هل هي خطيئة أن تكون شابا أو شابة في مجتمعنا؟الشباب والشابات طاقات متفتحة على الحياة ويأملون بشق طريقهم نحو المستقبل والاسهام في بناء الوطن وخدمة المجتمع. إنهم كالسيل الهادر إما أن يتم توجيههم وفق مسارات تجعلهم أعضاء صالحين ونافعين لوطنهم ومجتمعهم أو أنهم سيكونون ضحايا للضياع والقهر والغبن والنقمة على الوطن والمجتمع.
هذه حقيقة لا يمكن إنكارها ويجب التعامل معها بجدية إذا أردنا لشبابنا وشاباتنا تحقيق التوازن النفسي المنشود وحب وطنهم ومجتمعهم.
إنهم بصريح العبارة يبحثون عن العدالة والحرية والمشاركة في صنع القرارات وتكافؤ الفرص والثقة بهم والإستماع لوجهات نظرهم وتوفير النشاطات الثقافية والرياضية والفنية والترويحية التي يفرغون طاقاتهم من خلالها.
هم أحوج ما يكونون إلى تعليم يحقق لهم المستقبل المهني والوظيفي، وإلى مراكز توجيه وإرشاد تعينهم على اكتشاف قدراتهم وامكاناتهم واستغلالها بما يعود عليهم وعلى أسرهم ووطنهم ومجتمعهم بالنفع الكثير والخير الوفير.
يشكو شبابنا وشاباتنا من كونهم منبوذين من المجتمع ويطاردون في كل مكان يذهبون إليه. بل إنهم متهمون في نواياهم وأخلاقهم لمجرد كونهم شبابا.
نحن مسؤولون عن هؤلاء الشباب والشابات ولابد أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على كواهلنا لخدمتهم وإلا تسرب اليأس والقنوط والقهر والإكتئاب والقلق والحيرة إلى نفوسهم ليتحولوا إلى عناصر تدمير وخراب لكل من حولهم.
يجب أن يكون للشباب والشابات كلمة في صنع البرامج والمشروعات والأنشطة التي تعنى بهم حتى لا يشعروا بالاغتراب عن تلك البرامج والمشروعات والأنشطة ويعزفوا عنها لأنها ببساطة شديدة لا تلبي رغباتهم وميولهم وتطلعاتهم الحقيقية.
نعم يجب أن نرفع الوصاية التي نمارسها على شبابنا وشاباتنا ونشركهم في صنع حاضرهم ومستقبلهم بأنفسهم. وعلينا أن نتحاور معهم ونستمع لآرائهم وتصوراتهم حيال الكثير من قضايا الوطن والمجتمع فلا يكونوا مجرد متفرجين أو مهمشين. وهنا سيشعرون بالثقة بأنفسهم ويتحملون المسؤولية ويشاركون بفعالية في مسيرة التنمية الوطنية.
إن غياب خطة وطنية شاملة تراعي التباينات بين الشباب والشابات والاختلافات في الميول والرغبات والاهتمامات وتعزز لديهم الثقة بالنفس وتنمي لديهم الإنتماء الوطني وتغذيهم بالمنهج الوسطي في الإسلام وتصنع منهم عناصر منتجة ومتفتحة تتعامل باتزان مع مقتضيات هوياتها المختلفة الأسرية والوطنية والعربية والإسلامية والعالمية، أقول إن غياب مثل هذه الخطة الوطنية هي التي جعلت البعض منهم في مهب الريح وتتقاذفهم قوى الشر يمينا ويسارا لتجعل منهم معاول هدم وتدمير لمجتمعهم ووطنهم.
شبابنا وشاباتنا يبحثون عن القدوة التي تتجلى لديها منظومة القيم التي يتربون عليها لكنهم لا يجدون لها أثرا على أرض الواقع فيصابون بالاحباط وخيبة الأمل ويعاقبون المجتمع والوطن بممارسات وسلوكيات وتصرفات منحرفة.
من حق شبابنا وشاباتنا أن يكون لديهم تطلعات وآمال يطمحون في تحقيقها ويجب على المجتمع بكافة مؤسساته أن يمهد الطريق أمامهم كي يحققوا تلك التطلعات والآمال.
ليس من الحكمة أن يتهم الشباب والشابات في نواياهم وأخلاقهم لمجرد كونهم في عمر الشباب ويطاردون في كل مكان يذهبون إليه ولا أحد يسمع أصواتهم، وحتى البرامج والأنشطة والمشروعات التي تخصهم يصنعها الكبار بالنيابة عنهم وبمعزل عنهم فيعزفون عنها ولا يتفاعلون معها لتضيع الجهود والأموال والأوقات هدرا وبفائدة قليلة جدا إن لم تكن معدومة.
شبابنا وشاباتنا يعانون من وفرة أوقات الفراغ في حياتهم اليومية فلا يجدون منافذ مشروعة ومتعددة لملء تلك الأوقات بما هو مفيد ونافع. لذلك من الطبيعي أن يقعوا فريسة للمخدرات والمعاكسات والإنحرافات الفكرية والعقدية والجريمة بكافة أشكالها وصورها.
دعونا نتقرب من شبابنا وشاباتنا ونستمع لآرائهم وهمومهم ونسعى لتلبية مطالبهم ونشركهم في صناعة البرامج والأنشطة والمشروعات التي تخصهم ونحولهم إلى عناصر منتجة وفاعلة وسباقة إلى فعل الخير والأعمال الإنسانية والتطوعية وأنا متأكد حينئذ أنهم سيكونون عند حسن الظن وأكثر ... المهم شارورهم في الأمر وأبشروا ... هذا وللجميع أطيب تحياتي.