ما الحياة إلا لوحات ترسم في الذاكرة ومضات ،،، وبداية الآمال أحلام ،،، نسيج الحياة ذكرى ،،، صمتها كلام
،،، خيوطها عواطف ،، وكثيرا ما ترحل منّا انشودة الفرح وتحل محلها اهزوجة الحزن .
بتّ أتأمل رحلة السنين،،، إنسان أوشك أن يهدّه التعب ،، بات يشعر وكأنه عاش مائة عام .....
كثير من الناس حكمته في الحياة العزيمة والإصرار خنجران فـي قـلـب المستحيل كان بطل قصتنا منهم لا تنثني له
قناة .
عصام طفل توفي والده وعمره اربع سنوات ونصف السنة إثر حادث مؤسف ،، له اخ اصغر منه بثلاث سنوات ،، فذهب
قلب حاني ،، يتذكر ضمّاته ومداعباته ،،، كان والده قدّ بدأ يعلمه في البيت القرأة والكتابة والارقام وكيفية الجمع
وهو في الرّابعة من العمر ويقوم بتحفيظه بعض قصار الصور لما ظهر من ذكاء ذلك الطفل ،، كثيرا ما كان عصام
يستشعر يد ابيه على جبينه في الصباح وهو يتلو علية سورة الإخلاص والمعوذتين ،،
يتذكر عصام يوم خرجت جنازة أبيه من البيت ،، عرف أن اباه توفي من بكاء أمه وجسدا اخرجوه كان مسجى في
سيارة ،، أربعة من أصدقاء والده اخرجوا الجسد كان يرى دموعهم تتساقط على القماش الابيض ( الكفن ) ،،
وهو في وجوم الذهول ( من عادة الناس أن يحمل الجثمان على أعناق الرجال طلبا للأجر ) ،، تحجرت الدموع في عيني
عصام لانه رأى هذه السيارة عند المقبرة قبل فترة وكان مع والده ،، سأل والده عنها ،، قال له والده إنها تنقل
الموتى عصام ( ايش يعني موتى قال الوالد يعني الميت ،، ما شفت يا عصام امس هرّا ميتا هذا هو الموت لكن يا بابا
الانسان لما بموت يضعونة تحت التراب ولا رجعة ) ،، كان يتذكر كلمات ابيه وهو صامتا في ذهول متسمرا مكانه .
بعد وقت قصير خرجت الجنازة على اعناق الرجال وعصام واقف في ذهول مكانه تحركت الجنازة ابتعدت ،، وكأنه
تذكر شيئا ( تذّكر حديث أبيه الموت تحت التراب ولا رجعة ) ،،، إنطلق راكضا خلف الجنازة ،،، اقترب منها ،، نادى
بصوته الباكي ( عمّو رجعوا بابا لا تحطوه تحت التراب ) فهذا مفهوم الموت عنده ،،، فحمله رجل كان يسير خلف
الجنازة وضمّه الى صدره وبدأ الرجل يبكي ،، توقف الرجل عن المسير خلف الجنازة وجلس القرفصاء وأوقف عصام
أمامه
وعصام يسمع انتحاب ذلك الرجل قال عصام للرجل ( عمّو الحقهم مشان الله قول لهم يرجعوا بابا ) هنا زاد انتحاب الرجل
ربّما لم يحتمل الموقف فتر ك الرجل عصام وذهب وهو ينتحب ويقول يا الله ،،، يا الله ،،، يالله . فركض عصام الخلف
الجنازة فتبعها وهو ينادي ليعيدوا اباه فتلقفه رجل واخذه الى بيته فيتذكر عصام ان الرجل بكى وبكى اهل بيته
وهو يتوسل له ان يعيدوا اباه ،، وبعد عشرة أيام وقد لاحظت والدته انه متأثر لفقدان والده فأخذته الى روضة قريبة
وكانت هذه الروضة لا تقبل تلاميذها في عمر أقل من خمس سنوات الا انه تم قبوله كحالة إنسانية ،،، فبرز ذكاؤه
من تلك الروضة ،، كانت تظن والدته ان وجوده في الروضة سينسيه اباه ،، لكن انقلبت الآية فكثيرا ما كان يرى اباء
التلاميذ يأتون لأخذ ابنا ءهم الا عصام ،، حدّث والدته ذات مرة بهذا فبكت ،، بكت وبكى معها ،، فعزّت عليه دموع
والدته
فما عاد يتكلم بشيئ امامها ،، كانت ام محمد مدرسته في الروضة كانت تعتني به عناية مميّزة فكان يروق له هذا
وترفع من معنوياته فكان هو الذي يقرأ القرآن في احتفالات الروضة وكان ينشد وكانت تحفظه كلمة بسيطة لالقائها
في الاحتفال ،، فكان لها الفضل في صقل شخصيته بعد فضل الله تعالى ،،،،
الى اللقاء في الحلقة القادمة
دمت بود الاخاء