ها انا انتظر .. بعدما مضى ما مضى ’ الأمال الراحلة تقبر بلا عودة ..وها أنا اليوم أوقفت الزمن من حولي وحركة الكون ودوار الشمس من شرق الى غرب اوقفت كل شيئ الا نبض قلبي .. ولازلت انتظر يوم تعودين مع تغاريد الأطيار وعندما تينع الأزهار ويحل الربيع .. ويدق القلب مع هبة نسمة ومع بزوغ كل وردة ورغم هذا ما عدتِ وقد عاد كل شيئ ’ غدا سيكون لقائنا كما وعدتِ , وكم طال انتظاري ورحت اعد النجوم وارسم بها ملامح لوجهك ورحت ارسم طيفك وارتشف من الخيال شذى بسمتك وانظر الى ساعتي فأجد زمانها توقف حتى الدقائق الهاربة , حتى الثواني المنتحرة تأبى الرحيل تأبى التحرك ’ ما باله الزمن توقف ..؟ هذا الزمن يغير من عشقك ويمنع عني رؤيتك , متى يأتي الغد ايتها السماء ؟؟ عندما تشرق الشمس ... وتعانق سفوح القمم الشامخة عندما يبتسم الفجر وتتنهد الارض هواءا عذبا . لكني لازلت انتظر واصبح الانتظار فوقي مثل السلطان الجائر الذي لا يرحم . متى تنجلي اللحظات وتنسحب الثواني والساعات ؟؟؟؟ حتى الزمن يحسدني فيك .. سأنسى ان في الوجود دقائق ولحظات سانسى ان في الوجود ثواني وساعات ساذكر فقط ملامح وجهك الأبيض . وتلك العيون التي تشبه زرقة السماء سأذكر أسمك كلما مررت على حقول الياسمين , سأرسم بسمتك بسحر الظلام وأكتم نبضات القلب على الكائنات .. يتوقف الزمن فلا أسمع الا حشرجة انفاسي ودقات قلبي هذا القلب الكون كله يسمعه الكون كله يحسده ونظرت الى ساعتي فلازالت العقارب تعزف عن المضي ولازال الزمن يكتم الحياة .. وفي لوح السماء رسمت لك صورة وزينتها بالف نجمة ونجمة ..
ونمت مثل طفل إستهوته هدهدة امه ساعة نومه في الليالي الخاليات وصورتك في القلب لا تمحى وسحر صوتك يهدهدني مثل طفل اضناه الكرى فنام مثل الملاك . وعند الفجر فتحت عيوني , ورأيت الشمس تبزغ من الاعالي تصافح شموخ الجبال والفجر يبتسم وعزف لحن الوجود وساعتي قد مضى زمانها وعقاربها تسرع الخطى وكأنها تريد ان تسير معي الى موعدنا .. وجلست تحت شجرة الصرو التي تحتها تواعدنا وتحت ظلالها تهامسنا وبجمالها رعتنا , وانتظرت وبعدها إنتظرت وبحثت لصبري عن صبر وانتظرت حتى ملني الزمن ’ ومضى الغد المنتظر ومضى بعده غدا اخر واخر ومضى الزمن بي سريعا وما أتيت الى موعد كنا قد ضربناه وتناثرت زهور الربيع امامي وانحنت ثمار الاشجار وتدلت ثرايات العنب من الاعالي وما رأيت طلتك البهية تقدم علي من .. وما رأيت بسمة ثغرك تشرق علي .. ولازلت تحت شجرة الصرو انتظر ربما يعلن فجر جديد وجودك ربما تأتين مع اشراقة شمس وبسمة يوم جميل , ورحت اتامل الكائنات الراحلة والبشر الغادون والرائحون على مصرح الحياة ومضى كل شيئ .. مضى كل شيئ وما زلت وحدي انتظر ’ انتظر يوما قد تجودين فيه علي بطلة عيونك التي تحاكي صفاء السماء وبسمت شفاهك التي يتدفق منها الربيع وخرير صوتك العذب
واصفرت وريقات الشجر وتناثرت من حولي تعبث بها نسائم الخريف الراحل ووحدي لازلت انتظر الكل راحل حتى اوراق الشجر , حتى الطيور تجمع بعضها اذانا بالرحيل عن مواطن الدفئ ’ ووحدي لازلت انتظر انتظر دفئ القلوب في زمن قست فيه القلوب , ورحلت الاطيار الى الجنوب وتعرت اشجار الدنيا واصبحت موحشة.. ونسمات الخريف تصفعني وما عدتِ ولازلت انتظر هذا الغد الذي وعدتني به رحل غدنا ورحلت معه ايام وشهور وما عدتِ وما أتيت ِ الى موعد كنتؤ انتِ قد رسمتيه ..
وحيد تحت شجرة الصرو انتظر مثل الاشياء الثابته حتى توقف الزمن من حولي وتوقف العمر كأن الحياة تابى الرحيل بي الى الامام تنتظر معي طلتك وطالت طلتك ونهمرت السماء عيون .. وغصت في الثلوج ولا دفئ لي الا ذكراك بسمتك وعلت الثلوج تغطي ساقي ووحدي ثابت مثل شجرة الصرو انتظرك انتظر هذا الغد القادم الذي لا ياتي وتصفعني حبات البرد وقطرات المطر وبعد الشتاء وعذابه تخضر الدنيا من حولي وتنبت الزهرات الصغيرة , ويلوح في الافق دفئ الربيع وجمال الربيع وحسن الربيع وما طل حسنك وما هل نجمك وما عاد طيفك
وعادت الاطيار فرحة الى الاوطان فرحة بدفئ الربيع وأورقت الحياة خضرة وجنة وعاد الربيع وصافحت الشمس القمم فسال بدفئها الثلج ماءا عذبا وعادت المياه الى مجراها في الوديان وعادت الحياة وعادت الاطيار وعادت اوراق الاشجار والزهور الجميلة كل عاد ووحيد انا انتظر منذ الف الف عام ..
ومع اطلالة شمس وبسمة الربيع الجديد عدتِ.. عدتِ يا روعة العودة بعد طول غياب ويا خيبتي يا خيبة الانتظار في زمن القلوب الباردة عدتِ ويدك في يده وتبتسمين له مثلما كنت لي تبتسمين وعيونك تشرق شمسا وفرحا كما كانت تشرق لي فرحا ويخرج منهما الياسمين ورأيتك تضحكين وتحاكين الاطيار في سحرها والزهور في بهائها ومررت أمامي ويدك في يده ورأسك على صدره نظرت الى نفسي فوجدتني أغصانا وشجر وزهرا ووردا .. في انتظار حبك الراحل صرتني الحياة الى شجرة مهملة مثقلة بالثمار .
وصمت القلب وانطفا من حولي كل شيئ وعم الصمت على الكائنات ..