رسالة من تحت الفقر
أنا العم محمد يكنوني (أبو العيال) بلغت من السن 69 عام قوعدت وقعدت ، بأمر النظام ،ويصرف لي (1200) ريال كل ما تكرمت به علي مصلحة التقاعد عدد أفراد أسرتي 14 فردا بنات، وأولاد، صغار، وكبار اعذرني يا سيد القوم لا اعرف معنى لتحديد النسل، ولا املك لما كتب الله من رد .
هل تعلم ياسيدي أين أقيم؟ أقيم في غرفتين سقفها من صاج وجدارها من طين أخشى الصيف وأخاف الشتاء ويرعبني نزول المطر الناس تصلي لنزول الغيث وتدعوا ، وأنا وأولادي نرفع أيدينا للسماء ربنا لا تنزل علينا الغيث ، فلوا نزل نسبح فيه ويذهب ما بقي لنا من أثاث بال في كومة الماء والطين يعني لا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار..
يا سيدي :
ليال كثيرة أجلس بجوار منزلي لا أستطيع الدخول للمنزل هل تعلم لماذا ؟ بيدي قائمة لمتطلبات أبنائي الصغار لم احضر منها شيئا ومن أين لي ..لا يوجد فيها شوكلاتة (جالكسي) ولا بسكويت أبو التمر ،ولا توجد بها لعبة لا يوجد بها حلم من أحلام الصغار، أبني الصغير يريد قلم رصاص المدرس يوبخه يوميا لصغر قلمه الذي أذهبته البراية ابنتي تريد ( بكلة ) أو ما تسمى ( شباصة ) خضراء بحسب تعليمات المعلمة ما تملكه منذ سنين بكلة حمراء ممنوعة مرفوضة زوجتي حلفتني أنا لا أعود المنزل إلا ومعي ربع كيلو سكر أبنتي المراهقة ترحم ضعفي ولها مطلب منذ عام أبي أريد تغيير حقيبتي المدرسية ومريولي أرها في عينها وقلبي يتفطرفالأمر من المحال ،أبني سعيد بالمرحلة المتوسطة قال له مدير المدرسة لا تأتي يوم الغـد إلا ومـــــــعك ( شماغ ) تضعه على رأسك كيف يضع (شماغ ) وثوبه يغسل يوميا منذ عام أبلاه الماء وكدره الزمان أبنائي يتناوبون لبس ملابس الرياضة كلهم يرتدون اللون الأخضر مع أن لكل مرحلة لون مختلف هل تعلم لماذا ؟ هو ما وجدناه في كيس الصدقة الذي تفضل علينا به فاعل الخير ولسان حالهم يقول (نحن نعشق الأخضر ولا نستبدله بإي مال) كل الجيران على حالي فحينا كله على نفس الحال اعتراه البؤس وأعياه النسيان...
ياسيدي :
مستلزمات وقائمة صغيرة كبيرة إلى جانب راتبي وحالي ، قد يقول قائل راجع الضمان هل راجع القائل الضمان ؟! يوميا عشرات بل مئات ينتظرون في فناء لا يتجاوز (5) أمتار تحت أشعة الشمس والغبار، وقائمة طلبات لا تنتهي وفي النهاية مبلغ مقطوع أو مكافأة لا تغني ولا تسمن من جوع..
ياسيدي :
كل الناس تفرح بالعيد وأنا احمل همه قبل أن يرحل العيد للعيد الجديد لو كسوت نفسي فلن اكسوا زوجتي ولو كسوة زوجتي فلن اكسوا أولادي ولو كسوت البنات فمحال أن اكسي الأولاد..
ياسيدي :
أطفالي يسمعون أن هناك حلوى لا يعرفونها ، شبسي ، قنبري ، متطلبات الأطفال ..
ياسيدي :
أولادي يعلمون أن هناك ( آيسكريم ) لا يذوقونه مع أنه عشق الأطفال ..
ياسيدي :
الكهرباء تريد ،المجاري تريد ،الهاتف يريد( عفوا مقطوع منذ عام )صاحب صهريج الماء يريد ، البقالة تريد ..
هل تعلم ياسيدي ؟ أن عشائي أنا وأبنائي الأربع عشر على ( علبة فول ) باقي على تاريخ صلاحيته يوم او يومان شريانه من الجملة والتخفيضات ورغفين خبز يعني لكل طفل لقمة لا لقمتان ..
ياسيدي :
انا لا اشرب القهوة إلا في المناسبات حزن أو فرح إذا ما دعوت لها وأنا بدوي وأبن كيف ولي عام لم احضر الشاهي إلى بيتي ومن سوء حظي لم ادعوا منذ عام .
ياسيدي :
يتغطى كل خمس من أبنائي بغطاء بالي ممزق يستر جزء ويفضح أجزاء
ياسيدي :
نحن لا نشرب الحليب والمشكلة أن وزير الصحة يأمرنا أن نشرب الحليب ويقول برنامج الأطفال ( يا أولاد يا بنات اشربوا الحليب في الصحة في القوة اسألوا الطبيب ) هل سنجد موعد لنسأل الطبيب مريض القلب أعطي موعد بعد عام فلو سألنا عن الحليب سيكون حتما بعد عشرين عام ..
ياسيدي :
حاولت أحسن وضعي و(أكد)على سيارتي التي تحتاج لمعين قديمة لا يهم سأتحمل أعطالها ، طاردني العسكر وأرهقت كاهلي القسائم ،راجعت فقالوا لي (5000) ألاف كدت أموت فتركتهاعدت بعد عام قالوا هناك عفو فوجدتها قد تضاعفت مرتان قلت وما حكاية العفو قالوا أنت قروي العفو للمساجين تحمل ( أهل الخير)عنهم الدين ادفع أحسن لك لا نقطك بالتوقيف مع الصبيان . لو قسطوها لي كل شهر (100) ريال لم أستطع تسديدها ولو بعد مائة عام أتخفى من المرور وأمشي في الشوارع الفرعية خشية قسيمة أخرى ، وربما أموت وأنا مدان للمرور ترى هل سأحاسب في قبري أم انتظر مسامحة المرور .
ياسيدي :
أريد نظارة طبية قالوا لي فتش عن فاعل خير.
أريد دواء للشيخوخة قالوا لي فتش عن فاعل خير.
أريد أن ادخل ابني الجامعة (معدله منخفض) قالوا فتش عن فاعل خير يدفع لك رسوم الدراسة !! الدراسة بالمال ؟ نعم أصحاب المعدلات المنخفضة بالمال الجامعة للمبدعين ..
ياسيدي :
الإبداع يحتاج لإمكانيات إذا ابنائي لن يتفوقوا هم لا يملكون الإمكانات ..
أريد أن يعمل أبني خادم أو سائق في أي وزارة قالوا لي فتش عن فاعل خير.
بت أنام واصحوا لعلي أجد فاعل الخير ماذا اصنع علمنا ديننا أن لا نسأل الناس ونتظاهر بالغنى ونحن أحوج الناس .
ياسيدي :
جد لنا فاعل الخير المزعوم هذا كلنا يحتاجه بلا مقدمات
ياسيدي :
نحن نحبك ونعشقك وندعوا الله لك ليل نهار نبكي فراقك نسعد لحضورك نشقى لتعبك نموت فدائك فأمر من حولك أن ينظروا لنا أن يوصلوا أصواتنا مطالبنا حاجاتنا لك فأنت رحيم رأينا دموعك تذرف على الفقراء والأرمل وعند النكبات ...لا نريد الكثير فقط نريد الأساسيات ..
ياسيدي:
لا نريد الكثير فقط اعطنا كسوة للشتاء و للصيف وكسوة للمدارس و للأعياد واعدك يا سيدي إن أعيش باقي العام على حفنة الريالات من راتب قدمت له عمري وخدمت من اجله ثلاثين عام ونهايتها آلف ومائتي ريال من مصلحة ( المت... قاعدين )..
ياسيدي :
أنا انتظر عودتك لا لمكرمة بل لأن قلوبنا تقر بحضورك وتفرح وتهنأ لعودتك و لشفائك ونفسي لك وفدائك حتى الممات..
ياسيدي :
هناك عشرات بل مئات الرسائل لا تصلك من الشباب العاطل نساء رجال من الأرامل من ذوي المساجين من العجائز في الأربطة بلا غذاء ودواء من الأيتام في دور الأيتام . ابني شارف الأربعين بلا زواج والآلاف من الأبناء في وطن العطاء!!
ياسيدي :
خالد رحلوه عن البلاد وهو ابن البلاد ليجد دار الرعاية في بلد الجوار لترعاه كل ذنبه انه أسمر البشرة فقير الحال ..
ياسيدي :
كثر هروب الفتيات من بيوتهن يرحلن من البؤس والشقاء للشقاء ..
ياسيدي :
كيف الحال وكيف المآل وكيف؟ وكيف؟ وكيف؟ أتعبنا الحال ومزقتنا الهموم وتبخرت الأحلام والآمال ..
ياسيدي:
أخشى أن ارضخ للسؤال فأكنى بين الناس بالمتسول (ابو العيال )
هي رسالة من واقع الحقيقة لا نسج الخيال
محبك وخادمك عم محمد ( أبو العيال )
بقلم جميل الثبيتي
الأحد 17/ ربيع الأول /1432هـ