فتوى
لكل من يرى تحريم الزواج من لقيطة ..
سؤال :
هل يجوز الزواج بفتاة لقيطة؟ وإذا جاز فهل لي بها أجر عند اللـه ومغفرة لما سبق من ذنبي؟
الجواب
الحمد لله. يجوز الزواج باللقيطة التي لا يعرف نسبها، وإذا حسنت نية الزوج في الزواج بها وأراد القيام عليها وإعفافها وتربيتها التربية الصالحة فإنه يؤجر على ذلك، ما لم تترتب على زواجه بها مفاسد أسرية؛ مثل ألا يرضى أهله، ويرون في ذلك مسبة عليهم. فينظر العاقل إلى المصالح والمفاسد، فلا يُقدم على أمر لمصلحة فيفوت مصلحة أعظم منها، أو يتلافى مفسدة يرتكب بذلك مفسدة أعظم منها.
وهذا إذا كانت اللقيطة مستقيمة في دينها، فإن ذنب أبويها إن كانت من زنى ليس عليها منه شيء. وقد لا تكون اللقيطة أو اللقيط في بعض الأحيان من زنى، فقد يكون ضالاً عن أهله، أو منبوذاً لظروف معينة كما يوجد في بعض البلاد وفي بعض الأقطار. ولكن الغالب أن اللقطاء هم الذين ينشؤون عن العلاقات المحرمة، ويكثرون بسبب انتشار الفاحشة، نسأل الله السلامة والعافية. والله أعلم..
الشيخ / عبد الرحمن بن ناصر البراك
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
*****************************
سؤال :
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته:-
أريد سؤالا، جزاكم الله ألف خير ،ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين يا علماءنا الأفاضل .
السؤال : هناك عائله تكلفت بتربية طفلة من دار الرعاية، وعندما كبرت الطفلة وأصبحت في سن الزواج تقدم لخطبتها ابن المرأة التي قامت بتربيتها ، فرفض جميع أفراد العائلة محتجين بالحديث الذي يقول {{ تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس }} .
علماً بأن المرأة لم ترضع الطفلة وأن الطفلة {{ غير شرعيه }} ... السؤال هل هذا الحديث صحيح أم لا ؟
وكيف يرد الشرع على هذه العائلة ؟ ومع العلم بأن البنت متحجبة وعفيفة وصاحبة أخلاق ؟ ولكم جزيل الشكر والاحترام ... وفتح الله عليكم ...أرجو الرد سريعاً .......
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
الجواب :
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:-
يقول الشيخ حامد العطار الباحث الشرعي :
ولد الزنا ذكرا كان أو أنثى لم يقترف ذنبا حتى يعاقب به؛ وإنما اقترف الذنب أبواه؛ وكل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى.
والإنسان في شريعتنا لا يؤاخذ بجريرة غيره حتى لو كان المجرم أبويه، والأحاديث التي تكلمت عن أن العرق دساس من أكذب الحديث، فنسبة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم كذب وبهتان وزور.
فقد روى ابن عدي في الكامل من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تزوجوا في الحجز الصالح، فإن العرق دساس" وهذا الحديث رواه الموقدي عن الزهري، قال ابن الجوزي: قال يحيى: الموقدي ليس بشيء، وقال النسائي: متروك، وقال علي :لا يكتب حديثه، ورواه الديلمي في مسند الفردوس والمديني في كتاب تضييع العمر عن ابن عمر وزاد وانظر في أي نصاب تضع ولدك، قال الحافظ العراقي: وكلها ضعيف.
ولذلك حكم الشيخ الألباني على هذا الحديث بأنه موضوع كما في ضعيف الجامع الصغير.
وانظر إلى ما قاله الإمام العجلوني تعقيبا على حديث : " تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُم، وانكَحُوا الأكـُفـّاء، وأنـْكِحُوا إليهم"
رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا، وكذا عن عمر بلفظ وانتجبوا المناكح، وعليكم بذات الأوراك فإنهن أنجب رواه عنه الديلمي، ولا يصح، وفي لفظ عنه تخيروا لنطفكم، وانظروا أين تضعونها، وفي لفظ عن عمر مرفوعا كما ذكره أبو موسى المدني في كتاب تضييع العمر والأيام في اصطناع المعروف إلى اللئام بلفظ فانظر في أي نصاب تضع ولدك، فإن العِرْق دَسّاس، وكلها ضعيفة.
وقال النجم : وعند ابن عدي وابن عساكر عن عائشة بلفظ تخيروا لنطفكم، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن،
وفي لفظ : "اطلبوا مواضع الأكفاء لنطفكم، فإن الرجل ربما أشبه أخواله"
ورواه أبو نعيم عن أنس بلفظ : " تخيروا لنطفكم واجتنبوا هذا السواد فإنه لون مشوه" قال ابن الجوزي في سنده مجاهيل، وقال الخطيب :كل طرقه ضعيفة.انتهى.
والذي صح من ذلك كله ما رواه ابن ماجة من حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " تخيروا لنطفكم وانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم" فقط ، ولا توجد زيادة على هذا. والراجح من أقول أهل العلم أن الكفاءة لا عبرة بها إلا في الدين فقط.
وأما حديث : " إياكم وخضراء الدمن" فقد رواه الديلمي من حديث الواقدي عن أبي سعيد مرفوعا، لكن بزيادة قيل وما ذا يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء، قال عدي: تفرد به الواقدي، وذكره أبو عبيد في الغريب، وقال الدارقطني لا يصح من وجه. أي ليس له وجه صحيح، وقال عنه الشيخ الألباني كما في السلسلة الضعيفة: ضعيف جدا، أي يشبه أن يكون مكذوبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا هو ما تؤيده نصوص الشريعة العامة، فما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم على بنت الزنا ، أو من كان أهلها أهل سوء بأنها من أهل النار، وما كان ليحذر منها بغير ذنب تقترفه، فهذا معناه أنه يضطرها إلى الفساد اضطرارا، ويأطرها على الفساد أطرا، ويحملها على البغي حملا...... فما حيلتها وقد حكم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها من أهل النار ، وحذر شباب المسلمين أن يتزوجوها ولو افترستهم العزوبة.
أين هذا من الأصل الذي قرره ربنا في كتابه " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " فاطر : 18 وهل بعد هذا الوزر من وزر؟! وهل بعد هذا الإصر من إصر !؟
وأين هذا من تزوجه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي، بنت اليهودي ، وزوجة اليهودي من قبل؟ لماذا لم يدس فيها عرق أبيها وجدها؟!
وعلى هذا .... فالعبرة بحال هذه الفتاة، فإذا كانت مرضية خلقا ودينا، وتشعر نحوها بعاطفة تتجه إلى الود والحب... فعلى الله فتوكل وتزوجها.
ولا تخبر أولادك بما كان، ليس لعيب فيها ، ولكن ؛ لأننا نعيش في مجتمع له موازين غير موازين الإسلام، فهو يأبى إلا أن يغمر بنت الزنا بذنب أبيها، وبنت السوء بسوء أهلها.
والله أعلم .