جوانب مضيئة وأخرى معتمة وآمال
--------------------------------------------------------------------------------
(بواكي الماضي لا تطعم اليوم أحداً). عبارة قالها معالي وزير التربية والتعليم في كلمة بمناسبة انطلاق العام الدراسي الجديد، نشرتها الجزيرة السبت 26-8-1428هـ، فجاءت الكلمة مركزة موجزة بعيدة عن التعنيف والتقريع الذي تعودنا عليه في مدارسنا، سواء كنا طلاباً أو معلمين.
معالي الوزير هذا معلم - شمسه في التعليم على أطراف سعف النخيل - يريد أن يبثك همومه وأشجانه، وقد يكون من بينها بواكٍ على ماضٍ جميل أو حاضر مؤسف، ولعل في بواكينا ما يقدح الهمم ويشحذ العزائم؛ لتغيير يواكب العصر المتغير، ولا يحيد عن الأصيل الثابت.
* أبكي على مبنى مدرسي حكومي نموذجي درست فيه قبل خمسة وثلاثين عاماً، وابنتي تدرس - الآن - في مبنى مستأجر سيئ.
* أبكي عندما أرى معلماً لا يملك من مهارات التربية أبسطها، فيغض الجميع الطرف عنه، وكذلك عندما أرى طالباً مبدعاً، فأرى جيشاً من الحاسدين والمحيطين يصطف أمامه.
* وعندما أرى مدارسنا تخرج من أرحامها الملايين، فإذا كثير لم تستقبله جامعة.. ولم يجد منشأة تأخذ بيده، تدربه، فينفع نفسه ومجتمعه، رغم أننا أكبر معهد في العالم لتدريب العمالة الوافدة الذين يفدون إلينا خماصاً جهلة، فيروحون بطاناً مهرة!!
هذه بعض أجزاء الجانب المعتم من الصورة، وللصورة جانبها المضيء المشرق.. منه تلك الأسماء التي تعطر مشهدنا التربوي بإبداعاتها وتوهجها، فهذا معلم للصف الأول يحول قاعة درسه إلى قاعة نموذجية تشتمل على كل جديد مفيد، وآخر يخصص عصر الأربعاء لطلابه.. وثالث يلغي إجازته المرضية من أجل طلابه، وتلك معلمة تصرف جل راتبها هدايا للمتفوقات ومساعدات للمحتاجات (والخير في أمة محمد باقٍ)، وهذا مسؤول تراه في مكتبه أكثر مما تراه في بيته، ولا يطلب أجراً إضافياً - رغم قدرته على ذلك - ومسؤول يغادر مكتبه المريح - بمحض إرادته - ليتابع مشروعاً في قرية نائية، أو وسط مدينة مكتظة مزعجة.
هذه هي الصورة بوجهيها - كما أراها - وبين وجهي الصورة آمال وتطلعات بمستقبل أكثر إشراقاً.
* آمال بمبانٍ مدرسية نموذجية، وسبل ذل متاحة - الآن - أكثر من أي وقت مضى عبر المشروع العملاق (مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم العام) الجزيرة - السبت 26-8- 1428هـ، وتلافي سلبيات المباني المجمعة القائمة والجديدة.
* آمال شاملة للميدان التربوي، تبعد أي عنصر يثبت عدم أهليته لتحمل مسؤوليات التربية.
* آمال بعناية أكبر بالمبدعين والمتفوقين، وتأسيس قاعات خاصة بهم، ولو في مدرسة واحدة على مستوى الحي السكني، وتزويدها بالتقنيات اللازمة لتعامل تفاعلي بين هذه الفئة وبين المعلومات ومصادرها.
* آمال بتر بعض الأجزاء من مناهجنا، فما فائدة أن يعرف الطالب أن هذه الدولة تنتج الموز، وتلك تصدر المطاط؟! فليتعلم ما يلزمه تعلمه من أمور دينه - أولاً - ثم لنتوقف عن تقديم المعلومة جاهزة معلبة، بل نمكنه من آليات الوصول إلى المعلومة بنفسه، ودور المعلم الإشراف والتوجيه والتقييم.
* آمال بمناهج تعالج سلوكيات المجتمع.
إبراهيم بن علي الخشان
بريدة - مدرسة الإمام أبي حنيفة
http://www.al-jazirah.com/93372/rv4d.htm