برحمة من الله وفضل ايام وتهل علينا الأيام العشر الأخيرة من شهركم المبارك أتم الله علي وعليكم فيه النعمة ونبيكم صلى الله عليه وسلم
وهو الأكمل هديا كان يجتهد في العشر الوسطى مالا يجتهده في العشر الأول واعتكف صلى الله عليه وسلم في أول أمره في العشر الوسطى
يلتمس ليلة القدر حتى كانت صبيحة يوم عشرين خرج صلى الله عليه وسلم في صبيحتها على الناس وقال من كان معتكفا فليبقى على اعتكافه
فإنني كنت ألتمسها في العشر الوسطى ثم إنني أخبرت أنها في العشر الأواخر فمن كان معتكفا فليعتكف معي وإنني أوريت أنني أسجد
في صبيحتها في ماء وطين قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه راوي الحديث فأمطرت السماء في تلك الليلة فوكف سقف المسجد
وكان سقفه من عريش فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقد انصرف من صلاة الصبح وعلى وجه أثر الماء والطين .
صلوات الله وسلامه عليه من هذا الحديث ذهب بعض العلماء إلى أن ليلة القدر هي ليلة إحدى وعشرين لظاهر الحديث الصحيح الصريح هذا
وذهب بعضهم إلى أنها ليلة ثلاث وعشرين لحديث آخر مشابه له وذهب أبي بن كعب سيد القراء رضي الله عنه وأرضاه وكان يقسم
على أنها ليلة سبع وعشرين أخرجه مسلم في الصحيح . وذهب بعض العلماء إلى أنها تتنقل جمعا بين الروايات أي أنها تكون ليلة القدر
في كل عام في ليلة غير التي سبقتها لا يلزم أن تكون في سائر الليالي والأعوام في ليلة معينة وهؤلاء القائلون بالتنقل ذهبوا إلى هذا جمعا
بين الروايات الصحيحة وقد يوفق بعض الناس لأن يرى علامات على أنها ليلة القدر لما روى الترمذي بسند صحيح من حديث عائشة
أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت إن علمت أي ليلة هي ليلة القدر ماذا أقول فيها قال العلماء فقولها رضي الله عنها
وعن أبويها أرأيت إن علمت دل على أنها قد تعلم فعلمها عليه الصلاة والسلام إن رأتها أن تقول اللهم انك عفو كريم تحب العفوا فأعفوا عنا ...
فاملئوا بها قلوبكم وألسنتكم في ليالي التحري .
وأي كان الأمر فإن ليلة القدر في رمضان قطعا ومن قام العشر الأواخر كلها إيمانا واحتسابا متأسيا بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم
كان إذا دخلت العشر أيقظ أهله وأحيا ليلة وشد المئزر كناية عن السعي والحث في الطاعة والعبادة إلا أنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم
قام ليلة بأكملها وإنما يصلي بعض الليل ويذكر بعضه ويسبح في بعضه ويقرأ القرآن في بعضه فهذه العشر المباركات معين لا ينضب
قال الله جل وعلا {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } أي أن العبادة فيها تزن وتساوي عند الله عبادة ألف شهر ليس فيهن ليلة القدر
ولا ريب أن المؤمن الحصيف العاقل المتبع لهدي محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن له بحال أن يفرط في هذه الليالي المباركات .
والإعتكاف أيها المؤمنون :
سنة من سنن نبيكم صلى الله عليه وسلم فمن رام أن يعتكف العشر كلها فليدخل معتكفه صبيحة يوم عشرين
وإن دخل المعتكف قبل غروب يوم عشرين أدرك اعتكاف العشر كلها إن لم يخرج من اعتكافه إلا بعد ثبوت العيد
إما برؤية الهلال وإما بإتمام شهر رمضان ثلاثين يوما ويحسن بالمعتكف أن يبقى في معتكفه وقت العبادة وقت الذكر
وقراءة القرآن والتسبيح والتهليل وأن لا ينشغل بالخلائق عن الخالق
فاجتهدوا فيها بالدعاء والعبادة.واعلموا عباد الله عباد الله أننا جميعا لنا ذنوب نحب من الله أن يغفرها
ولنا عيوب نحب من الله أن يسترها ولنا آمال نحب من الله أن يحققها ولنا ديون نحب من الله أن يقضيها
ولنا مخاوف نحب من الله أن يؤمننا منها وكل ذلك لا يعطيه ولا يدفعه إلا الرب تبارك وتعالى
فعلقوا بالله أنفسكم واحمدوا الله كثيرا و ابدأ الدعاء بكثرة الثناء عليه