اختلطت دموع الفرح والحزن بتربة أثناء استقبال الأهالي لاثنين من الناجين في حادث العبارة المصرية السلام 98 ووفاة الثالث وفقد الرابع في رحلة القنص التي يعتزمون القيام بها في صحراء سيناء «الرياض» كانت في استقبال ناصر بن عايد بن غالب وناصر بن محمد اللذين عاشا الكارثة لحظة بلحظة وتحدثا بألم وحزن عن معاناتهما ومعاناة جميع من كان على متن العبارة المشؤومة لاسيما الأطفال والنساء وكبار السن وارجعوا السبب في زيادة عدد المفقودين إلى عدم صدور تعليمات صريحة من طاقم العبارة باستخدام قوارب النجاة التي توجد على متنها بعد رفض القبطان لمطالبنا وإلحاحنا بالعودة لميناء ضبا بعد نشوب الحريق مباشرة إضافة لسوء تعامل الطاقم مع الركاب ونترك القارئ يتابع أحداث الكارثة في لقائنا بهم.
حيث روى المواطن ناصر بن عايد تفاصيل ما حدث وقال: لقد اتفقت انا وثلاثة من زملائي وهم ناصر بن محمد وعبد الله بن حامد وجمعان ناجي على القيام برحلة صيد بصحراء سيناء مصطحبين سيارتنا الجيب لتساعدنا على التنقل وقررنا السفر عبر الباخرة التي صعدنا عليها قبل المغرب وفي الساعة الثامنة دخلنا إلى الكبينة لأخذ قسط من الراحة وفجأة طلب منا الطاقم الصعود إلى سطح العبارة وبعد الصعود شاهدنا الدخان يتصاعد من الجهة اليمنى في مؤخرة العبارة مما جعل الركاب يطلبون تفسيراً لتصاعد الأدخنة وكانت إجابة الطاقم أننا مسيطرون على الموقف تماما ولا يوجد أي ضرر منها..وعندما اشتد تصاعد النيران والدخان الكثيف من موقع السيارات في العبارة طلبنا منهم العودة لضبا أو مقابلة القبطان لاقناعة بالعودة أو طلب النجدة كانت إجابتهم نفس الأولى لقد تمت السيطرة على الأمر وواصلت العبارة السير وهي تميل على جانبها الأيمن لمدة أربع ساعات حتى بدأت في الغرق بسبب المياه التي أخذت تتدفق داخل كبائن العبارة وهذا جعلنا نطالب الطاقم بإنزال قوارب الإنقاذ فرفضوا بينما قال مساعد القبطان ونحن على سطح العبارة سوف تكونون وجبة لسمك القرش هذه الليلة مما جعلني انزل إلى الدور الأول وأقوم بكسر الخزانة واخذ مجموعة من ستر النجاة وسط عويل وصياح النساء والأطفال ومن ثم العودة لزملائي على سطح العبارة مرة أخرى وفي تمام الساعة الثانية عشرة والنصف تقريبا بدأت العبارة في الغرق فقررنا القفز في البحر ونحن نعلم بأن الموت هو مصيرنا. وعن تفاعل طاقم العمل بالعبارة مع الأحداث قالوا لقد كان تعاملهم سيئاً للغاية مع الركاب المغلوبين على أمرهم فلم يكن هناك إرشاد للركاب او مساعدة لهم كما كان رفضهم القاطع لتسليم ستر النجاة وإنزال قوارب النجاة مثار الاستغراب حتى هذه اللحظة كما كان غرور القبطان ومساعديه في التعامل مع الجميع واستغاثاتهم بكل برود زاد من هلع الركاب ومع بداية غرق العبارة كان طاقمها بقيادة قبطانهم اول من استقل قوارب النجاة وتركوا 1400نفس للموت. وبسؤال ناصر محمد عن وضع وحالة الركاب قال : لقد كان الوضع محزناً للغاية خاصة كبار السن والنساء والأطفال الذين تقطعت بهم السبل في عرض البحر فتعالت اصوات الجميع نتيجة الهلع والخوف الذي عاشوه قبل غرق العبارة وبسؤالهم عن كيفية اتخاذهم قرار القفز في البحر أجابوا لقد اجتمعنا نحن الأربعة ولبسنا ستر النجاة ونطقنا بالشهادة ومن ثم قفزنا في عرض البحر وسط ظلام دامس ورياح شديدة وبرد قارس ولم يكن بالقرب منا قارب نجاة نستقله وأخذنا في السباحة لمدة تجاوزت خمس ساعات في عرض البحر حيث فقدنا زميلينا جمعان وعبد الله في عرض البحر فواصلت انأ وناصر السباحة حيث حرصنا على أن لانفترق إلا عند موت احدنا وبعد شروق الشمس ازدادت حالتنا سوءا لأننا لم نر حولنا سوى الجثث التي تطفو على سطح البحر ورأينا طفلا في الرابعة على قيد الحياة حيث حمله ناصر بن عايد بن غالب معه وواصلنا مقاومة الأمواج العاتية حتى هيأ الله لنا قارب نجاة تدفعه الرياح وبه 15 شخصاً تمكنا من الصعود به والطفل معنا وواصل القارب مسيره بنا حتى فجر السبت لينقذنا الله سبحانه وتعالى بباخرة بريطانية أنقذنا طاقمها بعد الله من الموت في عرض البحر الذي مكثنا فيه 21 ساعة متواصلة واليأس وفقدان الأمل في النجاة يملأ قلوبنا.
وعن المواقف المؤثرة والمحزنة أثناء الحادث قال ناصر بن غالب وهو يجهش بالبكاء وفاة زميلنا عبد الله حامد وفقد جمعان الذي لم ترد عنه أخبار حتى الآن وكذلك مشاهدتي لجثة امرأة تطفو على سطح البحر وقد وضعت ابنها الصغير بين صدرها وسترة النجاة ومن المواقف التي كان لها بالغ الأثر في نفسي طفلة في الخامسة تحدثني وانأ اطلب منها أن ترتدي سترة النجاة مع والدتها احنا هنعيش ياعمو بينما قال ناصر محمد لقد شاهدت مسناً سعودياً في العقد السابع وهرعت إليه بسترة النجاة وعندما حاولت أن البسه اياها قال دعني ياولدي لا راد لقضاء الله أنا رجل مسن ومريض لا استطيع السباحة دعني أموت في هذه الغرفة وانج بنفسك فتركته وهو يردد الشهادة والدعاء.
وعن تعامل السفارة السعودية معهم بعد وصولهما لميناء الغردقة: أجابا لقد كان تعامل جميع افراد السفارة السعودية مثالياً خفف معاناتنا منذ وصولنا فقد كانوا يبحثون بين الناجين عن أي مواطن سعودي ومن ثم نقله للمستشفى والكشف عليه ونقله إلى سكن ممتاز وسط متابعة ورعاية من سفير خادم الحرمين الشريفين بمصر الاستاذ هشام ناظر كما كانت مكالمة صاحب السمو الملكي محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية لنا لها بالغ الأثر في رفع معنوياتنا حيث تحدث معنا جميعا واطمأن على صحتنا.
رد مع اقتباس
-new.gif)
