تـخنــدق الآراء
-------------------------------------
- د. محمد بن سليمان الرويشد - 29/04/1428هـ
أسعد كغيري بالحوار المستمر حول قضايانا التربوية والتعليمية في المنتديات ووسائل الإعلام لأن في ذلك حفظا لحيوية نظامنا التربوي وإسهاماً في تطويره، ولكن يحزنني التخندق الواضح لكل فريق من المتحاورين عند آرائه وعدم النظر بإنصاف إلى آراء الفريق الآخر أملاً في الوصول إلى حل وسط يتجنب المحاذير ويخدم المصلحة العامة، علاوة على افتقار الحوار أحياناً إلى اللباقة في الخطاب، وأخشى أن يصبح الحوار غاية وليس وسيلة وأن يسفر عن المزيد من التشققات في نسيجنا التربوي.
وأين نحن من ذلك الحوار الرائع في تلك اللحظات الحاسمة قبيل معركة بدر الكبرى، إذ ينظر الحباب بن المنذر رضي الله عنه إلى المكان الذي نزل فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بأصحابه، فيتقدم إلى الحبيب المصطفى بقلب الناصح المحب فيقول يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزل أنزلكه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فيجيبه صلى الله عليه وسلم: بل هو الرأي والحرب والمكيدة, فيقول الحباب: يا رسول الله هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضاً فنملأه ماءً، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون, فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأي. ففي هذا الحوار المثمر نجد ما يلي
1. المباشرة في الخطاب.
2. اللطف في العرض .
3. الحرص على المصلحة العامة.
4. الوضوح في الرأي.
5. الاستعداد لتبني الرأي الآخر في حالة ثبوت أفضليته.
ليتنا نقتدي بهذا النموذج المشرق في حواراتنا الجماعية والثنائية وليتنا أيضاً نضع أساسا للحوار مع الآخرين مقولة الإمام الشافعي رحمه الله ((رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب)) وقوله ((ما جادلت أحدا إلا تمنيت أن يجري الله الحق على لسانه)) ولنتفق على أن الحوار المفيد هو مجموعة من الرحلات الفكرية التي يجب أن تكون محطتها الوحيدة والأخيرة المصلحة العامة.
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=78667