معانى إنسانية ( 3)
عم حسونة يصرخ
سيد يوسف
ضايقنى صراخه فصحت فيه اسكت وتوقف عن الشكوى والأنين واختفى فى الظلام ولمت نفسى ما أقسى قلبى كان يجب أن احتمل صراخه المزعج قد يكون أنينه الكثير بسبب جروحه الكثيرة.....ما أشبهني برجل يضع كفه الضخمه على فم مريض يتعذب حتى يحرمه من راحة الأنين...كيف أنسى أن أنين المتألم هو نوع من التنفس.
صراخنا فى بعض الأحيان يمتص بعض عذابنا ويخفف بعض آلامنا......
وعدوت خلفه ابحث عنه لاستوقفه وأعتذر إليه عن سوء ما فعلت,لكنى لم أستطع العثور عليه...لا اعرف أين ذهب؟
ربما تكون كلمة اسكت هذه رصاصة أطلقتها فقضت عليه.
ربما كان يتصور أنني آخر عود ثقاب يضيء له ظلام آماله.. فأطفأت العود وألقيت به مشردا فى صحراء اليأس والقنوط..
لا يُغفر لى أننى كنت خارجا متعبا من مكتبى بعد عمل شاق متواصل ليس عذرا مقبولا أننى اعمل 18 ساعة كل يوم .. ولا تستطيع صحتى أن تتحمل أكثر من هذا الإرهاق.
كان يجب أن احتمله..أنا أفطرت فى الصباح.. والمسكين ربما لم يذق لقمة منذ الصباح...أنا نمت فى فراش وثير وقد يكون هذا البائس أمضى الليل نائما على الرصيف..أنا سأركب سيارتى وأعود إلى بيتى..وهذا الضائع ربما مشى ساعات طويلة حتى جاء إلى....أنا اطلب من الناس أن يبتسموا فكيف اعجز عن الابتسام فى وجه هذا التعس........أطالب المسئولين أن يفتحوا أبوابهم للمظلومين فكيف أغلق بابي فى وجه مظلوم؟؟!!
إنني سأعذره إذا صب على الشتائم واللعنات:
فقد تصورنى واحة فإذا بى السراب...تصورنى البلسم فوجدنى السكين،
تصورنى الحلم فأثبت له أننى الكابوس...انتظر القبلة ففوجىء بالصفعة.
ترى
ماذا فعل هذا البائس بعد أن تركنى؟؟؟
لابد أنه سيجد ألف إنسان خيرا منى.. يحتملونه كما لم أحتمله...يصبرون عليه بعد أن نفذ صبرى معه...
يمدون أيديهم إليه بعد أن خذلته...فإذا لم يجد عم حسونة أحدا يستمع إلي أنينه فليعد إلى........وليدفع مكتبى بقدمه...وليسمعنى وأنا استغفر عن أننى قلت له بعنف : اسكت.
تعال يا عم حسونة وتكلم
اصرخ يا عم حسونة
فهذا حقك على
إلى ههنا انتهت الحكاية
(من كتاب 100 فكرة وفكرة لمصطفى أمين)
تعليق:
1/ ما أحوج حكامنا إلى الشعور بالذنب!!
2/ وما أحوجنا أن نصلح من أخطائنا ونتوب!!
3/ما كان الحق ليضيع بين ذوى الحس المرهف..
ولكن
ليس من المهم أن تفعل صوابا بقدر أن من الأهم أن تفعله فى التوقيت السليم
ترى لو هذا الشعور بالذنب كان سريعا لكان من السهل تدارك الموقف.
4/كلنا عم حسونة عند بعضنا بعضا وكلنا مصطفى أمين عند بعضنا بعضا
فهلا عملنا حساب عم حسونة مع الآخرين....حتى لا نندم بعد فوات الأوان.
5/ جميل الاعتراف بالخطأ والأجمل أن يكون على الملأ والأجمل أن يتبعه عمل صالح يمحو أثره.........ولعمرى إن مصطفى أمين وكل مصطفى أمين قد زاده اعتذاره هذا مقاما واحتراما فلا تظنن خطأ أن الاعتذار سيقلل من شأنك.
6/حينما تقول يارب ثق أن الله لن يتخلى عنك ومتى تخلى عنك فى الماضى حتى يتخلى عنك الآن؟!!!
فقط اصبر ولا تستعجل.. فالمرء يستجاب له ما لم يتعجل يقول دعوت فلم أر يستجب لى.. مثلما ورد هذا عن محمد (صلى الله عليه وسلم).
فى النهاية:
نفعنا الله جميعا.
سيد يوسف