كل انقلاب لا ينطلق من رؤية خلفه ، ويرتكز على اللحظة ، فهو لا يعد إلا أن يكون " فزعة" قد توصل بصاحبها إلى التحول من "بطل" إلى " أداة تحكم ".

وصل الأهلاويون بعد عامين إلى سر البلاء ومكمن الداء ، وهذا الوصول يشبه إلى حد كبير الوصول إلى حقيقة الحياة عند الاحتضار .. فهل ذلك الوصول للنقطة التي وصل لها الجمهور في ذلك الوقت يعد نوعا من الاستجداء والانطلاق من نقطة اللعب على العاطفة وكسبهم كخط مساندة أم هو السلاح الأخير الذي ينقذ من خلفهم ؟!

النقد هو نظام قبل كل شيء ، كما لحركة الأرض نظامها وللموسيقى نظامها ، وحتى الصخب قد يأتي من النظام حين تسود الفوضى ويولد التنظيم الخطير ، وكذلك فوضى الطبيعة التي تخلفها الزلازل والبراكين وهي جزء من ميكانيكية نظام الطبيعة .

في الأهلي هذه الأيام نظام معسكرات الاتهامات ، والكل ينطلق من أجندة قد لا يعي بأنها باتت أكثر انكشافا عند الدوران في حلقة واحدة .

من يقف على الحياد تظهر له الرؤية واضحة ، ويستمتع بتلك الحرب الكلامية بين تلك المعسكرات لأنه يشاهد مولد الحقيقة المتعسرة وعلى طريقة " حق أريد به باطل ".

حتى الأقلام الحادة التي تبدو بأنها هاربة من بيت الطاعة تقفز من يد إلى يد أخرى ويبقى المتابع على المدرج ويتفرج .

تساق الأسماء إلى المحكمة الجماهيرية ويقدمها الإعلام فتمتلئ القاعة بالتهليل والتكبير والشجاعة التي جعلت النطق بأسمائهم نوعا من الشجاعة نادرا وغريبا خلّفها عدم التعود.

تظهر أسماء أبناء عبدالغفار وغسان الواكد وفي الجانب الآخر يظهر مرافقو الرئيس كغرم سابقا وحجوري و بعض إعلامي الرئيس ، والصدام يحكمه نظام ( من يظهره الإعلام في دور الضحية ) .

حتى الآن والمعركة تدور رحاها في بلاط أصحاب السمو ، بينما هم خارج نطاق الاتهام ، والجمهور يتوقع بأن البطولة قادمة إن ذهبت الأدوات ، وحتى الأدوات باقية والضحية الحقيقية رؤوس المدربين والجمهور .

تسريب الاستقالة فالعدول ومحاولة رتق الشق الذي حدث بين الرئيس (فهد ) و ( فيصل ) ، وحديث عن اجتماعات وقرارات باتت من العادات السنوية .!

وفي تلك الأثناء ضرب بالكلمة بين أنصار المعسكرين الرابح فيها الأهلي متى ما عرف الجمهور كل الحقيقة لا بعضها .

يسألني صديقي إلى أي المعسكرين يذهب تعاطفك ، والإجابة دون تردد إلى المدرج ، فالمعسكر الأول يتعلم في النادي والمعسكر الثاني يتبلد .!

أما الحديث عن ضحايا غير المدرج فهو نوع من السفسطة التي لا لزوم لها ، ولن تغير الواقع الذي بات أكثر تعاسة وفوضى .

هناك من يتحدث عن المعسكر الأول وأنه المنقذ الذي سيخرج بالنادي من نفق الفشل ، وهو حديث للاستهلاك والهرولة بعيدا عن واقع يثبت بأن الفشل قد يأتي وراثة ، وآخر يتحدث عن المعسكر الثاني وأنه ضحية عدم امتلاك القرار والخذلان وهذا نوعا من الحماقة التي يكررها المبررون خلال أكثر من عشر سنوات مضت ، فمن لا يمتلك القوة لن يجدها بين عشية وضحاها ، فالقوة تمتلك وليست هبة .

لقد أصبح لدى الأهلاويين حالة فقر حلم من قلة العمل الذي يسمعون عنه ولا يجدونه ظاهرا على خارطة الفريق .

الناقد ليست من مهامه دوما أن يعطي الروشتة الطبية ، ولكنه يضئ خشبة المسرح بحيث لا تبقى العتمة ويستوطن الظلام ثم يضع الغطاء على قلمه ويغلق دفاتره ويحمل كلماته وجمله وينصرف .

ليس من باب المفاخرة أو الاستعراض لكنني وقفت في وجه كثيرين قبل سنوات ، ووجدت من وقف متعاطفا معهم ينضم لي اليوم ولدي الاستعداد أن أقف في وجه الجميع ، ولدي القابلية أيضا لسماع الاتهامات وتلفيق الحكايات من جديد ، لأنهم باختصار سيصلون إلى حيث أقف اليوم ، فالتنوير أحد أهم الواجبات المهنية التي يجب أن يؤديها الكاتب .

والحق يقول بأن الأهلي حتى هذه اللحظة لم يعد يستطع أن يلبس قميص البطل بعد أن ترهل جسده ، وأفرط في البحث عن بطولات وهمية يمجدها الإعلام تاركا بطولات الملعب التي لن تتحقق بفريق لا يملك أوراق قوة داخل الملعب وتوضع على الرفوف ، ويكتب عليها وفرنا كل الإمكانيات وفشلوا ، فيكون الضمير للآخر وليس للجمع ( فشلنا ) ، ومن يسمع مطالبات الجمهور وترحيب المدرب يعي بأن أصحاب القرار من فشل لا سواهم .!

*****




وهذا رابط المقال
قووول اون لاين | وصلوا ..!!