يقف المرء حائرا أمام ما يرى من محن وفتن تفتك بهذه الأمة فتزيدها وهنا على وهن وضعفا على ضعف وتمزقا على تمزق. والمؤسف أن جل ذلك يحدث بأيادي أبنائها للأسف وكأنها بحاجة إلى المزيد من الوهن والضعف والهوان والتمزق.
أرواح بريئة تزهق بالآلاف ... ودماء زكية تجري كالأنهار ... ومكتسبات تدمر بالمئات ... وآهات وصرخات وزفرات وآلام وأحزان تكاد تصل عنان السماء بعد أن ضاقت بها الأرض.
ها هي المقابر والمستشفيات في عالمنا العربي والاسلامي قد ضاقت بالمشيعين والزوار والسبب تفجير هنا وجز للرؤوس هناك وكل ذلك يرتكب باسم الاسلام تارة وباسم الطائفية والمذهبية تارة وباسم الخيانة العظمى تارة أخرى.
أما آن لهذه الأمة أن تعود إلى رشدها لتنشر الخير والمحبة والسلام وتساهم في عمارة الأرض وتسابق غيرها من الأمم في المخترعات والمكتشفات بما يخدم البشرية لتعطي صورة مشرقة عن دينها وأخلاقها ... إنه مجرد حلم أتمنى أن يتحقق يوما ما. فعزة الأمة لا تتحقق بالتناحر بين أبنائها على أسس فكرية وطائفية ومذهبية ومناطقية وهي ما يسعى البعض في تأجيجها للأسف إما عن جهل أو عن سابق إصرار وترصد، ولكنها تتحقق بتجاوز الخلافات والتركيز على نقاط الالتقاء والقواسم المشتركة بين تلك الشرائح. إذ من المستحيل أن تجعل الناس نسخا كربونية في قناعاتهم وأفكارهم وتصوراتهم وأفعالهم وأفهامهم فهذا هو الوهم بعينه ويستحيل حدوثه ولكن ألا تكفي كلمة " لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " لتكون قاسما مشتركا تجمع أكثر من مليار مسلم على وجه الأرض على البر والتقوى. أما إن دخلنا في التفاصيل فأبشروا بمزيد من التمزق والتشرذم والضعف والهوان لأنه يستحيل أن تكره كل المسلمين على قناعاتك وعاداتك وتقاليدك وأعرافك ... فهذه هي المساحة التي تحول دون نهضة الأمة وتزيدها انشقاقا وتمزقا ويتمنى الأعداء أن تزيد اتساعا وهم يتفرجون علينا ويضحكون ... وهكذا نحن الذين ندمر أنفسنا بتركيزنا على أوجه الخلاف بيننا كأمة وننسى نقاط الإلتقاء والإتفاق ثم نلوم الأعداء ولا نلوم أنفسنا على ما يحدث لنا من ضعف وتشرذم وهوان.