طالبات يخفين مرضهن بسبب قلة الوعي الصحي وغياب دور المرشدة الطلابية
--------------------------------------------------------------------------------
مناديلي: حصر الحالات المرضية في بداية الدراسة ومتابعتها بالكشف والعلاج والتوجيه
مراعاة ظروف الطالبة المريضة والتواصل مع أسرتها واجب مدرسي واجتماعي
مكة المكرمة: صباح مبارك
طالبت باحثة اجتماعية باستحداث لجان خاصة أو جمعيات تهتم بشؤون الطالبات المريضات، خاصة تلك الأمراض الخفية مثل السكر وأمراض الدم والضغط وغيرها، والتي تشكل خطورة على شريحة كبيرة من الطالبات، خاصة أنهن يخفين معاناتهن، فيتأثر مستواهن التعليمي.
وانتقدت الاختصاصية الاجتماعية بدار المسنين بمكة المكرمة حفصة شعيب غياب دور التوعية في البرامج الصباحية، والتي توجه للطالبات المريضات والسليمات على حد سواء، مشيرة إلى غياب دور المرشدة الطلابية في مثل هذه الأمور.
حكايتا عفاف وفوزية
وتمثل "عفاف" نموذجا للطالبات اللواتي ذهبن ضحية إخفاء المرض في المدارس، وعدم وجود وعي صحي في مناخات التعليم. تبدأ معاناة عفاف مع بداية كل يوم جديد إذ تنطلق للمدرسة، وتحاول أن تتجنب اللعب والمزاح مع صديقاتها في المدرسة حتى لا ينكشف المستور. رأتها معلمتها مرة ترسم على كراستها رأس فتاة بشعر طويل، ومعاناة (عفاف) تكمن في إصابتها بداء الثعلبة، والذي تسبب في خلو رأسها من أي شعر, وتشاركها في نفس المعاناة إيمان وصفاء ونائلة.
أما عفاف فقد قالت لها إحدى الموجهات حين رأتها ترتدي شعراً مستعاراً لتخفي فروة الرأس الخالية من الشعر (لعن الله الواصلة والمستوصلة)، أرخت على إثرها عفاف رأسها وبلا تعليق، ولكن بالتأكيد وقع في نفسها ما وقع.
أما فوزية فقد وجدت صعوبة في التعامل مع زميلاتها المراهقات، منذ أن دخلت الصف الأول المتوسط، بسبب مرضها النفسي، ولم تجد اهتماما خاصا من المعلمات, فنما فيها الخوف والشك في نوايا الطالبات، ما أصبح يوقعها في مشاكل دائمة معهن, اضطرت على إثرها للتغيب عن المدرسة أياما طويلة, حاولت خلالها أسرتها تحسين مستواها الدراسي بإحضار مدرسة خصوصية, ولكن كل ذلك تقهقر أمام معلماتها اللاتي نصحنها بترك المدرسة، والمكوث بالبيت بجانب والدتها, وعدم رفض أي فرصة للزواج والذي هو خير لها, ويرى أطباء أن فوزية ضحية جهل المحيطين بها بحالتها, وعدم معالجة مشكلتها التي استمرت.
أما ح. قاضي (16 عاما) فهي طالبة بالمرحلة المتوسطة ومصابة بمرض بالكلى، وتتعاطى بسببه مستحضرات طبية تحتوي على الكورتيزون تقول "ما عدت أحتمل نظرات الطالبات لي وأنا بسمنتي هذه بسبب هذا المرض والآثار الجانبية لهذا العلاج، وحالة والدي لا تسمح لي بشراء علاج يخفف هذه السمنة غير الطبيعية حيث تبلغ قيمته 1700 ريال، كما أن مستواي الدراسي بدأ يتدهور بسبب كثرة غيابي, فلم أعد أحتمل صعود الدرج لفصلي في الدور الثالث بسبب سمنتي، ولقد طلبت والدتي من إدارة المدرسة أن يكون فصلي في الدور الأول مراعاة لحالتي، للأسف لم ينفذ طلبها.
التواصل مع الطالبة المريضة
وترى المعلمة ع. المرزوق أن مدارس البنات تكتظ بمثل هذه الحالات، مشيرة إلى عدم الوعي أو الإدراك الكامل من قبل المعلمات أو الطالبات بنفسية الطالبات اللاتي يعانين من الكثير من الأمراض، فيتوارين بها عن الأنظار، ولا يختلطن بزميلاتهن، وهذا ما يزيد الحالة سوءا, كما أنهن قل ما يجدن المعاملة الخاصة من معلماتهن، وتقدير حالتهن الصحية، والالتفاف حولهن إدارة وطالبات, فالطالبة بمجرد الغياب بسبب مرض ما، تفتقد السؤال من قبل المدرسة وزيارتها ومعرفة وضعها، والتدخل الجريء لمعالجته".
وتستشهد المرزوق بحالة طالبة كانت مصابة بسرطان في العظام قائلة "كانت لدينا طالبة مريضة بالسرطان، وتداوم على الحضور للمدرسة، حتى وهي في طور العلاج الكيماوي، ولكن بعد غيابها لأسبوعين وانقطاعها، علمنا بوفاتها من بعض زميلاتها، وكان من المفروض أن نعلم نحن معلماتها بحالتها ووفاتها قبل الجميع، ولكن للأسف ليست هناك رعاية من المهتمين بشؤون الطالبات بالمريضات منهن مهما كان مرضهن".
وتنصح المرزوق بتنشيط التواصل مع الطالبة المريضة، وتفعيل البرامج المخصصة له, وحصر جميع الطالبات المريضات، والتعرف على أحوالهن ودراستها، وتقرير ما يناسب ويلائم كل حالة.
الوجهة المناسبة
الطالبة ر. مولد ( في الصف الثاني الابتدائي) فكانت تعاني من صعوبة في التعلم، تقول والدتها "لابنتي حد معين في الفهم والاستيعاب، فنسبة الذكاء لديها 78، حاولت أن أسجلها في مدارس التربية الخاصة، ولكنهم رفضوا معللين بأن حالتها لا تستدعي ذلك، وبإمكاني تسجيلها في مدرسة حكومية, ولكن ما حدث أن المعلمات في المدرسة الحكومية كانوا يطلبون منها ما يطلبونه من الطالبة العادية من الحفظ والاستيعاب".
وأضافت الأم"رغم أنني أدخلتها بمدرسة خصص فيها فصل لصعوبات التعلم, لاقت ابنتي معاملة قاسية من معلمتها، فضربتها في إحدى المرات، وزادها ذلك التصرف سوءا، وبدأت تتنبه إلى نفسها، وأنها ليست كمثيلاتها من الطالبات" وتشكو الأم قائلة "ابنتي للآن لم تجد الوجهة المناسبة، التي تتعامل مع حالتها بشكل سليم وصورة صحيحة".
كشف ومتابعة
وعن الإجراءات التي تقوم بها إدارة التعليم في التعامل مع الطلاب المرضى وذوي الإحتياجات الخاصة تقول رئيسة شعبة إرشاد وتوجيه الطالبات بالإدارة العامة للتربية وللتعليم للبنات بمكة المكرمة أسماء منديلي "في بداية العام الدراسي نقوم بحصر لجميع الحالات المرضية للطالبات، سواء الحالات الخاصة، أو من تعاني من أمراض مزمنة مثل السكر والضغط وضعف في النظر والإعاقة، ويكون لنا اتصال مباشر بالوحدة الصحية الأولى، حيث يتم الكشف على الطالبات، وتحديد المرض والعلاج, ومن ثم المتابعة الدورية من أولياء أمور الطالبات للوحدة الصحية".
وتضيف "من مهام الوحدة الصحية للطالبات الكشف الدوري عليهن، ومتابعة حالاتهن الصحية والنفسية، ولذلك نجد أن 90% من المدارس الابتدائية والتي تقوم الوحدة الصحية بمتابعتها يتم فيها ملاحظة نوعية الغذاء بين الطالبات، وترغيبهن في الوجبات الصحية والمفيدة، ومنها اعتمادهن على التمر والحليب في وجبة الإفطار اليومية في المدرسة، ونحاول نحن كإدارة توجيه وإرشاد، الحرص على صحة الطالبة، والاتصال المباشر مع الوحدة الصحية الأولى والثانية، كما نحرص على أن تكون استمارة الطالبة للحالة الاجتماعية شاملة على وضع الطالبة الصحي".
وتشير منديلي إلى أن هناك فرعاً من إدارتهم، وهو وحدة الخدمات الإرشادية يساهم بمجهود كبير، وله علاقة باختصاصيين نفسيين في المستشفيات الحكومية، تحول لهم حالات الطالبات اللاتي يحتجن لهذه العناية والكشف النفسي والطبي عليهن.
وتنصح منديلي أولياء أمور الطالبات بتبليغ المدرسة عن الحالة الصحية للطالبة، وما يطرأ عليها من تغيرات، حتى يتم التواصل مع الوحدة الصحية للطالبات والقيام باللازم.
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...=2624&id=32005