3 من المعلمات الشهيدات كن صائمات يوم المأساة
--------------------------------------------------------------------------
أجواء الصدمة والحزن تخيم على مجمع القراصة التعليمي بعد"فاجعة الفجر"
دفتر حضور المعلمات في مدرسة القراصة خلا من أسماء الشهيدات
الشهيدات في سطور
المدينة المنورة: خالد الجهني
* المعلمة تهاني حمادي القايدي، تعمل منذ 3 سنوات في المدرسة وتخصصها اقتصاد منزلي.
* المعلمة هيفاء حمد المورعي، بدأت منذ الفصل الدراسي الحالي وتخصصها علوم ورياضيات.
* المعلمة وضحى عبدالعزيز السناني، تعمل في المدرسة منذ العام المنصرم بنظام التعاقد وتخصصها لغة عربية.
* المعلمة مريم عبدالعزيز السناني، يعد هذا العام أول عام دراسي لها في مدرسة القراصة، وتخصصها لغة عربية وهي شقيقة المعلمة وضحى.
* المعلمة خلود أحمد الرفاعي، كان يوم الحادثة أول يوم عمل لها، وتخصصها علوم ورياضيات.
* المعلمات كن يحضرن إلى المدرسة يوميا كمجموعة واحدة من ينبع.
مركبة المعلمات تحولت إلى كومة من الحديد
القراصة، ينبع، العيص: خالد الجهني، علي العمري، أحمد العمري، مخلد الحافظي
خيمت أجواء الحزن والصدمة على منسوبات مجمع القراصة التعليمي للبنات، في أعقاب فاجعة الفجر التي انتهت بمصرع 5 معلمات من المجمع لقين مصرعهن سحقا في حادث اصطدام صباح أول من أمس في طريق ينبع النخل، وذلك بعد أن التحمت السيارة التي كانت تقل المعلمات الخمس إضافة إلى سائقها بشاحنة، حين خرج سائق سيارة المعلمات من نوع "جي إم سي" عن مساره الصحيح ليصطدم بالشاحنة."الوطن" رصدت ملامح الحداد، وعايشت معالم فاجعة يبدو أن زمنا طويلا سينقضي قبل أن تزول. وإذ اختارت معظم معلمات مجمع ابتدائية ومتوسطة القراصة البقاء في منازلهن لعدم قدرتهن على استيعاب المأساة، اضطرت مديرة المدرسة وثلاث معلمات إلى حضور الدوام الدراسي في ظل النقص الشديد في الكادر التربوي الذي خلفه وفاة نحو نصف معلمات المجمع.وبدا أن حجم المأساة اتسع أمس بعد أن تنامت أخبار الحادثة إلى الطالبات، لتشهد أروقة المجمع ذي البناء المتواضع فصولا من البكاء والإغماء على معلمات قضين مع بناتهن الطالبات سنوات قطعن من أجلها، يوميا، أكثر من 300 كيلومتر.أما قصة معرفة منسوبات مدرسة القراصة بالفاجعة، ففي وقت مبكر من صباح أول من أمس، عقب وقوع الحادثة وقبل معرفة منسوبات المدرسة بها، حضر إلى مدرسة القراصة موظف يتبع لمندوبية التعليم في العيص طالبا بيانا بأسماء المتغيبات عن المدرسة ذلك اليوم نظرا لوقوع حادث في الطريق، ليتحرك الشك في نفوس المعلمات اللاتي بدأن يجرين اتصالات بجوالات زميلاتهن المتغيبات دون جدوى.وخلال ساعة من ذلك، تأكدت وفاة خمس معلمات في الحادث وشرعت منسوبات مدرسة القراصة في الدعاء: عسى ألا يكن زميلاتهن.
غير أن دقائق مضت قبل أن تتأكد ملامح الفاجعة، فالجثث الخمس التي تناثرت في طريق ينبع - العيص هي لمعلمات مدرسة القراصة.وكشفت اتصالات "الوطن" عن أن ثلاثا من المعلمات الشهيدات كن صائمات ذلك الفجر الذي شهد الفاجعة. أما المعلمة هنية عايد السناني والمحسوبة كناجية واحدة لأنها لم ترافق زميلاتها، فقد عاشت أسرتها دقائق مخيفة، إذ أجرت إدارة المرور اتصالا بوالدها فجر الفاجعة تخبره بأن ابنته توفيت في الحادثة، قبل أن يظهر أن رجال المرور اعتمدوا على دفتر تحضير دروس عثر عليه بين جثث المعلمات يعود للمعلمة هنية، والأخيرة كانت قد أعارته إلى إحدى زميلاتها في الحادثة.وبدا أن المحنة لم تنزل كما نزلت على مديرة مدرسة القراصة، مريم الجهني، التي تعرضت للإغماء المفاجئ عدة مرات يوم الحادثة ونقلت إلى مستشفى العيص العام، ويختنق صوت الجهني بين كل جملة وأخرى أثناء حديثها مع "الوطن" من وراء الباب الحديدي لمدرسة القراصة صباح أمس، فيما يقطع البكاء المتألم كل قصة تحكيها المديرة حول المعلمات وحول الفاجعة.وتستعيد الأستاذة مريم اللقاء الأخير الذي جمعها بالضحايا يوم الأربعاء الماضي، حين مضت في مناقشة الاستعدادات والترتيبات التي تسبق إقامة الحفل الختامي للمدرسة إذ استغرق الاجتماع نحو 45 دقيقة لتغادر عقب ذلك المعلمات بعد انتهاء اليومي الدراسي.وتقول الجهني إن العملية التربوية توقفت في المدرسة لليوم الثاني على التوالي عقب أن فقدت المدرسة الشهيدات الخمس اللاتي كن يتقاسمن حزمة من المناهج الدراسية للمرحلة المتوسطة، وتوضح أنها حرصت عقب أن تلقت نبأ الفاجعة أول من أمس على التكتم على الخبر وعدم إخراجه عن نطاق الطاقم التعليمي مراعاة لمشاعر الطالبات.إلا أن الوضع النفسي للمعلمات والذهول والألم البادية على ملامحهن تدفع الطالبات إلى تقصي الأخبار التي سرعان ما بدأت تنتشر بينهن ولتتحول مدرسة القراصة للبنات أمس إلى سرادق للحزن والعزاء.وتطالب الجهني وزارة التربية والتعليم بضرورة إيجاد حلول جذرية لمسلسل النزيف الدموي الذي لا يكاد يجف حتى يسيل مرة أخرى، قائلة إن الحلول في هذا الجانب كثيرة متى أرادت الوزارة، ومنها تخفيض نصاب المعلمات من الحصص قدر الإمكان لا سيما وأن بعض المعلمات يقطعن نحو 300 كيلومتر مقابل حصتين يوميا.وتضم مدرسة القراصة للبنات مدرستين، ابتدائية ومتوسطة، توجد بهما 138 طالبة تقوم على تدريسهن 19 معلمة منهن خمس في إجازة ذهب مثلهن إلى الرفيق الأعلى.وفي المدرسة، بدا أن اختيار المديرة للون الأسود لدفتر التحضير منذ مطلع العام الدراسي كان أقرب إلى النبوءة الحزينة، فبحساب رقمي دقيق يفصح عن حجم الفاجعة: نصف المعلمات العشرة الموقعات على صفحة يوم الأربعاء في دفتر التحضير اختارهن الله.أما حارس المدرسة، بخيت الحافظي، والذي رصدت "الوطن" تلقيه العزاء من سكان القرية أعطى مشهدا مؤثرا يحكي انتماءه للأسرة التعليمية لمدرسة القراصة، فيكتفي بذكر مناقب المعلمات اللاتي كن، على حد وصفه، مفتاحا لخير كثير للطالبات.وبدا أن الحادثة التي انتشرت في أوساط القرى والهجر القريبة من القراصة قد دفعت بعدد من أقرباء المعلمات المداومات إلى الحضور للمدرسة وانتظار قريباتهن من المعلمات لحين انتهاء الدوام الرسمي، فيما دفع ببعض أهالي القرية إلى الحضور للمدرسة لتقصي أخبار المأساة.وطالب عدد من سكان القراصة وزارة التربية والتعليم بالالتفات إلى بنات القرية اللآتي تخرجن وحصلن على مؤهلات تربوية تجعلهن مستعدات لتأدية العمل في التدريس فيما لا يزلن يقبعن في بيوتهن كحل أجدى لوقف نزيف الدم المستمر.ويردد هؤلاء قصة الشاب الذي عاد بعد أن حصل على إجازة عليا لممارسة الطب ليلقى حتفه في ذات الطريق أمس، قبل أن يحتفل أهالي القرية به كأوائل الأطباء الذين يتخرجون من القرية.ويدفع الأهالي بحقيقة أن عدد الجامعيات المتخرجات من أهالي مجمع العيص القروي، حيث تتبع قرية القراصة، يزيد على ألف متخرجة، جميعهن لم يحصلن على فرصة في ممارسة العمل التربوي، فيما أن تعيينهن في العيص والقرية المجاورة لها سيسهم في إطفاء نار الحوادث الدموية على الطريقين بين العيص والمدينة المنورة من جهة، والعيص وينبع من الجهة الأخرى.ويقول الأهالي إن بعض المعلمات المعينات يحضرن شهادات تعريف تثبت أنهن من أهالي العيص، وهي شهادات بات من السهل الحصول عليها، فيما تقبع جامعيات العيص وقراها في المنازل، موضحين أن معظم المعلمات في مجمع العيص وقراها هن من خارج المنطقة يأتين يوميا من جدة والمدينة المنورة وبدر ورابغ وينبع البحر وينبع النخل ويقطعن مسافات تقدر بنحو 500 كيلومتر ذهابا وإيابا كمعدل.وعلمت "الوطن" أن سائق المركبة التي تقل المعلمات يسكن في المدينة المنورة ويضطر إلى السفر صباحا مواصلا من المدينة مرورا بينبع وانتهاء بالقراصة لنقل المعلمات، مما يدفع أكثر باحتمال مروره بغفوة أدت إلى انحراف المركبة التي كان يقودها.والسائق الذي انتقل إلى رحمة الله عقب أن تلقى الضربة الأولى التي سحقت مركبته هو شاب باكستاني يبلغ من العمر 20 عاما، ووفقا لإفادة بعض أقرباء المعلمات فهو كثير السهر ويضطر إلى المواصلة ليتحرك ليلا من المدينة المنورة ويصل فجرا إلى ينبع ليقل المعلمات من هناك إلى القراصة حيث مدرستهن.
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007...al/local22.htm