غائرة الي الداخل كما لو كانت طعنة مسمار صغير بؤرتها سواد و محيطها أحمر .
عاد الرجل الي فراشه محاولا النوم ..لكن الضجيج و صوت أم ميسور تنادي علي سلعتها الوحيدة هزم جميع محاولاته .. تلك العجوز حمقاء لا تدري أن حشرجة صوتها الاجش و هي تعلن عن بضاعتها بندائها اليائس كفيل بطرد الراغب بالشراء .
قام مؤتمن غاضبا قاصدا الشرفة .. تعثر في بعض الثياب الملقاة علي الارض علق احداها بقدمه .. انه سرواله الذي لم يلبسه منذ زمن..انحني ليلتقته .. تذكر صديقه بن حكيم ..
ذاع صيت بن حكيم بالمدينة في الاونة الاخيرة بعدما بدل صنعته من اصلاح الاحذية الي التطبيب ..
سمع مؤتمن الرجال المجتمعين تحت الشرفة .. يتحدثون أن والي المدينة اختار بن حكيم ليكون وزيره الناصح يعمل بن حكيم عند الوالي .. يسامره وقت فراغه .. عمله الرائج كنطاسي المدينة يحتاج كثيرا من وقته.
وضع مؤتمن رجليه في السروال ثم جذبه لاعلي .. انفجر الألم في رقبته لكن من الجهة المقابلة للاصابة السابقة .. استكمل شد السروال الي الخاصرة ثم بدل خطواته نحو الحمام ..
نظر الي المرآة .. زكمت أنفه رائحة الحمام .. اصبح عنده اصابة جديدة .. في كل جانب من رقبته اصابة ..
اسرع الي غرفته غير عابئ بألم رقبته .. فتش في كل الغرفة لم يجد أي حشرة .. رفع فراشه .. نفضه بعنف .. نظر الي الارض لم يجد أي حشرة .. ربما كانت حشرة سوداء بلون سواد الارض .. لكن لا حشرة.
احتار .. في كل كتب الطب لم يذكر فيها شئ عن مرضه ..
تذكر أن جميع الحكماء ذكروا في الكتب المخزونة عنده أن المرض أي مرض له اسباب .. و علاج الامراض يبدأ من معرفة الاسباب .. و الاسباب تتنوع اما من داخل جسم الانسان أو من خارج جسمه مثلا بسبب حشرة أو ثعبان .. مؤتمن متأكد أن حالته ليست بسبب عضة أفعي أو ثعبان ..
مرة اخري تذكر مؤتمن صديقه بن حكيم .. لماذا لا يقصده ..يطلب منه نصيحة أو حتي دواء ... لا لن ينسي بن حكيم مؤتمن و فضله عليه عندما اعاره كتاب المبتدئ في الطب و بها استطاع بن حكيم ترك النعال واصلاحها ليمتهن الطب.. سيذهب اليه ليسأله التشخيص و الاسباب ثم التداوي و العلاج .
من علي المشجب سحب مؤتمن بركات عمامته ..
وضعها فوق رأسه ....
غادر بيته الفسيح الي مشفي ابن حكيم .
يتبع