أولا : الحب الذي أقصده هو الذي تغنى به الشعراء و صَدَح بأشعاره المغـنُّـون ، و تناقلت أخبار مشاهيره الروايات .
ثانيا : هو حب ينشأ بين رجل و امرأة غير متزوجين ، ( قد يكون هدف العلاقة الزواج و قد لا يكون ، قد تؤدي إلى الزواج و قد لا تؤدي ) .
ثالثا : يشغل الحب حيزا كبيرا في حياتنا ( أي نظرة إلى الأشعار و القصص و الأغاني و الأفلام تؤكد ذلك ) .
رابعا : بالرغم من هذه المكانة إلا أن الحب يعاني من مشكلة أزليّـة ، و هي أزلية لأنها تقع في صميم تكوينه .
خامسا : المشكلة باختصار أن هذه العلاقة محرمة في ديننا ، و تعتبر فيه ذنبا ينبغي التحفظ من السقوط فيه ، و معصية يجب الإقلاع عنها و الاستغفار منها .
مما سبق أستنتج ما يلي :
أولا : أن الحب في مجتمعنا هو ( حتما ) إحساس غير مشروع ، و فعل مقترن بالخطيئة منذ ولادته ، و لذلك فهو كائن لا ينمو إلا في الظلام .
ثانيا : أن المحـبَّـين ( في مجتمعنا ) مهما اتصفا بطهر و حسن نية فإنهما مع أول خطوة يخطوانها في درب الحب يكونان مدركين أنهما يرتكبان خطأ و إثما !! و يشعران بأن ما يعتمل في صدريهما إحساس غير مشروع .
( و لنا أن نتخيل وطأة ذلك على نفوس حساسة )
ثالثا : أن لهذا التصور ( الحقيقي ) للحب دورا في جعل الكثيرين من المحبين لا يتحلون بأخلاق و مثل عليا في علاقات حبهم ، ( هل ننتظر مثلا من طالب غشاش أن يستثني الغش في مادة القرآن أو هل ننتظر من قائد اللصوص أن يحرص على العدل في تقسيم المسروقات بين أعضاء عصابته – عذرا لفقاعة المَـثَـلين) ؟
رابعا : هذا التصور و إن كان حتميا ( لأنه مستمد من صميم تكوين الحب كما أسلفت ) إلا أنني أرى أن الناجين من آثاره هم مَـن يملكون توازنا نفسيا مع الأخطاء فينظرون إلى وجودها في حياتهم بعمق و يتعايشون معها على أنها من طبيعة الحياة ، فيتمكنون من العبور بين حبات المطر دون أن تـتأثـر مشاعرهم . ( طبعا لا أقصد بذلك الفرح بالمعصية أو عدم الاكتراث بها و لكن إنزالها منزلها الحقيقي دون توسيع أثرها النفسي ليفسد جوانب مضيئة في شخصية المحب ) .