فرصة لتربية الأبناء والعمل التطوعي والبعض يرينه حلاً لمشكلة البطالة
--------------------------------------------------------------------------------
معلمات يلجأن للتقاعد المبكر حنينا للقب "ربة منزل"
التقاعد المبكر للمعلمة يتيح الفرصة لمعلمات أخريات يبحثن عن وظيفة
مكة المكرمة: صباح مبارك
أصبحت كثير من المعلمات الأمهات يفكرن في إنهاء مشوارهن الوظيفي التعليمي وإتمام دورهن كأمهات وزوجات فقط، ربما يكون ذلك حنينا لدورهن الأساسي، أو لإحساسهن بتأنيب الضمير، وذلك بسبب التقصير في دورهن كأمهات، أو كبر أبنائهن الذين أصبحوا في حاجة لمن يستمع لهم.لم تتخذ المعلمة صالحة الهوساوي قرارها بالتقاعد المبكر في يوم وليلة, ولكنه استغرق ثلاث سنوات، تطلب فيها المشورة والرأي، والتي تأرجحت ما بين مؤيد ومعارض، ولكن عندما أعادت التفكير مرة أخرى اتخذت قرارها الذي لا رجعة فيه بالتقديم لطلب التقاعد المبكر بعد عشرين عاماً من العطاء, بعد أن ملت من مشاكل الخادمات وكبُر الأطفال، وتجاوزوا مرحلة الطفولة، وأصبحوا في سن المراهقة.تقول صالحة "أصبح أبنائي بحاجة لتفرغي لهم أكبر من ذي قبل، ورأيت أن هذه هي مهمتي الأساسية، خاصة بعد أن خدمت وطني لعشرين عاماً، فلا بد أن أهتم بهم أكثر، ليكونوا مواطنين يواصلون خدمة وطنهم وينهون ما بدأت, ولقد أصبحت أكثر رحابة واستيعابا لمشاكلهم بعد أن كنت مشغولة عنهم، وأكتفي بالإشراف فقط".وأضافت أنها تقضي وقت الفراغ في زيارات للجمعيات الخيرية ودور تحفيظ القرآن الكريم, وتنصح كل معلمة حسب ظروفها ورغبتها أن تفكر في التقاعد المبكر، وذلك لما يعود عليها بالفائدة في حياتها الأسرية.
التقاعد في قمة النشاط
تنقلت سارة الثميلان في أكثر من منصب تعليمي، معلمة علم نفس في المرحلة الثانوية, ثم مديرة رياض أطفال لـ 16 عاماً، وبعدها عملت في قسم الإرشاد والتوجيه بإدارة تعليم البنات بمكة المكرمة، وسبع سنوات في نشاط الطالبات، تقول إنها فكرت كثيراً في التقاعد، وبعد عدة محاولات قررت التنازل عن مواصلة هذا العطاء، على أن تواصله في بيتها، والسبب الوحيد في ذلك هو أنها لا ترغب في التقاعد بعد أن تصل للسن الموجبة للتقاعد، وتريد أن تكون بكامل نشاطها، حتى تمارس حياتها بتفرغ أكثر لبيتها وأسرتها، وملازمة والدتها المريضة.
وتضيف أنها الآن تحاول أن تبحث عن مجالات تطوعية لمواصلة العطاء، وذلك بزيارتها للجمعيات الخيرية, وترى أن تفرغها من العمل جعلها تلتفت لبيتها أكثر، خاصة أنها أصبحت تقوم بتدريس ابنتها بنفسها وترعاها رعاية، خاصة وأنها في وقت يتوجب عليها كأم أن تكون أكثر قربا من أبنائها.
حنين للقلب "ربة منزل"
فائزة مبارك (معلمة لغة إنجليزية وأم لستة من الأبناء في مراحل دراسية مختلفة) تقول "أحن للاستقرار بعد 19 عاماً من العمل في التدريس, أرهقت فيها أعصابي أولادي يحتاجون إلي, والأفضل أن أقضي معهم مراحل مراهقتهم، وأتابعهم في دراستهم، وأتمتع بصباح كل يوم في بيتي بدون الخروج للعمل أو التدريس, كما أن زوجي يتمنى أن أتفرغ له ولأولاده، بعد انشغال عنهم دام كل هذه السنوات, وبصراحة أن أتقاعد الآن وأولادي في حاجة لي ولتفرغي لهم في شبابي أفضل من أن أتقاعد وكلٌ منهم استقل بحياته"، وتضيف "بدأت أحن للقب (ربة منزل) الخالية من أي مشاغل غير بيتها وأسرتها، وأفكر الآن جدياً في الإقدام على هذه الخطوة".وتقترح فائزة أن يخفض سن التقاعد المبكر، بسبب ما يترتب على المرأة من مهام مع كثرة الأبناء, وبذلك ستكون هناك المئات من المتقاعدات والذي بتقاعدهن ستتوفر الكثير من فرص التوظيف لغيرهن ممن هن قابعات في البيوت.
التوفيق بين العمل والبيت
وتقول مديرة الجمعية الوطنية للمتقاعدين بجدة سميرة يوسف طرابلسي إن هناك شريحة من المجتمع ترغب في زيادة سن التقاعد لأكثر من 60 عاماً، والسبب أنهم ما زالوا قادرين على العطاء وجديرين بالعمل، وفي نفس الوقت هناك شريحة أخرى يطلبون أن يكون سن التقاعد المبكر أقل من 20 عاماً.وتضيف أنه لابد للمرأة التي تجمع بين دورها كأم وزوجة وموظفة التنظيم والتفكير، حتى تحقق النجاح والتوفيق في المجالين, وهناك شريحة من المعلمات والموظفات ناجحات في ذلك، ولا يجدن صعوبة، أو حاجة لطلب التقاعد المبكر، والذي بالتأكيد له تأثير على المجتمع.وأشارت إلى أن هناك كثيرا من المعلمات أو الموظفات يتمادين في العمل، ويبالغن في الاهتمام به، على حساب بيوتهن وأطفالهن وحياتهن الخاصة، وهذا خطأ كبير تقع فيه المعلمة بالذات، لأن عملها يأخذ من وقتها جزءا كبيرا حتى في البيت.وتشجع طرابلسي المعلمة على التقاعد المبكر في حالة عدم قدرتها على التوفيق بين عملها وبيتها، فالأهم لها أسرتها، لعدم وجود من يقوم بدورها على وجهه الصحيح بخلاف العمل.
التقاعد والبطالة
وترى المنسقة في إدارة الموارد المالية في الجمعية الوطنية للمتقاعدين بجدة عواطف عبد الرحمن برغوته أن التقاعد المبكر للمعلمة يبدأ من سن العشرين، وتحصل المعلمة التي تحال للتقاعد على دخل جيد تستطيع أن تعيل به نفسها بشكل مريح جدا, وترى أن تفرغ المرأة لبيتها وأولادها يجنبها الكثير من مشاكل الخادمات والتلاعب بتربية الأولاد، حيث إن وجود الأم في البيت خاصة بعد أن أدت رسالتها على أكمل وجه, يساعدها على تربية الأبناء.وتشير عواطف إلى أن في التقاعد المبكر حلا لأزمة البطالة بالنسبة للمتخرجات من الجامعات والكليات، لعدم وجود وظائف تعليمية، وبذلك التقاعد تترك المعلمة الفرصة لغيرها، وتكون أدت خدمة أخرى لبنات جنسها من المواطنات.وتشجع عواطف المعلمة المتقاعدة على الانخراط في العمل التطوعي، وذلك بالانتساب للجمعيات الخيرية، حيث تستطيع أن تؤدي دورها وتفيد الآخرين؛ مشيرة إلى أن هذه الجمعيات بحاجة لخبراتها في التعليم، لتستطيع خدمة الأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة.
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...=2615&id=30728