ترددت كثيراً في الرد على ما جائت به أختنا الرهيبة في موضوعها ( بركات المولى بن لادن )..
ولكنني آثرت الصمت حتى يكتب الله أمراً كان مفعولاً..
وقد كتبه الله الآن ..
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله أما بعد . . لقد أثارني ما سمعته من أختنا المشرفة الرهيبة في المنتدى العام بعنوان بركات المولى بن لادن وما جاء فيه من سب وشتم وتوزيع التهم جزافا وتصنيف للناس بدون ضابط إلا أن يكون ذلك الضابط هو الهوى ومن تعد في الدعاء على أناس أقل أحوالهم أنهم مسلمون يدينون لله بدين الإسلام ولو كان كل ما تقدم يكال للكفار فيه , وكيف وهذا الكلام يقصد بها مسلم معصوم الدم والمال والعرض .. أليس هذا الكلام في عرضه .. أليس هذا عزل له عن الدعوة وأن جميع ما جاء به هذا الشخص باطل ...
وهذا محال أن يتصوره إنسان عاقل إذ لا يمكن أن يكون أي شخص في العالم على حق دائماًًًًًًًً في جميع أحواله , فالعصمة للأنبياء والرسل فقط . ولا يمكن ان يكون إنسان على الباطل دائما بل قد يصيب في بعض الأمور وقد يخطئ . وهذه سنة الله في خلقه .
والحقيقة أنه أحزنني ما صدر من بعض الأعضاء في ردودهم كذلك من دعاء على الأخ أسامة بن لادن فهو مسلم وله سبق في الجهاد نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا . فبدلا من ذلك كنا نرجو من الأخت الرهيبة أن تدعو له وتثني عليه بما يستحقه ... فهو في حاجة إلى هذا . وهذا هو شأن المسلم مع أخيه المسلم , ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) . ثم ماذا في هذا الكلام من خير إنما هو تنفيس لأعداء الله وشماتة لهم بنا نحن المسلمون . وهل الرهيبة تجهل قيمة الدعاء إلى هذا الحد فكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (الدعاء هو العبادة). بحيث يدعو على المسلمين وفي المقابل يصب هذا الدعاء في صالح الكفار , و والله إن هذا من التعدي والاعتداء في الدعاء , حيث يتجاوز به الحد المشروع إلى الحد الممنوع . ثم إن الكلمة أمانة فليتق الله قائلها . فإن السلف الصالح يخافون من مغبة الكلام وما تجره عليهم ألسنتهم حتى فيما يكون ظاهره صالح المسلمين
فأنظروا إلى الربيع بن خثيم رحمه الله حينما قيل له :ألا تذكر الناس ؟ فقال : ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمها إلى أن أذم الناس , إن الناس خافوا الله في ذنوب الناس وأمنوه على ذنوبهم .!!
وقال عبد الله بن عون رحمه الله : ما أحسب أحداً يتفرغ لعيب الناس إلا من غفلةٍ غفلها عن نفسه , وقال يونس بن عبيد رحمه الله : خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما من أمره , صلاته ولسانه . وقد قيل في ابن عون انه ما ساد الناس بترك الدنيا إنما سادهم بحفظ لسانه .
واعلمي يا أختي أن الكلام ترجمان يعبر عن مستودعات الضمائر ويخبر بمكنونات السرائر لا يمكن استرجاع بوادره ولا يقدر على رد شوارده , فحق على العاقل أن يحترز من زللـه بالإمساك عنه أو بالإقلال منه(1) . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: اللسان معيار أطاشه الجهل وأرجحه العقل . ثم إن الكلام الذي لايبنى عليه عمل , ولا تقوم به مصلحة هو فضول الكلام الذي لا يسمن ولا يغني من جوع , وهو بذلك مضيعة للوقت . وأيضا الخوض بالكلام الذي لا يفيد إنما هو مدخل من مداخل إبليس وقد تصل بصاحبها إلى درجة الضلال ورب كلمة يتلفظ بها المرء لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد مابين المغرب والمشرق ومصداق ذلك ما رواه مسلم في صحيحه .
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلّم الجيل الأول هذا المدخل الشيطاني لئلا يقعوا في شباكه فيهوون في النار فيما ذكر لهم(أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان وإن الله قال: من ذا الذي يتألى علىّ أن لا أغفر لفلان فإني غفرت لفلان وأحبطت عملك) روه مسلم .
فنصيحتي لنفسي ولإخواني المسلمين أن نشغل أنفسنا بما ينفعنا لا ما يضرنا. والله على ما نقول شهيد والصلاة والسلام على رسول الله محمد بم عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين
.................................................. ................
(1) أدب الدنيا والدين ... للماوردي
ملاحظة/ للقول ساعات يضر فيها الخطأ... ولا ينفع فيهها الصواب
من أخوكم/ برق نجد