الادارة الذاتية للمدارس.. حلم
------------------------------------------------
سليمان الكريدا
إن ما قامت به وزارة التربية والتعليم من برامج تطويرية مختلفة يسجل لها في العملية التعليمية كخطوات مباركة، تعكس مدى حرص منسوبيها على تحسين العملية التعليمية في الميدان التربوي. إلا أن من ينظر إلى طبيعة هذه البرامج يلاحظ أن العديد منها على الرغم من أهميتها لم تحظ بالاهتمام الكامل من قبل متخذ القرار، ولعل ذلك يكمن في أن هذه المشاريع عوملت وكأنها أبناء تبني لبعض المسؤولين، إن بقي هذا المسؤول بقي هذا الابن ينال الرعاية والاهتمام، ولكن إن ذهب هذا المسؤول تشتت شمل هذا الابن وضاعت الجهود التي تساعده على إكمال المسيرة. وقد كان من ضمن هؤلاء الأبناء الذي تم تبنيه في وزارة التربية والتعليم برنامج المدارس الرائدة الذي يعتبر خطوة رائدة بحق لو أنها طبقت بالشكل الصحيح ولم ترتبط بشخص المسؤول ونالت الاهتمام والرعاية من بقية المسؤولين.
لقد قام فريق البرنامج بعمل العديد من الدراسات الاستطلاعية، حيث خلص العديد منها إلى أن الصعوبات التي يواجهها هذا البرنامج تكمن في مجملها في الجانب الإداري والمالي وضعف التدريب وفهم عملية التخطيط والخطط التي تعدها هذه المدارس.
وبعد فعلى الرغم مما بذلته الوزارة من جهد حيال هذا البرنامج إلا انه مازال يعاني من الصعوبات والمعوقات التي قد تأتي على آخره كما أتت على أوله. ولعل من أهم الأسباب التي تقف خلف ذلك بعد عدم الإعداد الصحيح لجميع من يسهم في تطبيق هذه التجربة والنقص في توفير جميع المتطلبات التي تساعد على نجاح هذه التجربة هو تسرب الكثير من القائمين على هذه التجربة بمن فيهم المسؤولون الذين وضعوا بذرة هذا البرنامج منذ البداية، خاصة في ظل غياب العمل المؤسسي في قطاعاتنا الحكومية. وهذا يثبت مدى الحاجة إلى إعادة النظر في هذه التجربة وإيجاد استراتيجية تطويرية شاملة تسير في تطبيق هذا البرنامج بالشكل الصحيح.
أما محاولة وزارة التربية والتعليم في المملكة، فعلى الرغم من أنها مبادرة جيدة إلا أنها لا تعدو كونها زراعة شجرة في أرض لم تهيأ لها، ولهذا، لايمكن وصف هذه التجربة بالريادة في هذا المجال، ولكن يمكن اعتبارها تجربة حققت نجاحاً نسبياً في مجال الإدارة الذاتية، كما تثبت ذلك التقارير التي أعدها القائمون على هذه التجربة. ولعل من أهم مايقف خلف ذلك غياب المتطلبات الأساسية التي يعتمد عليها نجاح هذه التجربة من عدمه.
حيث يتمثل أهمها في:
@ قناعة متخذ القرار الأول في جهاز الوزارة بجدوى هذا الاتجاه ومدى فعاليته، بل لابد أن يمثل هذا الاتجاه قضيته الكبرى، التي يحشد لها الدعم الحكومي والجماهيري ويوجد لها الأنصار الذين يتبنون هذا التوجه أكثر منه ويشعرون بالانتماء له أكثر من أي توجه آخر.
@ إيجاد استراتيجية تدريبية شاملة كل من يسهم في نجاح أو فشل تطبيق الإدارة الذاتية وتزوده بالمهارات اللازمة لذلك لضمان الالتزام والأداء الأفضل.
@ مجموعة من الأنظمة الخاصة التي تعطي الصلاحيات المطلقة لمدير المدرسة في اتخاذ القرار والتعاقد مع المعلمين ويكون تحت غطاء نظامي واضح.
@ توفير ميزانية مالية كافية تتحكم فيها المدرسة بشكل مطلق ووفقاً لنظام خاص بالمدرسة تعتمد عليه في الصرف.
@ وجود استراتيجية تنفيذية واضحة المعالم مبنية على خطة استراتيجية محكمة لها رؤيتها ورسالتها وأهدافها وبرامجها المختلفة، ولها نظام متابعة دقيق تساعد في تصحيح اتجاه تطبيق هذه التجربة وتجنب تضخم الأخطاء.
@ وجود استراتيجية إعلامية شاملة تغطي جميع أفراد المجتمع بما فيهم الطلاب وأولياء الأمور والمسؤولون تعمل على إقناعهم بأهمية المشاركة في هذا التوجه وضرورة اقتناعهم به وبجدواه وفائدته.
ولهذا، فإن تبني أي برنامج في الإدارة الذاتية إذا لم يعتمد على تحقيق هذه المتطلبات، فلن يعدو كونه إضاعة للوقت والجهد وتصحيحاً للأخطاء التي سوف تظهر في كل وقت وعمل. والله من وراء القصد.
http://www.alriyadh.com/2007/03/25/article235923.html