أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الأئمة الأربعة يفرقون أصوليا بين المكروه والمحرم
وكل منهما له تعريف مستقل عندهم
ولذا عند عدم وجود قرينة وجب أخذ المصطلح ونسبته إلى قائله كما هو بدون تأويله وتحميله معنى آخر
فإذا قال الإمام الشافعي عن شئ أنه مكروه
أقول الإمام الشافعي يقول بالكراهة ولا أنسب له القول باتحريم وإلا يكون من الكذب عليه

هذا بالنسبة للأئمة المصنفين

أما بالنسبة لمن قبلهم من الصحابة والتابعين فهؤلاء من شدة حبهم للطاعات وشدة نفورهم من كل ما يبعد عن الطاعات يكاد لا يتميز عندهم الواجب من المستحب إذ الكل عندهم فضل يحاولون الالتزام به بغير تفريق بين أن الأول يأثم تاركه والثاني لا يأثم . ويكاد لا يتميز عندهم المحرم من المكروه كراهة تنزيه إذ الكل عندهم مذموم بغير تفريق بين أن الأول يأثم فاعله والثاني لا يأثم
فإذا قال أحدهم هذا الشئ مكروه فمعناه أنه لا يفعله وينهى غيره عنه
وبالتالي يصعب التفريق في كلامهم بين هذا وذاك
ومع ذلك يجب الانتباه إلى أن الصحابي أو التابعي إذا قال أو نسب له كراهة شئ فقد يكون معنى ذلك في أحيان كثيرة أن الكراهة عنده تعني تحريم الشئ على نفسه وأهله ولا يعني بالضرورة أنه يقول بتحريم الله تعالى للشئ فهناك فرق بين أن يُحرم الإنسان على نفسه أمر وبين أن يقول أنه محرم شرعا

وأما مسألة لفظ النهي والكراهة الذي يرد في النصوص الشرعية فمسألة مختلفة تماما

فالنهي الأصل فيه التحريم والأمر الأصل فيه الوجوب هذا لم يخالف فيه أحد من المشاركين في الموضوع

والكراهة أيضا إذا وردت في النصوص الشرعية فالأصل أنها للتحريم
فهذا خارج عن محل الخلاف فالله تعالى يقول "وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان"
ومع ذلك فمما يقوي قول الإمام النووي ويُرد به على مخالفيه
أن الكراهة في النصوص الأصل أن تحمل على التحريم نعم هذا إذا جاءت منفردة
أما في حديث مثل "إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ: عُقُوقَ الأُمَّهَاتِ، وَوَأْدَ البَنَاتِ، وَمَنَعَ وَهَاتِ، وَكَرِهَ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةَ المَالِ" فالكراهة جاءت في مقابلة التحريم ,و هذا كما هو معروف يقتضي المغايرة بين المعنيين

ولذا أرى قول الإمام النووي بأن الكراهة هنا للتنزيه هو الأقرب للصواب

فالحاصل أن
الكراهة إذا وردت في النصوص الشرعية فهي للتحريم ما لم يدل النص أو نصوص أخرى على خلاف ذلك
و إذا وردت في كلام الصحابة والتابعين احتملت التحريم أو التنزيه وعليه فالأحوط - ما لم تكن هناك قرينة صارفة - أن تحمل على التحريم أيضا
و إذا وردت في كلام الأئمة المصنفين كالأئمة الأربعة فالأصل - ما لم تكن هناك قرينة صارفة - أن تحمل على التنزيه


وأنا لا أقول ذلك من باب فتح الباب للمباحات وتقليل المحرم أو التهوين من شأن المكروهات , وذلك ببساطة لأني لا أؤمن بالتقليد ولا المذهبية أصلا ومواضيعي هنا تشهد بذلك العبرة هي في النصوص والأدلة وليس قول الأئمة

لكن لا أريد أن يتورط شخص في نسبة القول بتحريم شئ لإمام من الأئمة إذا لم يقل هو بتحريمه

نسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا ويهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه