النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: حكم الاستهزاء با الدين والصالحين

  1. #1
    ~ [ نجم مشارك ] ~
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    181

    حكم الاستهزاء با الدين والصالحين

    --------------------------------------------------------------------------------

    السؤال

    رجل ركب مع جماعة في سيارة، فسمعهم يتهكمون بالعلماء وأهل الدين، ويضحكون منهم حال

    صلاتهم، ويشيرون إلى لحاهم، وهيئاتهم، واستعمالهم المسواك، وأفاضوا في أشياء من هذا، قال:

    فأنكرتُ عليهم ذلك؛ فلم يقبلوا مني، وتكلموا بكلام قبيح، وقالوا لي: أنت ما تفهم الكلام، ونحن نمزح مع

    بعضنا.

    ويسأل عن حكم هؤلاء، ومن يتكلم بمثل هذا الكلام، ويستهزئ بأهل العلم والدين وأئمة المسلمين؟


    الإجابة((الشيخ عبدالله بن عقيل)

    الذي يهزل ويستهزئ بعلماء المسلمين، وأهل الدين والصلاح، ويتهكم بهم، ويضحك منهم -لاسيما حال

    أدائهم عباداتهم التي شرعها اللَّـه لهم- فهو كافر، سواء كان جادا، أو هازلا، أو مازحا، ومما يستدل

    به لما ذكرنا قوله تعالى: {إِنَّ الَّـذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّـذِينَ ءَامَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ

    يَتَغَامَزُونَ}( )، وقوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُــوضُ وَنَــلْعَبُ قُــلْ أَبِــاللَّـهِ

    وَءَايَاتِهِ و َرَسُـولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}( ) .

    قال المفسرون( ) في تفسير هذه الآية عن ابن عمر، ومحمد بن كعب، وزيد بن أسلم، وقتادة- دَخَل

    حديثُ بَعضهم في بعض-: إن رجلاً قال في غزوة تبوك: ما رَأَينا مثل قرّائنا هؤلاء أرغب بطونا،

    ولا أكذب ألسنا، ولا أجبن عند اللقاء- يعني رسولَ اللَّـه صلى الله عليه و سلم و أصحابه- فذهب

    عَوْفٌ إلى رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم ليخبره؛ فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجلُ إلى رسول

    اللَّـه صلى الله عليه وسلم وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول اللَّـه، إنما كنا نخوض ونتحدث

    حديثَ الركْبِ نقطع به عنا الطريق.

    قال ابن عمر: كأني أنظر إليه متعلقا بنِسْعَةِ ناقة رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم ، وإن الحجـارة

    تَنْكُبُ رجـــليه، وهـــو يقــول: إنما كنا نخوض ونلعب، فيقول له رسول اللَّـه صلى الله

    عليه و سلم : {أَبِاللَّـهِ وَ ءَايَاتِهِ و َرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} ما يَلتفت

    إليه، وما يَزيده عليه. انتهى. وكذا ذكره المحدثون، والمؤرخون.

    ففي هذا دليل على أن هذا الصنيع منافٍ للإيمان بالكلية، ومخرجٌ من الدين؛ لأن أصل الدين الإيمان

    باللَّـه وكتبه ورسله، ومن الإيمان تعظيم ذلك، ومن المعلوم أن الاستهزاء والهزل بشيء من هذه أشد

    من الكفر المجرد؛ لأن هذا كفرٌ وزيادةُ احتقارٍ، فإن الكفارَ إما مُعْرِضون أو معارِضون، فالمُعْرِضُ

    معروفٌ، وأما المُعارِض فهو المحاربُ لله، ورسوله، القادحُ باللَّـه، وبدينه، ورسوله، وهو أغلظ كفرا،

    أو أعظم فسادا من الأول، والهازل بشيء مما ذُكِر داخل في هذا النوع.

    قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بــن عبد الســلام بن تيميــة الحرَّاني الحنبلي المتوفى سنة

    728 هـ - رحمه اللَّـه-: وفي قولهم: {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} مـا يـدل على أنهم اعـترفـوا

    واعتذروا؛ ولهذا قـيل لــهم: {لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَائِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}

    فدلّ على أنهم لم يكونوا عند أنفسهم قد أتَوا كفرا، بل ظنوا أن ذلك ليس بكفر، فبيّن اللَّـه تعالى أن

    الاستهزاء بآيات اللَّـه ورسوله كفرٌ يكْفر به صاحبه بعد إيمانه، فدل على أنه كان عندهم إيمان

    ضعيف، ففعلوا هذا المحرَّم الذي عَرَفُوا أنه محرَّم، ولكن لم يظنوه كفرا، مع أنه في الحقيقة كفر، فإنهم

    لم يعتقدوا جوازه ( ) .
    قال: وفي الآية دليل على أن الرجل إذا فعل الكفر ولم يعلم أنه كفر لا يُعذر بذلك بل يَكفر، وعلى أن

    السابَّ كافر بطريقِ الأَوْلى.

    وقوله: أرغب بطونا، أي: أوسع، يريد كثرة الأكل، فكثرة الأكل وإن كانت مذمومة لكن هذا ذكروه في

    معرِض الاستهزاء.

    وقد كذب هذا الرجل، فإن الصحابة -رضي اللَّـه عنهم- أحسن الناس اقتصادا في الأكل وغيره، بل

    المنافقون والكفار -من أضراب هذا- أوسع بطونا وأكثر أكلا -كما صحت بذلك الأحاديث- وهم -

    أيضا- أشد الناس جبنا، وأكذب خَلْقِ اللَّـه حديثا -كما وصفهم اللَّـه بذلك في كتابه- ولهذا قال له

    عوف: كذبت، ولكنك منافق.

    وفي قوله تعالى: {أَبِاللَّـهِ وَ ءَايَاتِهِ و َرَسُولِهِ ...} الآية، اعتبار المقاصد؛ لأنهم لم يذكروا اللَّـه ولا

    رسوله ولا كتابه بشيء، وإنما فُهم هذا من مقصدهم الخبيث، فإن قيل: كيف لم يقتلهم ؟ قيل: مخافةَ أن

    يتحدث الناس أن محمدا يقتلُ أصحابَه، كما علّل بذلك صلى الله عليه و سلم .

    ويُلحق بذلك : الاستهزاءُ بالأفعال والإشارات، مثل مد الشفة، أو الشفتين، وإخراج اللسان، والرمز

    بالعين بإغضائها، وغير ذلك من كل ما عده الناس احتقارا واستهزاء.

    من هذا يتبين أن بعض الاعتذارات لا ينبغي أن تقبل؛ لأن هذه الأشياء لا تأتي إلا ممن انشرح صدره

    لها، ولو كان الإيمان قد وقر في قلبه لمنعه من التفوه بذلك لدى الناس، ولكفه عما يضادّه ويخالفه،

    فإيمانُ القلب يستلزم العملَ الظاهر بمقتضاه؛ ولهذا قال تعالى في الآية الأخرى: {وَيَقُولُونَ ءَامَنَّا بِاللَّـهِ

    وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّـى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ}( ) ، فنفى سبحانه وتعالى

    الإيمان عمن يتولى عن طاعة الرسول... إلى آخر كلامه - رحمه اللَّـه -.

    وفي هذا دليل على أن الإنسان قد يكفر - بكلمة يتكلم بها، أو عمل يسيرٍ يعمله- وهو لا يشعر، كما قال

    تعالى في آية آخرى: {...أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}( ) ، وفي الحديث: «إن الرجل ليتكلم

    بالكلمة من سخط اللَّـه لا يلقي لها بالاً يهـــوي بهـــا في النــــار سبعين خريفا»( ) . أو

    كما قال صلى الله عليه وسلم . ومن أشد ذلك خطرا إرادات القلوب، فهي كالبحر الذي لا ساحل له.

    وفي هذا دليل على الخوف من النفاق الأكبر، فإن اللَّـه تعالى أثبت لهؤلاء إيمانا قبل أن يقولوا ما

    قالوه، كما قال ابن أبي مُلَيْكَة: أدركت ثلاثين من أصحاب رسول اللَّـه صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف

    النفاق على نفسه. نسأل اللَّـه العفو والعافية.

    فعلى الإنسانِ الحذر من هذه الأقوال والأفعال القبيحة، ولْيكفَّ نفسَه ولسانَه عن الانطلاق في هذا

    الميدان، فقد ورد في الحديث: «وهل يَكُبُّ النــاسَ عــلى منــاخرهم في النار إلا حصائدُ

    ألسنتهــم»( ) . اللَّـهم عفوا وغَفْرا، ربنا لا تُحملنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنا، واغفر لنا،

    وارحمنا، أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين. وصلى اللَّـه على نبينا محمد وعلى آله وصحبه

    وسلم.

    الشيخ عبدالله العقيل حفظة الله ومد في عمرة على طاعتة وهو احد طلاب الشيخ ابن سعدي رحمة الله
    __________________

    للمجاهد في سبيل الله


    يافـدى عـينـيك جـيل من رفات***ذاب بـالـعـود وبالـمزمارهـامـا
    يافدى عينيك جيش من ركاماُ***نُـكّست راياتة البيض انهزامـا
    يافدى جـثمانك الطاهـرشعـب***اسلم الباغي كما يهوى الزماما

  2. #2
    ~ [ نجم نشيط ] ~
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    200
    النت جزاك الله خيراا

  3. #3
    ~ [ عضو مؤسس ] ~

    الصورة الرمزية همسة الطـيف
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    المشاركات
    27,134
    لاحول ولا قوة الابالله ..

    جزاك الله خير الجزاء ..

    على هذا التوضيح ..

    يحفظك الرحمن ..

  4. #4

    شـجـون اللـيـل

    الصورة الرمزية (*)~سدوومة~(*)
    تاريخ التسجيل
    Aug 2005
    الدولة
    خارج نطاق التغطيه
    المشاركات
    9,685
    جزاكــ الله خير

    علي التوضيح الرائع والمفيد جعلها الله في موازيين اعمالكــ

    الله يعطيكــ العافيه اخوي

    النت

  5. #5

    عضو ماسي


    تاريخ التسجيل
    Jan 2005
    الدولة
    بلاد الحرمين
    المشاركات
    6,929
    الـلـه يجزاك الجنـة أخي النت

    فالإستهزاء بأهـل الدين و الصـلاح ليـس بالأمر الهين

    وأشكرك على التوضيح

    أختك .. بــشــرى

  6. #6

    مشرفة سابق


    تاريخ التسجيل
    Jul 2005
    الدولة
    ريــاض العــز
    المشاركات
    6,168
    جزاك الله خيرا

    وكما قالوا (( لحوم العلماء مسمومه))

  7. #7
    احسنت النقل والإختيار

    لحوم العلماء مسمومة .......
    نسأل الله السلامة والمعافة ....


    نشكر لك ما قدمت أثابك الله كل خير وبر ...على نقلك

  8. #8
    ~ [ نجم مشارك ] ~
    تاريخ التسجيل
    Feb 2006
    المشاركات
    181
    مشكورين على المرور

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 30-07-2012, 06:00 AM
  2. ما الفرق بين الصديقين والصالحين؟
    بواسطة أهــل الحـديث في المنتدى أهل الحديث
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 29-01-2012, 08:00 PM
  3. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27-12-2011, 07:30 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •