أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


صدر عن دار البركة بدمشق كتاب :
نـظــــرات :
دراسات في النقد المنهجي والتعريف بالكتب

للشيخ عبد القادر الخطيب الحسني
خطيب جامع بني أمية الكبير سابقا والمشرف على مكتب الإمام النووي للدراسات النقدية بالدار

يقع الكتاب في 336ص تقريبا وهو الكتاب الأول ضمن سلسلة كتب سوف تصدرها الدار في هذا السياق إن شاء الله تعالى
وفيما يلي مقدمة الكتاب :

الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الأطهار وصحابته الكرام الأبرار وبعد:
فلا يخفى علي أي مشتغل بالعلم والأدب عالما أو متعلما، سامعا أو قارئا، مشاركا أو مختصا أو متذوقا ما للنقد الموضوعي الهادف من أهمية كبرى في ترشيد الفكر وتصويب النتاج الفكري في كل آن وحين، وفي شتى المناحي والميادين العلمية والأدبية.
ومما قاله شيخ شيوخنا إمام العربية في هذا العصر محمود محمد شاكر رحمه الله: جودة العلم لا تكون إلا بجودة النقد، ولولا النقد لبطل كثير علم، ولاختلط الجهل بالعلم اختلاطا لا خلاص منه ولا حيلة فيه... (المتنبي ص 467).
وقد بدأت أدرك منذ بداية طلبي للعلم بشكل منتظم عندما بدأت بالقراءة علي والدي خطيب دمشق الشيخ محمد أبو الفرج الخطيب الحسني رحمه الله في بداية القرن الخامس عشر الهجري عام (1400هـ ) ما للنقد من أهمية في العلم عموما وفي العلوم الإسلامية خصوصا، وتحقق هذا الإدراك مع الزمن بالأخذ والتلقي عن عديد من شيوخ العلم الكبار الذين لهم في نفسي أثر لا يمحى.
كالعلامة المؤرخ المعمر الشيخ محمد أحمد دهان رحمه الله 1408هـ.
والعلامة الفقيه المتفنن الشيخ نايف العباس رحمه الله 1407هـ .
والعلامة الأديب اللغوي الشيخ عبد الغني الدقر رحمه الله 1423هـ.
والعلامة المحقق الحجة النقاد أحمد راتب النفاذ رحمه الله 1412 هـ.
والعلامة الفقيه الأصولي الدكتور فتحي الدريني حفظه الله.
هذا بالإضافة إلي مطالعات طويلة في بطون الأسفار غرفت فيها من بحار أئمة كبار، عشت معهم في مصنفاتهم وصحبتهم حتى أخذت أذني حظها من كلماتهم.
على رأسهم إمام الأئمة ومجدد الإسلام ومؤصل الأصول أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي 204هـ.
وشيخ الفقه والأصول والجدل الإمام الحجة النظار أبو إسحق الشيرازي 476هـ.
وحجة الإسلام محمد بن محمد الغزالي 505 هـ
والفقيه الرباني محيي الدين يحيى بن شرف النووي 676 هـ.
وإمام البلاغة والأدب والنحو عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني 471 هـ.
وإمام المعقول الفقيه الطبيب الفيلسوف أبو الوليد ابن رشد الحفيد 595هـ
وامام الشريعة أبو إسحق إبراهيم بن موسى الشاطبي 790 هـ.
وغيرهم وغيرهم كثير من أئمة الإسلام الفحول الأعلام.
ورافقت ذلك مطالعالت فيما أبدعته عقول المعاصرين وخطته أقلامهم وخاصة في أهم المجلات العلمية والأدبية في هذا العصر، في الرسالة للزيات والثقافة لأحمد أمين، والفتح لمحب الدين الخطيب، والكتاب لعادل الغضبان وغيرها، تلك المنارات التي كانت مدارس فكرية تخرج الأجيال وتربي العقول وتبرز الأقلام.
ومع انقراض عصر المجلات العملاقة التي كانت تغذي الحركة الفكرية وتواكبها بالنقد والتصحيح اشتدت الحاجة إلى الدراسات النقدية الهادفة، وكان هذا من جملة الهموم التي ألقت بثقلها على نفسي فترات طويلة.
أيعقل أن تخرج المطابع ودور النشر في كل عام مئات المجلدات في مختلف ميادين الفكر الإسلامي ثم لا تجد بعد ذلك من النقد والتفاعل عشر معشار ما ينبغي أن يكون عليه الأمر،
هل مات أهل العلم والفكر ؟!! هل انقرضوا وبادوا؟!
ولمن تخرج هذه الكتب هل تخرج لتملأ الخزائن وتزين الجدران أو لتوجد جوا من الحياة العلمية يدل على أن الذين ألفت لهم هذه المؤلفات ما زالوا أحياء يرزقون.
وكانت فكرة الاشتغال بالأعمال النقدية الهادفة واخراجها إلى حيز التنفيذ من أكبر الأماني التي تجيش في صدري منذ مدة طويلة، وقد كتبت الكثير منها علي حواشي الكتب وفي أوراق ما تزال حبيسة في الخزائن والمصنفات.
وفي جلسة مباركة بدار البركة مع صاحبها د. علي الجاموس وفقه الله وجزاه خيرا وجدت الفكرة من يأخذ بيدها لترى النور، وكان هذا المكتب، مكتب الإمام النووي للدراسات النقدية، الذي سيكون الرائد إن شاء الله تعالى في انطلاقة نهضة نقدية فكرية هادفة تعيد للحياة العلمية شيئا من ألقها المفقود.
وسيقوم المكتب إن شاء الله بإخراج دراسات نقدية تشمل مختلف مناحي الفكر الإسلامي ضمن كتب متسلسلة يضم كل منها مجموعة من هذه الدراسات وقد يكون بعضها مفردا لطوله أو أهميته، ويسعد المكتب أن يتلقي ردود الأفعال وصدى النقد، والمشاركة بهذه الدراسات بشرط كونها جادة منسجمة مع خطة النشر في المكتب.
وقد اختير اسم الإمام الفقيه الرباني يحيى بن شرف النووي رحمه الله ليكون عنوانا لخطة النقد التي سيسير عليها المشروع، فالإمام النووي رحمه الله اشتهر في كتبه بانتقاد أقوال من سبقه، وخاصة في الفقه الشافعي واللغة والحديث والتراجم وغيرها، لكنه انتقاد العالم الحريص على الحق، المصحح للنية، العفيف في لسانه وقلمه، المخلص لله تعالى فيما يقول ويكتب، عسى أن يكون هذا الإمام العلم منارة لهذا المشروع العلمي فيجتمع بذلك الجهر بالحق وتصحيح الوجهة والقصد، وتهذيب القلم واللسان.
وتندرج الدراسات المنشورة في هذا الكتاب النقدي الأول: نظرات في أربعة فصول رئيسية:
خصص الفصل الأول للدراسات المتعلقة بأصول النقد وآدابه وما يتعلق بذلك من الجوانب النظرية التأصيلية.
وخصص الفصل الثاني للدراسات والمقالات النقدية العامة في مختلف مناحي الفكر الإسلامي وعلوم العربية وآدابها، وهذا الفصل هو لب الكتاب والمقصود الأكبر منه.
وخصص الفصل الثالث، للتعريف ببعض الكتب والإصدارات المهمة وتحليل ما جاء فيها بشكل إجمالي يرشد القارئ إلى محتواها
أما الفصل الرابع ، فقد خصص لإعادة نشر بعض روائع الأعمال النقدية السابقة التي دبجتها أقلام علماء كبار أو كتاب مجيدين. مما سيكون مثالا يحتذى في قوة النقد أو طريقته وأسلوبه.
ولئن كان حظ الدراسات والمقالات المقتبسة من أعمال أخرى مطبوعة سابقا في هذا العدد الأول كبيرا، فإن الأمل في قادمات الأيام أن يكون أكثر المواد جديدا ينشر للمرة الأولى ولا شك أن مما ينهض بالعمل ويقترب به مما يسعى إليه من أهدافه حسن تقبل أهل العلم والفضل والفكر والنظر له ومساهمتهم فيه وإثراؤهم لهذه التجربة ليقوى عودها وتؤتي أكلها.
ونسأل الله عز وجل أن يوفقنا في عملنا وأن يكتب له القبول ويجري به النفع وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.
فأما الزبد فيذهب جفاءا واما ما ينفع الناس فيمكث فى الارض‏
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

دمشق
14 شوال 1431هـ
23 أيلول 2010

عبد القادر الخطيب الحسني
استاذ العلوم الشرعية في المعاهد الشرعية بدمشق
خطيب جامع بني أمية الكبير سابقا