[align=center]هل خطب الجمعة في مستوى تطلعاتكم؟ مجرد سؤال !![/align]
يندر للأسف أن تجد من بين خطباء الجمعة من يكلف نفسه عناء الغوص في أعماق المجتمع ويسلط مجهره على الواقع الاجتماعي ليكتشف القضايا الجزئية في حياة الناس فيرشدهم إلى الموقف الشرعي من تلك القضايا والمنهج الإسلامي في علاجها.
غالبية خطب الجمعة مجرد مواعظ وإرشادات إنشائية مكررة إما أنها منقولة عن كتب السلف أو أنها من نسج خيال الخطيب نفسه. فهي لا تحاكي الواقع المعاش للناس ولم يبذل فيها الجهد المطلوب بحيث تستند إلى مشاهدات دقيقة وإحصاءات واقعية واستشهادات من ذوي الخبرة والاختصاص في مجالات الحياة المختلفة.
كثيرة هي القضايا التي يعايشها الناس في حياتهم اليومية ومع ذلك تبدو بعيدة كل البعد عن تناول خطباء الجمعة. فمن هو الخطيب الذي تناول الفقر كظاهرة اجتماعية وبين الموقف الشرعي منه ومنهج الاسلام في التخلص من الفقر؟ ومن هو الذي تناول أهمية العمل المنتج في المجتمع المسلم ومجالات العمل وضرورته في الاسلام ويحث الناس عليه؟ وأين هو الذي تحدث عن قضايا البيئة وأهمية المحافظة عليها وموقف الاسلام من ذلك؟ ومن الذي تناول قضايا المغالاة في المهور وعضل النساء والطلاق والعنوسة وإساءة معاملة الوالدين والأطفال والمسنين؟ ولم لا نجد من يتحدث عن الأضرار المترتبة على الاسراف في الولائم وفي استخدامات الماء والكهرباء؟ وأين الذي يحث المصلين على العلم والتخصص في المجالات العلمية المختلفة لتقوية شوكة المسلمين وتحويلهم من مجرد كائنات استهلاكية إلى كائنات مبدعة ومنتجة تساهم في خدمة الأمة والبشرية جمعاء؟ ولماذا لا تكون قيم الاخلاص والوفاء والأمانة والصدق واحترام الأنظمة من بين القضايا التي يفرد لها خطباء الجمعة مساحة من اهتماماتهم؟ وأين هؤلاء الخطباء من قضايا الغش والرشوة والتسول وأكل أموال الناس بالباطل والمعاملة السيئة للعمالة الوافدة؟ ولم لا نجد إلا ما ندر من يتناول قضايا تعاطي المخدرات والمسكرات وتهريبها وترويجها وجرائم الزنا واللواط والسرقة وغيرها من الجرائم؟.
بل إنه من العجيب والغريب في نفس الوقت أن لا يفطن خطباء الجمعة إلى المخالفات والأحداث والوقائع التي تقع أمام أعينهم في المساجد التي يخطبون فيها كإغلاق المصلين للشوارع المحيطة بالمسجد بسياراتهم والفوضى المرورية وما قد ينجم عن ذلك من حرمان المرضى وسيارات الاسعاف من الوصول إليهم ونقلهم إلى المستشفيات. أما قلة النظافة والاستخدام السيء لحمامات المسجد ورمي الأحذية في كل ركن من أركان المسجد وتخطي رقاب المصلين من قبل البعض وعدم اكمال الصفوف والمرور أمام المصلين والتدافع أثناء الخروج من المسجد فرغم أنها كلها تعد مخالفات شرعية، ورغم الأضرار الصحية والنفسية والمادية المترتبة عليها، إلا أنها للأسف بعيدة كل البعد عن اهتمامات خطباء الجمعة.
وبالنسبة لقيم التسامح والمودة والرحمة والتكافل الاجتماعي، بالاضافة إلى قضايا ازعاج الناس والمعاكسات والتفحيط وعدم احترام الأنظمة المرورية والخلافات الزوجية والمشاجرات الأسرية والإساءة إلى الأيتام وعدم الاخلاص في العمل وانتهاك حقوق الجار والمعاهدين والمستأمنين وتشوية الممتلكات العامة والخاصة وتدميرها كلها قضايا للأسف لم يلتفت لها خطباؤنا ولم يرشدوا الناس إلى موقف الإسلام منها.
بصريح العبارة أقول: خطب الجمعة في واد ووقائع وأحداث وقضايا حياة الناس اليومية في واد آخر. بل إن هذه الخطب أصبحت مملة ومكررة لا يتفاعل معها جمهور المصلين لأنها ببساطة بعيدة كل البعد عن واقعهم المعاشي.
خطبة الجمعة ليست مجرد أداء واجب وإنما هي أداة تربوية فعالة في صناعة الإنسان وغرس الوعي وبناء المجتمع وزرع القيم الإيجابية ونشر الفضيلة. ومن هنا وجب على وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف أن تختار الخطباء بعناية فائقة وأن توجههم نحو مثل هذه القضايا التي تمس حياة الناس وأن تقيم الدورات التدريبية لهؤلاء الخطباء. فسمو الرسالة وعظم المسؤولية ومشروعية الأهداف المناطة بخطباء الجمعة تقتضي من القائمين على الوزارة إعداد الخطيب الجيد وتدريبه على مهارات الاتصال الناجح وتقوية علمه الشرعي وتزويده بالقضايا المهمة في حياة الناس اليوم والا أصبحت خطبة الجمعة مجرد روتين أسبوعي مكرر وممل ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.