فلنفتح ملف رحلات الموت
--------------------------------------------------------------------------------
أمل زاهد
لم تكن الحادثة التي وقعت لمعلمات تبوك الأولى من نوعها ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة، ولكن حري بها أن تكون القشة القاصمة لظهر البعير! لنفتح ملف رحلات حوادث المعلمات المفجعة والتي تدمي قلوبنا ما بين آن وآخر بكل شفافية وصدق، دون التفاف على الحقائق أو محاولة لتزييف الوعي. ورغم أني مع مناقشة القضية من جوانبها المختلفة وتفرعاتها وتشعباتها الدقيقة، إلا أنه يزعجني حقيقة ويحزنني قلب الحقائق، وتسليط الضوء على الفروع بينما مكمن الداء هناك في الجذور! والقفز على الأسباب، وتوجيه أصابع اللوم إلى النتائج التي كان إغفالنا لها بادئ ذي بدء هو المسبب الرئيس لها.ما أسهل تحويل الضحية - بجرة قلم - إلى مدان في ثقافتنا! وما أسهل التنصل من تحمل المسؤولية وإلقاء تبعاتها على الضحية المغلوب على أمره وتحميله جريرة ما حدث له! وبدلا من البحث عن حلول ناجعة نسارع في الالتفاف على القضايا.. لتتحول قضية غلاء الأرز إلى قضية تغيير العادات الغذائية والتكيف مع ما فرضه علينا غلاء أسعار السلع! وبدلا من البحث عن حلول مجدية لإشكالاتنا السيسوثقافية تصعقنا مقولة أن السبب في حدوثها هو تسليط الإعلام الضوء عليها، وأن الحرية -النسبية - في التعبير هي المحرض عليها والمساهمة في تفشيها! وكأن تلك الإشكالات لم تكن موجودة قبل أن يقشع الإعلام الرؤية ليعرضها على الملأ!يروعنا تحويل الضحايا إلى جناة فهن تارة جاهلات بقواعد السلامة! وأخرى يصنفن في خانة العاصيات المستحقات لما جرى لهن وذلك لأنهن كن يستمعن للموسيقى! وذلك من خلال مقطع صوتي لأحد الوعاظ تم تداوله ونشره بشكل واسع على الإنترنت!من الأهمية بمكان طرح قضية حوادث المعلمات على الطرق من كافة الأوجه وتعريف المعلمات بقواعد السلامة وتثقيفهن بالسلامة المرورية، والتأكيد على أهلية السائق والتوثق من كفاءته في تأدية عمله، كما هو مهم الحرص على سلامة الطرق وتوثيق المنعطفات الخطرة التي تتكرر فيها الحوادث حرصا على سلامة المسافرين من المعلمات وغيرهن، وكذا الاهتمام بنشرات الطقس التي تحذر في حال سوء الأحوال الجوية، وتقليص ساعات الدوام للمعلمات والمرونة في المواعيد.ولكن قبل هذا وذاك لا بد أن نطرح السؤال الأهم، وهو من المسؤول عن تجميد معلمة في ذات المدرسة النائية عن مكان إقامتها لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، ومسافة تساوي ثلاثمائة كيلومتر ذهابا وعودة في رحلة المشقة والعناء يوما بعد يوم وشهرا بعد آخر؟!
http://www.alwatan.com.sa/news/write...3344&R****=209