أحقا مات رمز الحكمة؟
صحوت كما صحا غيري من السعوديين على نبأ وفاة والدنا وقائدنا ورائد نهضتنا الحديثة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وألهمنا والأسرة المالكة الكريمة الصبر والسلوان فإنا لله وإنا إليه راجعون.
نعم صحوت على نبأ الوفاة فإذا بي أتساءل مع نفسي: أحقا مات رمز الحكمة؟ والحكمة تعني التصرف المناسب في الوقت المناسب، وهو ما عودنا عليه فقيدنا الغالي في كافة المواقف طيلة حكمه لهذه البلاد الطاهرة.
أحقا سنفقد تلك الابتسامة الدائمة الماثلة على محيا فهد بن عبدالعزيز حتى في أحلك الظروف وكأنه يقول لنا: مهلا مهلا لا تفزعوا فالفرج قريب وأنا أهل لمواجهة المدلهمات والخطوب. المهم إهنأوا بحياتكم واطمئنوا على مستقبلكم وكونوا على ثقة بأن الله لن يخيب ظن المؤمنين الصابرين المحتسبين.
لقد كان يرحمه الله مصدر الاطمئنان – بعد الله - لنا كمواطنين، فكان وجوده بيننا بمثابة وجود الأب بين أبنائه يشعرهم بالأمان والطمأنينة ويحميهم من غدر الزمان.
مصابنا في فقيدنا جلل ومع ذلك كأني بفهد بن عبد العزيز يقول لنا حكمة أخرى: لا تفزعوا ... اضبطوا مشاعركم وتصرفاتكم ... تحلوا بالصبر فإن الله مع الصابرين ... احذروا الفتنة والتفرق ... اجمعوا كلمتكم وحافظوا على مكتسباتكم ... دافعوا عن وطنكم وتمسكوا بدينكم.
لن أتحدث عن مآثرك الان يا رمز الحكمة فالموقف العاطفي المرتبط في فقدانك سيجعلني أنسى الكثير منها. أنت في هذه اللحظة أحوج ما تكون إلى دعواتنا ... فاللهم مالك الملك يا رحمن يا رحيم تغمد فقيدنا بواسع رحمتك واخلفنا فيه خيرا واجمعنا به في جنات النعيم ... اللهم آنس وحدته وثبته عند السؤال واجعل قبره روضة من رياض الجنة.
عزاؤنا فيك يا خادم الحرمين أن خليفتك هو أخيك عبدالله بن عبدالعزيز الذي من المؤكد أنه نهل من حكمتكم في الرياسة وتعلم في مدرستكم أصول السياسة فاهنأ في قبرك وتأكد أننا على نهجك سائرون ولديننا محافظون ولوطننا بانون ولأمننا محافظون وبوحدتنا متمسكون ... المهم إهنأ في قبرك أرجوك ... إنا لله وإنا إليه راجعون ... وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين في السراء والضراء فلله ما أعطى ولله ما أخذ.