أ.د. نجاح بنت أحمد الظهار
أنت الحبيب.. أنت الشفيع.. انت الكريم.. أنت صاحب الخلق العظيم.
صلى عليك الله يا علم الهدى ما هبت النسائم.. صلى عليك الله يا نور القلوب ما صدحت الحمائم.
صلى عليك الله يا من كفاه مولاه استهزاء المستهزئين في قوله تعالى (إنا كفيناك المستهزئين) الحجر (95).
قد يتهمنا غربان الاستعمار الذين يعششون في ديارنا بأننا قوم لا نجيد في المحن إلا البكاء وذرف الدموع، وارسال الآهات والزفرات عبر أنات الاقلام وأبيات القصيد.
ولهؤلاء نقول ان هذه المحنة التي تمر بها قلوب المسلمين المكلومة على حبيبها وشفيعها يجب ان تسح عندها الدموع سحا، لعل حرارة تلك الدموع تلهب الاحاسيس والمشاعر، وتجعلها تفيق وتستيقظ، وتهب مذعورة لنصرة الحبيب.
العاطفة الصادقة، والكلمة المعبرة، ليست عيبا نعير به كلما ألمت بنا غائلة، اليست لغة العاطفة أفضل من لغة جمود العين وتحجر القلب؟ فكم من اشعار وخطب دبجت خلال تاريخنا المجيد، فأوقدت القلوب وأثارت العاطفة، فدبت القوة في الاوصال، وسرت في العروق نارا هادرة، فكان النصر.
فعلى كتابنا وشعرائنا ان لا يلتفتوا إلى هذه الاقوال التي تهدف إلى تثبيطهم وإخماد جذوة حماسهم، لتضمن سكوتهم وتضمن سُبات العواطف وموت الهمم.
ولتنطلق الاشعار والخطب والمقالات مدافعة بصدق عن حبيبها وشفيعها فاذا لم نشحذ هممنا وندبج خطبنا، ونسوق قصائدنا في هذا الوقت الذي يهاجم فيه اشرف الخلق بأقلام ارذل الخلق، فإنه لا خير فينا ولا خير في اقلامنا.
لا شك ان كل فرد مسلم غيور محب للمصطفى صلى الله عليه وسلم قد طعن واوذي بتلك الممارسات العمياء التي قامت بها بعض صحف الدنمارك، تبعتها بعض الصحف النوريجية.
وكان من الممكن ان ينظر للقضية على أنها قضية افراد متطرفين لا يعون أبعاد ما يفعلون، ولكن ان يصرح رئيس وزرائهم بتأييده المطلق لتلك الممارسات، ويذكر بكل تبجح بأن ما صدر في تلك الصحف هو من قبيل حرية الرأي والتعبير، فإنه دليل ملموس على ذلك الحقد المكبوت في الصدور.
وهنا اود ان اقف وقفه قصيرة قبل ان أستأنف كلامي لأسأل تلك الاقلام من بني جلدتنا التي اعماها حب الغرب، فتراها بمناسبة وغير مناسبة تستهزئ بكل من يقول اننا أمة مستهدفة من الغرب أسألها هل هناك استهداف اكثر من النيل من حبيب الامة. وهو استهداف علني رسمي؟
اعود واستأنف حديثي واقول بأن المسألة بعد تصريح رئيس وزراء الدنمارك لا يمكن ان تعد مسألة فردية، بل هي مسألة دولية بجميع ابعادها، وبما انها اصبحت كذلك فإن الرد على هذه السخرية وتلك الاستهزاءات يجب ان يكون رد أمة الاسلام بكاملها يتصدرها رؤساء الدول لا ان يترك افراد ليقفوا في وجه دولة تعبث بكل القيم والاعراف من المخزي والمحزن أن تصاب كثير من الدول الاسلامية بداء الصمت والصمم، ويمتلئ قلبها بالجبن والخور، وهي تصدح بأنها تلتزم سياسة الحكمة وأخذ الامور بالروية والصبر وعدم التهور.
عجيب أمر امتي التي سيطرت عليها لغة السياسة، واصبحت هي لغة التفاهم الأولى، وهي مصدر عزتها وشموخها، فاذا ما مست سياستها أو جرح رمز من رموز هذه السياسة، فإنك تراها تزبد وتربد، وتقاطع وتستدعي سفراءها، أما اذا ما استهزئ بخير البرية المصطفى صلى الله عليه وسلم رأيتها تدس وجهها في الظلام إهمالا وغفلة وعدم مبالاة بل هروبا من واجبها ومسؤوليتها الأولى.
ان اولئك الاشرار الذين تطاولوا على شخص حبيبنا، قد استمدوا قوتهم من مساندة دولتهم، وتشجيع رؤسائهم، فهلا وقف أحد رجالات الامة ليرد على نظيره رئيس الوزراء الدنماركي، ويفهمه ما معنى حرية الرأي، وهلا غضب غضبة مضرية يشفي بها غليل الامة مدافعا ومنافحا عن خير البرية.
نعم لقد وقفت المملكة العربية السعودية وقفه شجاعة واستدعت سفيرها، وأعادت الامل إلى قلوب المسلمين.
نحن نريد من جميع الدول الاسلامية ان تقف وقفة رجل واحد، وتحذو حذو المملكة، فحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم هو رسول الامة جمعاء.
والله ما تجرأ علينا اعداؤنا إلا لعلمهم الاكيد بأن أصحاب القرارات باتوا يخافون من صنع القرارات. فهل يخيب الافراد ظنهم؟؟