الإبداع والروتين
يظن بعض الناس أن الروتين والإبداع شيئان لا يمكن أن يلتقيان ، وأن الإبداع يعني محاربة الروتين والقضاء عليه ، والصواب خلاف ذلك .إن الإبداع ليس محاربة الروتين ولكنه الاستفادة من الروتين ( النمطية) وتطويعه وربما تطويره لعمل شيء جديد غير مألوف .
إن سقوط التفاحة من الشجرة أمرٌ طبيعي نمطي ، ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة لنيوتن حيث نظر إلى النمطي المألوف بطريقة غير مألوفة فاستطاع أن يحدث ثورة في عالم الطبيعية وذلك
عندما توصل إلى قانون الجاذبية المعروف .
إن النمطية والروتين سلاح ذو حدين ، فإذا عطلت أمامهما عقلك وتفكيرك فسوف تهلك نفسك بالروتين ولكن إذا استفدت من الروتين لتسهيل الإجراءات وتنظيم العمل ومن ثم خطوت خطوة
إلى الإمام بأن طوّرت وغيرّت فإن الروتين سيكون لك فاتحة خير ونعمة كبيرة .
إننا مطالبون (إذا ما أردنا أن نبدع ) أن نفكر بطريقة مرنة وجديدة غير مألوفة ، ولكننا غير مطالبين بأن نعلن
حرباً ضروساً ضد كل ما هو نمطي وروتيني.
الإبداع والخبرة
رغم أهمية الخبرة في حياة الإنسان إلا إنها غالباً ما تكون معيقة للعملية الإبداعية، ولذلك نلحظ الأطفال ( وهم أصحاب خبرات قليلة ) يأتون في كثير من الأحيان بأفكار لم تخطر على بالنا البتة .
والإنسان يميل بوجه عام إلى الاعتماد على خبرته في قضاء أمور حياته ، فهو يفضل الاعتماد عليها بدلاً من أن يعاود التفكير من جديد في كل مرة . كذلك فإن كثافة المعلومات التي نستقبلها تعيق أدمغتنا عن الخروج عن دائرتها .
لذا فإن هذه العوامل سالفة الذكر مجتمعة ربما تجعل الخبرة معيقة للإبداع .. فكن حذراً .. واحرص على إعادة النظر في كل مشكلة لعلك تجد حلاً جديداً ولا تعتمد فقط على خبراتك السابقة لأنها قد تقيدك عن التفكير ..
الإبداع والتقليد
الإمعية ( أي التقليد الأعمى ) هي العدو اللدود للإبداع والابتكار فالإمعي قد تعطل عقله وأهمل تفكيره ، فلم يعد يفكر أو يؤمن أو يمارس إلا ما ورثه من السالفين أو ما شاهد عليه اللاحقين، ولم يقف لحظة متأملاً في صواب فعله أو سداد تفكيره ومنهجه.
إن الإسلام ، شجع الإبداع والتجديد والتطوير ، حارب هذا النوع من التفكير ، حيث يقول الله تعالى مستهجناً موقف كفار قريش وردهم للإسلام (وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ * بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ * وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ * فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )(20-25 ) سورة الزخرف
إن المبدع هو الذي يفر من التقليد الأعمى وينفر من الإمعية ، وذلك لأنه يحترم عقله الذي كرمه الله به .
فما أجمل أن نستقل بشخصياتنا وأن تكون لنا أفكارنا الخاصة بنا ولا بأس بالتقليد المحدود المقنن ، وليس الإمعية الممقوتة التي قد لا تعبر عن أي شخصية واستقلالية وتميز .