معلمات محو الأمية
---------------------------------------------------------
د. محمد سالم الغامدي
إنها قضية أولئك المعلمات اللاتي يفتقدن لأدنى متطلبات الأمن الوظيفي الذي يستوجب ان يكون في مقدمة الحاجات الإنسانية.. فأين الأنظمة الكفيلة
بحمايتهن؟
كم
هي غريبة بعض القرارات التي تصدر من بعض مؤسساتنا الحكومية أو الأهلية أما الاغرب من ذلك فهو أن تستمر تلك القرارات دون حسيب أو
رقيب وببقى الضحية ذلك المواطن في ظل غياب نظام يحمى حقوقه التي تسلب أمام ناظريه. وكم هي كثيرة ومتشعبة مثل تلك القرارات في
مختلف المؤسسات فما نسمعه في مجالسنا وما يطرح في بعض منتدياتنا منها يدعو إلى الأسف والاستغراب في ظل ضبابية بعض الانظمة وتقادمها
وغياب الرقيب المحاسب فعلى سبيل المثال لا الحصر ودرتني رسالة من مواطنة تقول فيها (إنني إحدى الخريجات التربويات اللاتي تعاقدن مع وزارة
التربية والتعليم للعمل ضمن معلمات محو الأمية وكان العقد ينص على ان نعمل تسعة شهور براتب مقطوع 2500 ريال خلال تلك المدة ثم انه تم
اضافة علاوة 300 ريال مرة واحدة ليصبح الراتب 2800 ريال وقد عملت مع زميلاتي مدة خمس سنوات على هذا العقد.
ثم تقول: ان من شروط العقد ان نعمل ساعتين يوميا لكن الذي حدث انه تم نقلنا إلى الفترة الصباحية وأصبحنا نعمل 6 ساعات كزميلاتنا في
المدرسة ثم نكلف بالعمل كمرشدات أو كاتبات أو أي عمل آخر يطلب منا وفي ظل هذا كله لا يسمح لنا بتلقي الدورات ولا يوجد لنا أي حوافز
مادية أو معنوية بل ان النقل المتكرر من مدرسة إلى أخرى يكون مصير البعض منا ونحن نقبل كل ذلك على مضض أملاً في ان يتم تثبيتنا من
قبل وزارة التربية والتعليم وخاصة بعد أن نحصل على تقديرات كفاية مرتفعة لكن الذي يواجهنا والذي يزعج مرقدنا هو هاجس الاستغناء عنا عند
بداية كل عام لأن العقد لعام واحد فقط فهل التفتت وزارة التربية والتعليم إلى مشكلاتنا فأوجدت لها الحل فنحن قد سهرنا واجتهدنا حتى حصلنا على
أعلى الشهادات التربوية ونحن نعمل بكل جد ومثابرة.. انتهت الرسالة. بالتأكيد أنها قصة تحكي جانبا من جوانب القصور الإداري في وزارة
التربية والتعليم وتسلط الضوء على قضية في غاية الأهمية ألا وهي قضية أولئك المعلمات المؤهلات اللاتي يفتقدن لادني متطلبات الأمن الوظيفي الذي
يستوجب ان يكون في مقدمة الحاجات الإنسانية فاين الأنظمة الكفيلة بحماية مثل أولئك المعلمات وأين مكان طالبات محو الأمية من الاهتمام ولماذا لا
يثبت مثل أولئك المعلمات لتدريسهن كمرحلة مؤقتة ولمدة خمس سنوات مثلاً تكون بمثابة التجربة لاثبات الكفاءة ولماذا لا تحفظ حقوقهن الإنسانية أليس
لهن الحق في مساواتهن بزميلاتهن المعلمات الرسميات ألا يقمن بنفس الدور؟ ولماذا لا يتم التنسيق مع وزارة الخدمة المدنية لاستيعاب مثل أولئك
المعلمات بوظائف رسمية؟ ولماذا يبقى مثل أولئك المعلمات تحت مظلة التهديد بالاستغناء عن خدماتهن كل عام؟ اليست وزارة التربية والتعليم بحاجة إلى خدماتهن فعلى حد علمي أن الوزارة قد تعاقدت مع 25000 معلمة تقريبا لهذا الغرض فلماذا لا يثبتن وفق آلية إثبات كفاءة. فالقضية إذن
ليست قضية المعلمة صاحبة الرسالة بل قضية هذا العدد الكبير من المعلمات المتعاقدات. أليس هذا العدد الكبير بكاف على أن تلتفت إليهن وزارة
التربية والتعليم فتوجد لهن الحل؟ وكلمة أخرى أوجهها إلى مديرات المدارس اللاتي يعمل بها أولئك الملعمات فأقول لهن أين العدل والمساواة وأين
إدارة العلاقات الإنسانية من إداراتكن؟ إلا يستحق مثل أولئك المعلمات أن يعاملن معاملة خاصة تليق بحجم المهام الموكلة إليهن والأجر الذي
يتقاضين؟ ولماذا تهضم حقوق البعض منا فنحن في مجتمع القيم الفاضلة والمبادئ النبيلة؟ وأخيراً كيف نتأمل من مثل أولئك المعلمات أن يحسّن
الولاء والانتماء لمهنتهن وهن يعشن مثل تلك الظروف التي تهضم فيها حقوقهن وتسلب منهن في ظل غياب النظام وقلة الرقيب والمحاسب. وسيبقى
الأمل معقوداً على وزير التربية والتعليم الذي يسعى دائماً إلى تلمس احتياجات منسوبي وزارته وأنا على يقين من ذلك فهو أقرب ما يكون إلى
المطالبة بحقوق الإنسان التي كان يعمل بها قبل حين.
http://www.almadinapress.com/index.a...ticleid=206182