قتل الطموح
عندما تعود بي ذاكرتي إلى الوراء لخمسة وعشرون عاماً ونيف ، أتذكر حلمي وأنا لم التحق بعد بالنظام التعليمي ( المتهالك ) ، حينها كانت تسألني والدتي حفظها الله ماذا أريد أن تكون مهنتي عندما أكبر وأتخرج وأصبح رجلاً ، كان ردي عليها أريد أن أصبح طياراً أحلق في السماء مع الطيور وأجول بك وبوالدي إلى أي مكان تريدون . :كلوش:
وعند دخولي للمرحلة المتوسطة (الإعدادية ) زاد تسلحي بالعلم ولكن صغر حلمي وقل طموحي فقالت لي والدتي أنت وعدتني أن تصبح طيار ، فقلت لها إنشاء الله ولكن وش رائك يا والدتي لو أصبحت مهندس معماري ، فكان ردها كله خير وبركة .
بعد ذلك انضممت إلى التعليم الثانوي الهرم بدأ يتلاشى الطموح ، ووالدتي تنصحني بالجد وهي بلسان المذكر لي وعدتني انك تطلع طيار ولا مهندس ، فقلت لها أضيفي لطموحاتي ضابط ، فما كان منها القول اللي كاتبه الله زين . :mf_popean
.........وتخرجت من الثانوية بتقدير ممتاز وحسن السيرة والسلوك ، فكانت بداية النهاية للطموح
فلا الخطوط السعودية قبلتني ( لعدم توفر واسطة ) ، ولا الكليات الهندسية قبلتني ( للسبب السابق الذكر ) ، ولا الكليات العسكرية قبلتني ( الوالد ليس أحد ضباط قطاعهم – يعني فيتامين واو ) .
وأخيراً انتهى بي المطاف في أحد كليات العلوم ( هذه المرة بدون واسطة ) ولكن سجلت إجباريا في أحد التخصصات العلمية التي لا أريدها ( على كيف العم مدير الجامعة ) تبي ولا أسحب ملفك وشم كفك . وبذلك أصبح طموحي مثل الذرة التي لا يمكن مشاهدتها إلا تحت المجهر .
وأتت معاناة بعد التخرج ( التعيين وما أدراك ما التعيين ) ، يقولون إن وزير التربية والتعليم ووزير الخدمة المدنية حالفين يمين بالطلاق والحرام إنهم لينشطون السياحة في البلد بحيث يعينون وينقلون في الخريجين المعينين حديثاٍ في ربوع بلادي العزيزة ( ما يردونك لأهلك إلى أن يمسحون فيك غبار الهجر والقرى النائية ) .
فاصبحت أمي تندب وجهها بعد أن طمعتها بطموحاتي العالية والتي وأدوها المسئولين عن تعليمنا وجامعاتنا والآمرين بالبطالة والناهين عن التوظيف ، فأصبحوا من جرف لدحديرة ، والله المستعان .
ويزداد ضحكي وقهقهتي ( والعكس صحيح ) عندما أرى طلابي يحلمون ويطمحون فقد كانت طموحاتهم بسيطة ومتدنية جداً بعكسي أنا وأبناء جيلي فانظروا ماذا كان طموح اثنان منهم .
الأول طموحه أن يصبح جندي في المباحث بعد أن ينتهي من دراسة الثانوية ولن يكمل دراسته الجامعية !! لماذا ؟؟ السبب بسيط لأن أخيه الذي يكبره سناًً متخرج من أربع سنوات من الجامعة وما زال عاطلاً .
الآخر يخطط أن يترك الدراسة ليفتتح بسطة لبيع الخضار والفواكه وسيدعو لحفل الافتتاح كلاً من
1 – وزير التربية والتعليم ( لمجهوداته العظيمة ودفعه لرعاية طموح الطلاب ، والعكس صحيح وأكبر دليل على ذلك خريجين كلية المعلمين )
2- وزير التعليم العالي ( لأن أبواب جامعاته مفتوحة للهواء والغبار ومقفلة في وجه خريجي التعليم العام )
3 – وزير العمل ووزير الصناعة ( حدث عن كلاهما ولا حرج ويكيفنا ترديدهم (للسعودة) هذا يكفي كل وأحد منهم ليحافظ على كرسيه ) :icon_twis
## سيقص شريط افتتاح البسطة ( تاج الإسلام رفيق ) هندي يدفع عربية بسوق الخضار ( لكي ينقل البضاعة للبسطة مجاناً ).
بالله عليكم من المسئول عن قتل طموحي وطموح أجيال بكاملها ؟؟
من كان لديه الجواب فليشارك أو يكتم آلامه في صدره وشكراً لكم .
التوقيع
مقتول الطموح
ملاحظة / أنا لست أديب أو بلاغي القصة كتبتها كما هي في خاطري دون تحسينات بلاغية أو أدبية فالتمسوا لي العذر .