المقال
محللون يقودون السوق للهاوية
د. سليمان بن عبدالله السكران
من المعروف أن استحواذ السوق على اهتمام الشرائح المختلفة من المجتمع السعودي أضحى ظاهرة تستحق المتابعة ولذا صار موضوع كثير من الأعمال كل فيما يخصه فالبحث العلمي والحوارات الإعلامية والمسلسلات الفكاهية وحديث المجالس ورسوم الكاريكاتير وغير ذلك من قائمة لا تنتهي جعلت من سوق الأسهم محورا لصلب مواضيعها، وعلى ضفاف هذه الاهتمامات نشأت ثقافة وبيئة اقتصادية تحاكي تلك المتغيرات وتفسر ظواهر تقلبات السوق واتجاهاته وآلياته وكيفية الاستفادة منها فانبرى الكثير من متعاملين وباحثين ودارسين نحو مشاركة مجتمعهم أملا في قراءة صادقة لما يجري وما سوف يجري وبالتالي الاستفادة القصوى من هذه الفرصة الجديدة على خريطة التعاملات الاقتصادية ولذا ومن بين تلك الفئة التي تنظر لمستقبل السوق نشأت ايضا سوق رائجة لبيع تلك الاستشارات والمعلومات فاختلط بالتالي من يستند في قوله إلى منطق علمي ونظري وبين من يبني نظرته على إيحاءات أو ممارسات سادت لفترة محددة ربما تكون غير واقعية في منهجيتها لوقوعها في ظروف استثنائية أو كانت سائدة لوجود مستوى من الثقافة الاقتصادية يصلح معه أي توجه خصوصا حين تنمق تلك الرؤية بألفاظ ومصطلحات توهم الطرف الآخر بالمعرفة والضلوع في بحور هذا العلم وفي هذا المقام لا أنقد شخصا بذاته أو أنحى بالقول الى الحكم بعدم فهم كثير ممن يتابعونهم المجتمع الاقتصادي او المتعاملين في السوق من المحللين الا انه من الواضح من خلال مجريات السوق والتعليق عليها يفهم بأن كثيراً منهم لم يدرك الى الآن المشكلة الرئيسة التي يواجهها سوق الأسهم السعودي حتى ذهب بعضهم الى المناداة جهلا بتطبيق بعض الممارسات التي ليست في صالح السوق بل ستزيد من تعميق جراحه، ولذا فالتفسير الخاطئ واستمرار البناء على جهل سيزيد من أمد الفترة المطلوبة لانتظام السوق وتحقيق الهدف الذي عادة تقام من أجله أسواق الأسهم.
فالسوق في نهاية الأمر ولكي يحقق الهدف الذي ينشأ من أجله يجب أن يكون على درجة معقولة من الكفاءة المعلوماتية ولن أدخل في تفاصيل هذه التعاريف التقنية للكفاءة ودرجاتها غير ان المحور الرئيس في هذا المطلب بالدرجة الأولى هو المعلومة الصحيحة ومدى انعكاسها على السوق بالشكل المثبت علميا ولكن أولئك المنظرين يرمون بالمصطلحات الرنانة ويقترحون أساليب ينادون بادخالها الى السوق وهمه لا يدركون مدى خطورتها على سوق يعاني للوصول الى أدنى درجة من درجات الكفاءة والفاعلية المعلوماتية والتي حين اسمع تعليقات بعضهم واقرأ مطالباتهم ومناداتهم أشك في أنه قادر حتى على تعريف مصطلح الكفاءة للسوق.
ان المطلوب مهما كان بنا من حاجة شديدة لمحترفين مهنيين وندرة لمثل أولئك المؤهلين يجب أن لا يوقعنا في خطأ أكبر وهو أن نستمرىء تلك الأفكار والرؤى المغلفة بمصطلحاتها الرنانة دون وعي لمعناها النظري والاقتصادي فالطريق أطول مما يتوقعه الكثير، والوصول إلى غاية انتظام السوق علميا يحتاج الى وقت أكثر ويجب ان يبنى على منهجية علمية وإلا سيواصل السوق أميته لوقت أطول.
@أستاذ العلوم المالية المشارك - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن