حمد بن عبدالله القميزي
يعتبر تطوير المناهج الدراسية ضرورة مُلحة في ظل التطورات العالمية المتلاحقة، لذا سعت وزارة التربية والتعليم في هذه البلاد المباركة إلى مواكبة ذلك التطور العالمي في شتى المجالات في جميع مناهجها الدراسية، مع تمسكها بالقيم والمبادئ التي قامت عليها هذه البلاد، كما أكدت على أن سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية المرجع الأول الذي يعتمد عليه المشروع الشامل لتطوير المناهج، اضافة إلى مرجعيات أخرى، مثل: حاجات سوق العمل، والحاجات المستقبلية، وحاجات الطلاب. والاتجاهات العالمية المعاصرة في تطوير المناهج، والتجارب العالمية، والدراسات والأبحاث الميدانية المحلية والعالمية، وهذا المشروع الشامل لم يكن وليداً لأحداث معينة، وإنما كان منذ فترة زمنية يسير وفق خطط معينة ومراحل متتابعة ومدروسة.
وقد تناولت العديد من صحفنا في الفترة الماضية موضوع تطوير المناهج الدراسية خلال كتابات مختلفة لعدد من المختصين وغيرهم، وكانوا في تصوري على فئات ثلاث: فئة رفعت مناهجنا الدراسية إلى أعالي القمم، وفئة رأت انها سبب ما بنا من مشكلات، وفئة ثالثة توسطت في الحكم.
والعدل في نظري أن مناهجنا الدراسية تتميز على كثير من مناهج دول أخرى - وربما بعضها تفوق علينا حضارياً - يشهد لها بذلك العديد من التربويين في الداخل والخارج، وتطويرها أمر طبيعي تتطلبه التطورات العالمية.
ومع هذا يبقى عنصر مهم في عملية التطوير إذا لم يراع ويلق العناية الفائقة في مشروع التطوير فإن النتائج للمشروع لن تكون كما يراد لها.
إن هذا العنصر هو منفذ المنهج المدرسي (المعلم)، لذا اتفق المربون على أنه العنصر الأساسي الذي لا يمكن لأي نظام تعليمي ان يؤدي دوره على الوجه الأكمل في غيابه أو عند عدم كفاءته، فبإخلاصه وفاعليته ومدى استعداده للنمو، وبقدراته الابداعية ورغبته في التطوير والتجديد يستطيع ان يحقق للنظام التعليمي ما يصبو إليه، إذ هو حجر الزاوية في التربية والتعليم، وهو المؤثر في سلوك الطلاب وتحصيلهم الدراسي بأقواله وأفعاله ومظهره ومعتقداته وتصرفاته الشعورية أو غير الشعورية.
ومن ثم فإنه مع حرص المسئولين في وزارة التربية والتعليم على التطوير المستمر والشامل لعناصر المنهج الدراسي - الأهداف، المحتوى، الأنشطة والوسائل التعليمية، التقويم - فقط فإن هذا التطوير قد لا يؤتي ثماره المرجوة ما لم يكن هناك معلم (مُطَوَّر) ينفذ المنهج المُطَوَّر.
إن منفذي المنهج المدرسي - المعلمين - إذا لم يُسع إلى تطويرهم التطوير الدائم الذي يهيئ نفوسهم للتطوير الجديد الذي يحدث في المناهج المدرسية فيجعلهم يتقبلونهم ويتحمسون لتنفيذها، أو على الأقل لا يعارضونها أو يسيئون تنفيذها فإن الثمار المرجوة من التطوير قد لا تتحقق.