[frame="9 80"]هذه قصة ربما تكون طويلة وربما لايريد البعض قراءتها لطولها ولكن أتمنى أن تقرؤها ففيها شيء مهم جداً جدا جداً وليس المسألة بعبرة أو ماشبهها ولكن أخي القارئ قم بقراءة القصة وستجد ماأوحيت اليه .
يحكي انه في القرن الأول الهجري كان هناك شاب تقي يطلب العلم وهو متفرغ له ولكنه كان فقيراً وفي يوم من الأيام خرج من بيته من شدة الجوع ولأنه لم يجد مايأكله فانتهى به الطريق إلى أحد البساتين التي كانت مملوءة بأشجار التفاح وكان غصن شجرة متدليا في الطريق فحدثته نفسه أن يأكل هذه التفاحة ويسد بها رمقه ولاأحد يراه ولن ينقص هذا البستان بسبب تفاحة واحدة ، فقطف تفاحة وجلس يأكلها حتى ذهب جوعه . ولما رجع إلى بيته بدأت نفسه تلومه وهذا هو حال المؤمن دائما جلس يفكر ويقول كيف اكلت هذه التفاحة وهي مال لمسلم ولم أستأذن منه ولم استسمحه فذهب يبحث عن صاحب البستان حتى وجده فقال له الشاب ياعم بالأمس بلغ بي الجوع مبلغا عظيما وأكلت تفاحة من بستانك من دون علمك وهاأنذا اليوم أستأذنك فيها فقال له صاحب البستان : والله لاأسامحك بل أنا خصيمك يوم القيامة عند الله .
بدأ الشاب المؤمن يبكي ويتوسل أليه كي يسامحه وقال له أنا مستعد أن اعمل أي شيء بشرط أن تسامحني وتحللني وبدأ يتوسل إلى صاحب البستان وصاحب البستان لايزداد إلا إصرارً وذهب وتركه والشاب يلحقه ويتوسل اليه حتى دخل بيته وبقي الشاب عند البيت ينتظر خروجه إلى صلاة العصر ... فلما خرج صاحب البستان وجد الشاب مازال واقفاً ودموعه تحدرت على لحيته فزادت وجهه نوراً غير نور الطاعة والعلم فقال الشاب لصاحب البستان ياعم إنني مستعد للعمل فلاحاً في هذا البستان من دون أجر باقي عمري أو أي أمر تريد ولكن بشرط أن تسامحني عندها اطرق صاحب البستان يفكر ثم قال يابني إنني مستعد أسامحك الآن لكن بشرط فرح الشاب وتهلل وجهه بالفرح وقال : أشترط مابدالك ياعم فقال صاحب البستان شرطي هو تتزوج ابنتي .
صدم الشاب من هذا الجواب المذهل ولم يستوعب بعد هذا الشرط ثم أكمل صاحب البستان قوله ... ولكن يابني أعلم أن أبنتي عمياء صماء وأيضاً مقعدة لاتمشي ومنذ زمن وأنا أبحث لها عن زوج استأمنه عليها ويقبل بها بجميع مواصفاتها التي ذكرتها فإن وافقت عليها سامحتك .
صدم الشاب مرة أخرى بهذه المصيبة الثانية .
وبدأ يفكر كيف يعيش مع هذه العلة خصوصاً أنه مازال في مقتبل العمر؟
وكيف تقوم بشؤونه وترعى بيته وتهتم به وهي بهذه العاهات ؟
بدأ يحسبها ويقول أصبر عليها في الدنيا لكي أنجو من ورطة التفاحة .
ثم توجه إلى صاحب البستان وقال له ياعم لقد قبلت ابنتك واسأل الله أن يجازيني على نيتي وأن يعوضني خيرا مما أصابني .
فقال صاحب البستان ... حسناً يابني موعدك يوم الخميس القادم عندي في البيت لوليمة زواجك وأنا أتكفل لك بمهرها فلما كان يوم الخميس جاء الشاب متثاقل الخطى ... حزين الفؤاد ... منكسر الخاطر... ليس كأي زوج ذاهب إلى يوم عرسه فلما طرق الباب فتح له أبوها وأدخله البيت وبعد أن تجاذبا أطراف الحديث قال له يابني تفضل بالدخول على زوجتك وبارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما على خير وأخذه بيده وذهب به إلى الغرفة التي تجلس فيها ابنته وتركه لوحده فلما فتح الباب ورآها فإذا فتاة بيضاء أجمل من القمر قد انسدل شعر كالحرير على كتفيها فقامت ومشت أليه فإذا هي ممشوقة القوام وسلمت عليه وقالت السلام عليك يازوجي .. أما صاحبنا فقد وقف في مكانه يتأملها وكأنه أمام حورية من حوريات الجنة نزلت إلى الأرض وهو لايصدق مايرى ولايعلم مالذي يحدث ولماذا قال أبوها ذلك الكلام ... ففهمت مايدور في باله فذهبت اليه وصافحته وقبلت يده وقالت أنا عمياء من النظر إلى الحرام ،وبكماء وصماء من الاستماع إلى الحرام ، ولاتخطو رجلاي خطوة إلى الحرام ، وأنني وحيدة أبي ، ومنذ عدة سنوات وأبي يبحث لي عن زوج صالح فلما أتيته تستأذنه في تفاحة وتبكي من أجلها قال أبي من يخاف من أكل تفاحة لاتحل له حري به أن يخاف الله في ابنتي فهنيئا لي بك زوجا وهنيئا لأبي بنسبك .
وبعد عام أنجبت هذه الفتاة مع هذا الشاب غلاماً من القلائل الذين مروا على هذه الأمة ... تدرون من هذا الغلام ؟
إنه الإمام الشافعي صاحب المذهب الفقهي المشهور .
قال الله تعالى [ ومن يتق الله يجعل له مخرجا (*) ويرزقه من حيث لايحتسب ]سورة الطلاق الآيتان : 2،3)[/frame]