[align=center]فلسطين ... قيادتان وشعب واحد[/align]
لست سياسيا ولا متخصصا بالسياسة ولكن الذي أعرفه أن الدولة يجب أن تبسط سلطتها على المجتمع من خلال قيادة موحدة والا تحولت الأمور الى فوضى عارمة. وما يحدث في فلسطين اليوم من صراع بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس لا يخدم القضية الفلسطينية ويجعل الرئيس الفلسطيني في حرج أمام دول العالم لأنه ببساطة عاجز عن بسط هيمنة الدولة على كافة مناحي الحياة في المجتمع الفلسطيني. فالسلطة الفلسطينية لها حساباتها واستراتيجياتها وسياساتها لحل القضية الفلسطينية لكن تلك الحسابات والاستراتيجيات والسياسات قد تتعارض في جوانب منها مع حسابات واستراتيجيات وسياسات حركة حماس مما يحرج القيادة الفلسطينية أمام العالم ويفسد عليها مشروعاتها السياسية والخاسر الحقيقي في النهاية هو الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
من غير المعقول ولا المقبول أن تبقى حركة حماس وكأنها دولة داخل دولة، بل لابد أن تنطوي تحت لواء سلطة واحدة معترف بها من الشعب الفلسطيني. فكوادرها العسكرية والأمنية يجب أن تنظم للأجهزة الأمنية الفلسطينية وتحت قيادة موحدة تعمل لخدمة الشعب الفلسطيني وحفظ الأمن والاستقرار الداخلي. أما قيادات حماس فمن حقها أن تدخل في حلبة اللعبة السياسية على كافة المستويات.
لا يمكن لأي مجتمع أن يعيش تحت ظل قيادتين تتعارض حساباتهما ومصالحهما ومشروعاتهما وهذا ما يحدث بكل أسف للشعب الفلسطيني اليوم والذي يجد مصيره رهنا لحسابات ومصالح ومشروعات متعارضة ومتناقضة بين كل من السلطة الفلسطينية وحركة حماس. فمستقبل الشعب الفلسطيني وحقه في حياة كريمة أهم من كل القيادات وحساباتها.
نعم ليس من حق حركة حماس أن تغرد خارج السرب الفلسطيني وعلى قياداتها أن تتحرك ضمن المؤسسات السياسية والعسكرية والمدنية القائمة إن هي أرادت خيرا بالشعب الفلسطيني. أما أن تأتي القيادة الفلسطينية لتتعهد أمام العالم بهدنة مع الجانب الإسرائيلي ثم تأتي حركة حماس عبر كوادرها الأمنية لتخرق ما تعهدت به القيادة الفلسطينية فإن ذلك يعطي إسرائيل الفرصة للتحلل هي الأخرى من التزاماتها ويعزز من تعاطف العالم معها ودعمه لها وهذا هو غاية ما تطمع إليه بينما يخسر الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية مثل هذا التعاطف والدعم على أيدي قياداته المتناحرة.
إلى متى والشعب الفلسطيني مشتت بين قيادتين يتغنى كل منهما بالحرص على مصالحه؟ فهو إما أن يختار مشروعات حركة حماس وينظوي تحتها ويتحمل نتائج هذا الاختيار أو أن يختار السلطة الفلسطينية ومشروعاتها ويتحمل نتائج خياره هذا أيضا. أما أن يبقى مصيره مرهونا لقناعات ومصالح وحسابات متناقضة ومتعارضة لقيادات حركة حماس من جهة وقيادات السلطة الفلسطينية من جهة أخرى فإنه يخسر الكثير وأهمها وحدته ومصيره ووجوده ومستقبله خاصة وأن أعداء هذا الشعب يراهنون على حرب أهليه لا تبقي ولا تذر وتصيب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة في مقتل.
إننا لا نشك إطلاقا في إخلاص قيادات حركة حماس للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني لكننا في ذات الوقت نتألم لواقع هذا الشعب الذي تربطنا به روابط العقيدة والدم واللغة والجغرافيا والثقافة ونأمل أن يعيش مثل بقية الشعوب تحت قيادة موحدة تسعى لتحريره من براثن الاحتلال وتحقق له الأمن والاستقرار والتنمية ... وأول خطوة في هذا الاتجاه هي أن تحل حركة حماس نفسها وتنخرط تحت مظلة القيادة الفلسطينية ومؤسساتها السياسية والمدنية والعسكرية ... وهكذا يتحول الشعب الفلسطيني من شعب محكوم بقيادتين إلى شعب محكوم بقيادة موحدة كبقية الشعوب. فالتناقض في الحسابات والاستراتيجيات بين حركة حماس والقيادة الفلسطينية هو ما تستغله القوى المعادية للشعب الفلسطيني لإطالة أمد المعاناة لهذا الشعب والحيلولة دون حل القضية الفلسطينية أو تأجيل هذا الحل على أقل تقدير ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.