على وجه التحديد إصلاح التعليم.. أولوية وطنية
-----------------------------------------------------------
د. عبدالواحد خالد الحميد
النقاشات المعمقة التي دارت عن التعليم خلال جلسات الحوار الوطني الأخير الذي عقد في منطقة الجوف تضيف الكثير إلى ما
نعلمه عن مشكلات وهموم وإنجازات وكبوات التعليم في المملكة. ولعل الإضافة الحقيقية تتمثل في طرح قضية التعليم بهذا الشكل العلني
وعبر تلك المشاركة الواسعة من أطراف كثيرة في المجتمع وبالشفافية العالية التي لمسها كل من تابع جلسات الحوار من خلال النقل
المتلفز.
التعليم، دون أدنى شك، هو أحد أبرز التحديات التي تواجه البلد. فالمملكة حققت إنجازات كثيرة وكبيرة خصوصاً عندما ندخل في
مقارنات بين واقعنا وأمسنا القريب وكذلك عندما نرى ما تحقق على صعيد مكافحة الأمية ونشر التعليم في أرجاء بلادنا الواسعة وما
أنجزته الفتاة السعودية - تحديداً - في مجال التعليم. لكن هذه الإنجازات لم تعد كافية الآن لأن الموقع القيادي للمملكة في المنطقة
ومركزها العالمي وما هو متوقع منها كل ذلك يتطلب النهوض بالتعليم وإصلاحه بشكل جذري.
لقد تجاوزت المجتمعات في كل أنحاء العالم ذلك الجدل القديم حول أهمية التعليم في سلم أولويات الإنفاق العام والخاص وأهمية التركيز
على "النوعية" في تطوير التعليم لأن طبيعة العصر الذي نعيش فيه تغيرت بالكامل عما كانت عليه.. فاليوم لا يستطيع موظف صغير
في جهاز حكومي أو في منشأة خاصة إنجاز أبسط معاملة دون الاستعانة بأدوات التقنية الحديثة من كمبيوتر وتجهيزات تحتاج إلى حد
أدنى من المعرفة في التعامل العلمي معها. وهذا يعني أن إنسان هذا الزمان ليس بحاجة فقط إلى القراءة والكتابة وإنما بحاجة أيضاً
إلى حد أدنى من المعرفة باللغات وبالعلوم وبالرياضيات وبشيء من التدريب المهني والفني.
وعندما يقال ان هناك حاجة ماسة لجعل مخرجات التعليم مناسبة لمتطلبات العصر، وخصوصاً ما يتعلق بسوق العمل الحديث، فإن هذا
الطرح يتجاوز الترف الفكري ومقولة ان "العلم من أجل العلم" لأن الضغوط الكبيرة الناجمة عن المنافسة بين دول العالم في مجالات
التجارة والاقتصاد وما يتبعها من استقرار اجتماعي وسياسي في المجتمعات المكتفية مادياً وزعزعة في الدول المحتاجة للمعونة يعنيان أن
أولويات المجتمع يجب أن تأتي قبل الأولويات الفردية وأن من لا يقبل بهذه الأولويات الوطنية يجب أن يتحمل مسؤولية نفسه عندما
يقرر أن يتعلم ما لا يحتاج المجتمع إليه من علوم فلا يطالب المجتمع بتحمل تلك المسؤولية لأن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة.
إنني أجزم أن نقاشات الحوار الوطني عن التعليم سوف تدفع بهذا الموضوع الحيوي إلى الأمام.. وما نطلبه هو المتابعة وتطبيق الأفكار
الناضجة الجريئة التي سمعنا العديد منها خلال جلسات الحوار، خصوصاً أن أجهزة التعليم والتدريب كانت جميعاً ممثلة جنباً إلى جنب مع
الشرائح المختلفة التي مثلت أطياف المجتمع السعودي بكل تنوعاته.
http://www.alriyadh.com/2006/12/06/article206964.html