السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتعمد إقصاء الآخرين من حولنا ، أو تقريبهم ، بِِغضِّ النظر عن مكانتهم الاجتماعية في حياتنا ، وذلك بحسب تكويننا في الداخل ككيان بشري ينحسر بين أمواج الخير والشر ، والرغبة والرهبة ، والخوف والأمل ، والجشع والغرور ..بحسب حاجتنا إليهم ومدى قدرتنا على العيش بدونهم أو بهم ..
ومن الجميل أن تجد من تحبهم يدنونك منهم ويهتمون لأمرك ، ويشعرونك بأهميتك في حياتهم ليس لأغراضهم الدنيوية بل لأنك تعني لهم شيئا ..لأنك نسيج حياتهم أو على الأقل قطعة منه...ولكن الجمال الحق لم يعد المحرك الرئيسي لأرواح البشر في هذا العقد الدامغ في فشله لتقريب الجمال الحق وتزكيته ، ففي الواقع أن تكون قادرا على تقدير عمل فني بالغ في الدقة في حيثياته والجمال في تكوينه المخفي أو الظاهر ، لا بد أن يكون لديك قلبا يرى ويشعر ويفهم ..إلى جانب العين التي تسجل وتبث لعقلك أنواع الجمال ....
ومن الحقائق البالغة في قسوتها والتي نمر بها في حياتنا اليومية مرَّ الكرام ...أن عادات الإقصاء والتدنية باتت كعوامل التعرية تصيب من أصابت بغير حساب ولا مبررات هي فقط كالريح الهادئة تعمل برتابة في جسد البنية التحية للمجتمعات المسلمة فتنخرها من الداخل لتحيلها مع الأيام قاعاً صفصفا ...وهذه النظرة ليست من التشاؤم في شيء بل هي حقائق اخبر عنها الرسول الكريم قبل آلاف السنين ...
فحين نصبح غثاءً كغثاء السيل ولا حول لنا ولاقوه ...ترى من سينقذنا من بحور التفاهة والغرق إلى ذاك القاع ..فلم يعد الحب حقيقة ترتبط بالشرف والأمانة والنزاهة ، ولم يعد ذوو القربى يمثلون لنا سوى أغصان شجرة ، ولم يعد للجار حق على جاره ، ولم يعد للشارع امن ، ولا للمدرسة أمانة ، لم يعد أبناؤنا في حمى من المنحرفين والطفيليين والوصوليين ...
لم يعد الغربال الحقيقي لوجودنا هو مخافة الله في السر والعلن ....وضاعت الموازيين ..وما بقي منها انقلب..... إلا من رحم ربي ....
ما أذكره هنا هو نتيجة لعملية إقصاء قاسية مررت بها من أقارب الناس ..لعرض دنيوي زائل ...وأقف بلا أدنى إطرافه عين والتفاتها أترحم على الكثيرين الذين عانوا مثلي ذاك القتل لأبسط قواعد الروابط الاجتماعية ..لكنني لم أحزن ، لأن إيماني بأن الله يرى ، وأن الحق لابد غالب ، وأن الرحمن في السماء لا يضيع أجر من أحسن أملا ..وعملا