الاقتصادية:الاثنين 12 جماد أول 1428 هـ الموافق 28/05/2007 م - العدد 4977
--------------------------------------------------------------------------------
إدراج حقوق الإنسان في مناهج التعليم..ضرورة تفرضها متطلبات العصر
- - 12/05/1428هـ
أن مبادئ حقوق الإنسان كنوز متناثرة ضمن تراثنا العربي.. تحت اسم مكارم الأخلاق، ولقد جاء الإسلام وثبتها وأضاف عليها الكثير من القيم الإسلامية النبيلة والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر الآتي:
أ****- عدم التميز في الكرامة وفي الحقوق الأساسية ما بين إنسان وآخر بسبب العرق والجنس أو النسب أو المال عملآ بما جاء في القرآن الكريم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وعمل بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى) وقوله أيضا عليه السلام (النساء شقائق الرجال).
ب****- النداء بوحدة الأسرة الإنسانية والإعلان بأن خير بني الإنسان عند الله هو أكثرهم نفعا لهذه الأسرة عملأ بقول رسول السلام أحب الناس إلى الله أنفعهم).
ج- الدعوة إلى التعاون بين الشعوب على ما فيه الخير وتقديم جميع أنواع البر إلى جميع بني الإنسان دون النظر إلى جنسيتهم أو دينهم عملأ بما جاء في القرآن الكريم: (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وقوله: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين).
د- حرية الإنسان في عقيدته وعدم جواز ممارسة الإكراه فيها عملا بما جاء في القرآن الكريم لا إكراه في الدين) وعملا بقوله أيضا: (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وذلك في استنكار استعمال الضغط على حرية الإنسان في العقيدة.
هـ- حرمة العدوان على مال الإنسان وعلى دمه عملا بقول رسول الله: (إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام).
و- حصانة البيت لحماية حرية الإنسان عملا بما جاء في القرآن الكريم: (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا).
ز- التكافل فيها بين أبناء المجتمع في حق كل إنسان بالحياة الكريمة والتحرر من الحاجة والفقر بفرض حق معلوم في أموال القادرين ليصرف لذوي الحاجة على اختلاف حاجاتهم عملا بما جاء في القرآن الكريم: (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم).
في هذا الوقت نحن أحوج ما نكون إلى تسليط الضوء على هذه الكنوز الإنسانية الموجودة في شريعتنا الإسلامية وإدخالها ضمن حياتنا العلمية والعملية, خصوصا ونحن نعلم أن حقوق الإنسان بصفة عامة تمثل تلك الحقوق الأصلية في طبيعتها والتي لا نستطيع دونها العيش كبشر, وهي ليست وليده نظام قانوني معين وإنما هي متميزة بوحدتها وتشابهها باعتبارها الحقوق التي يجب الاعتراف بها ذاتها واحترامها وحمايتها لأنها جوهر ولب كرامة الإنسان التي أكدها قوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا).
وهي بذلك حقوق أساسية ثابتة المساواة والحرية والأمان الشخصي والتمتع بالمحاكمة العادلة وتوفير حقوق الدفاع وغيرها. وإن كان ثمة تميز فذلك يرجع لكل مجتمع وتقاليده وعاداته ومعتقداته. إن نشر ثقافة حقوق الإنسان وسوف تزود الناس بالوسائل والأدوات الفاعلة لكشف ما قد يتعرضون له من انتهاك لحقوقهم وبما يضمن العيش الكريم لكل مواطن.
لقد قامت الدولة بالسماح بإنشاء جمعية أهلية لحقوق الإنسان وأعقب ذلك إنشاء هيئة وطنية لحقوق الإنسان تركز في مهمتها على متابعة التزام الأجهزة الحكومية ذات العلاقة بتطبيقات حقوق الإنسان بموجب العهود والمواثيق الإنسانية الدولية التي وقعت عليها المملكة وهي كثيرة و متعددة وتوجت هذه المعاهدات بانضمام المملكة إلى مجلس حقوق الإنسان.السؤال الذي يجب التطرق إليه: هل يكفي وضع الأنظمة والقوانين وإنشاء الجمعيات والهيئات التي تهدف إلى تطوير منظومة حقوق الإنسان من قبل الدولة دون مشاركة المواطنين في هذه السلوكيات التي تتطلب التثقيف والتعليم المستمر بهذه الثقافة الجديدة ونشرها وتعميمها على كل الفئات من المواطنين أو العاملين في قطاع الدولة أو في القطاع الخاص بحيث يتم تبنيها والدفاع عنها حتى تصبح ثقافة شعبية عامة.في السنوات القليلة الماضية أصبح مصطلح حقوق الإنسان مصطلحاً شائعاً في الأوساط الاجتماعية والشعبية وتم كسر الحاجز النفسي لدى البعض ممكن كانوا يعتقدون أن المصطلح غربي الأصل والمنشأ والولادة. أما وقد أصبح كذلك فإنه يلزمنا الآن التأكيد على نشر هذه الثقافة وترسيخها في بنية مجتمعنا السعودي وذلك من خلال التعليم الذي يعد عنصراً أساسياً في ترسيخ مبادئ حقوق الإنسان لدى الناشئة وإدخاله ضمن المناهج التعليمية بما يخلق أجيالاً تسهم في التغيير الاجتماعي وبحيث يتم الجمع بين النظر إلى الداخل والنظر إلى الخارج عن طريق التركيز على اكتساب المعرفة والقيم والمهارات التي تتعلق بتطبيق نظام وقيم حقوق الإنسان في علاقة الشخص مع أفراد أسرته ومجتمعه وبحيث يتقبل الفوارق الموجودة بين أفراد ذلك المجتمع وتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوقهم.
إن التعليم في الواقع يلعب دوراً مهما في إشاعة ثقافات حقوق الإنسان في المجتمع وترسيخ قيمها النبيلة وبما يسهم في نهاية المطاف في إحداث التغيير الاجتماعي والتنمية الإنسانية وتعزيز المجتمع المدني. إن مجرد نشر المعلومات عن قوانين وأنظمة حقوق الإنسان في الكتب والدوريات ووسائل الإعلام لن تحقق وحدها الهدف لأنه يلزم معرفة الآليات وكيفية استخدامها، والتعليم والتدريب هو الذي يكسب المهارات العلمية والعملية.
إننا نمر بمرحلة يزداد فيها الوعي بحقوق الإنسان من حولنا وحتى لا يفوتنا الركب علينا ألا نضيع الفرصة المتاحة لنا في جعل تعليم حقوق الإنسان ضمن المناهج الدراسية وبذلك تتحقق القيم الإنسانية التي نسعى إلى ترسيخها في فكر الأجيال المقبلة.
علي بن حسن آل مستنير
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=80356