في مرحلة دراستي المتوسطة، كانت (حصة) الرياضة هي المتنفس الوحيد الذي نكسر به رتابة الفصل ورذاذ الطبشور، وجمود (الببغائية) التعليمية، المرتكزة على (احفظ، تنجح).
يغيب كل الأساتذة فنفرح بغيابهم، ويتأخر معلم التربية البدنية "يوسف العصيمي نجم وقائد سلة الهلال السابق" فتتحول مطالبتنا البريئة إلى فوضى عارمة في الأسياب، مطالبة بسرعة حضوره، ودحرجته للكرة في ميدان مدرسة لن أنساها، ويا ليت الزمان يعود..
كان المعلم يلعب معنا، ويعلّمنا أسس وضوابط التنافس (الشريف). كان لا يتورع عن إيقاف الكرة ألف مرة إذا ما خرج أحدنا عن النص، إما (بزحلقة) عنيفة على أرجل بريئة سوى من الموهبة التي حباها الله إياها، أو كلمات (بذيئة) توغر النفوس، وتفرق الجماعة، وتسقط أسس الرياضة. كان النظام حاضرا بحضوره، وكان لا يتورع عن العقاب، حتى لو كان بحرمان المخطئ من ممارسة الكرة، كنوع من التأديب المعنوي والحقيقي، لحين التأكد من استيعاب الطالب درس النظام والأخلاق. لم يكن معلمي بحاجة إلى وقت طويل للتعرف على التجاوزات والأخطاء، ولم يكن يؤجل العقاب، كحرصه على تقديم الثواب. كان التهاون في تطبيق النظام الذي وضعه لنا يعني الحرمان من أشياء كثيرة، لذا لم نكن نغامر بأي تجاوز. كنا نتنافس مع الفصول الأخرى، لكنه تنافس الشرفاء. كانوا إخوة لنا.. نتحداهم.. ويتحدونا.. وفق أسس معلمي.. نجم السلة.. ويا ليت الزمان يعود..
تذكرت ذلك كله وأنا أرقب قضية كالون وأطرافها (الهلا-اتحادية). الاتهامات الهلالية لأطراف اتحادية في (إفشال) كل ما هو أزرق هي مخيفة، وكارثة، ليست بحق الهلال، لكنها بحق الرياضة السعودية، وضرب لكل الأسس والأنظمة وأدبيات التفاوض. أما من أراد ربط هذه القضية بقضية بشار عبد الله، وجاسم الهويدي فهو واهم! فالمفاوض الهلالي، كما هو معروف، لم يخف نفسه تحت أستار الظلام ! كان بندر بن محمد واضحا وضوح الشمس، وكان عرضه أقوى وأكثر من النصر، فانتصر الهلال بالصفقتين. وهذا هو الاحتراف، وهذا هو الفرق بين ( المفاوضة) و (المزايدة ) بغرض إفشال الآخر.
أجزم أن كل من يتوارى في إخفاء موقفه في القضية (الهلالية-الكالونية) تحت أي ذريعة هو معول هدم ومساهم في إذكاء روح الفرقة والتشرذم الرياضي. للهلاليين الحق كل الحق في الدفاع عن حقوق ومكتسبات ناديهم، ويحسب للاتحاد السعودي هذا التحرك السريع في معرفة أطراف القضية. الهلاليون كما صرحوا في أكثر من مقام لم يستقصدوا الإطاحة بمنصور البلوي كما يروج الآن من بعض (السطحيين)، لكنهم أكدوا حقهم في كشف المتجني في (تهريب) وتشويه الرياضة السعودية.. قضية كالون لم تكن هلالية، بل هي قضية رأي عام، وإن تلبست بزي رياضي.
يقال: ابحث عن المستفيد، لتعرف الجاني، ونحن صرخنا واستصرخنا الجميع وبصوت عال ... من المستفيد ! دعك من كالون، وسفره، وطريقة ( تهريبه) الدرامية لجدة، من المستفيد من ذلك كله! دعك من المبلغ (الضخم) الذي كان سيدفع لكالون، من المستفيد! دعك من محاولة شق العصا الهلالية ومحاولة زعزعة كيان مؤسساتي رياضي قدم وما زال يقدم الكثير لرياضتنا السعودية، من المستفيد! من المستفيد في سلك سبل غير مشروعة وإضفاء روح الشرعية عليها، ومن ثم التلبس بزي البراءة والتنصل مما اقترفت يداه تحت ذريعة (القانون لا يحمي المغفلين)! من المستفيد في تهريب (الجمعان) الهلالي ليلة النهائي الشهير بطائرة خاصة؟ من المستفيد من (الوعيد) والتهديد (بتدمير) الجار؟ من المستفيد من تصريح قرب التعاقد مع (لاعب وسط دولي) إبان مشاركة منتخبنا في نهائيات كأس العالم الأخيرة ولم يكن حينها إلا نواف التمياط ؟ من المستفيد من استغلال (ثقوب النظام)، كما اعترف أرجوزته، لتمرير فكره الفاسد! من المستفيد من نشر الفرقة والحسد والبغضاء والشحناء في مجتمعنا الرياضي! من المستفيد من تخريب مشهدنا الرياضي وتحويله لصراعات ليقتات هو على قمة الضوء والفلاش من المستفيد! من المستفيد من تحويل ميادين الكرة لدينا إلى ساحات وغى وحروب إعلامية باتت تعرض بالدين والعرق واللون والجنس والفكر! من المستفيد من تأجيج الجماهير وتفريقهم ! من المستفيد من تحويل رياضتنا إلى ( مافيا) مظلمة سنعود معها إلى عصور أكثر ظلامية! من المستفيد من (خندقة) رياضتنا وتفتيت لحمتها! من المستفيد من (تأزيم) براءتنا الرياضية وإدخالها مستنقعات خربة! من المستفيد من تدمير أسس معلمي السابقة.. ويا ليت الزمان يعود.. وأظنه عاد..
نوافذ
اختزالية الاتحاد النادي في شخص كان من كان هو جرم في حق تاريخ الاتحاد الكيان.
منصور البلوي قدم الكثير للاتحاد، وهذا أمر لا أحد يشك فيه ولا يمكن لعاقل أن ينكره.
على الرئيس (المستقيل) إثبات حبه ودعمه للنادي من خلال دعمه وهو خارج سدة الرئاسة.
سؤال بسيط: لو حصل ما حصل للهلال مع أي ناد آخر، فكيف ستكون ردة الفعل؟
(كاتب الحراج) بدأ يخرج ملفات درجه ( القديمة) رغبة في تأليب الرأي العام..
ما يعرفه الوسط الرياضي أن النصر تسلم من الهلال قيمة (تعويضية) مقابل التنازل عن جورج آرثر، فما الذي تغير الآن !!
تشمتوا كثيراً بإفشال الصفقة.. ولما سمعوا (الخبر) الصاعقة.. استصرخوا الجميع (بريء).. عجايب!!
عادل التويجري- جريدة الأقتصادية