حرية الرأي مبدأ ونظرية يتجاهلها الجميع قال رسول الله علية افضل الصلاة واتم
التسليم((لايكن أحدكم إمعه يقول إن أحسن الناس أحسنت وان اساؤ أسأت ولكن وطنوأنفسكم إن احسنو أو اساؤولا تضلمو))
لم تكن الدعوة إلى التعبير عن الرأي كلاما نظريا أو فلسفيا عقيما بل خرجت الدعوة إلى التطبيق العملي لتثبت أن حرية الرأي إذا طبقت كما يجب فهي الحارس الأمين على كيان الدولة ونظامها. فها هو سيدنا محمد رسول الله يمنح أتباعه الحرية التامة في التفكير والرأي، بل وكان يحفزهم على الاختلاف معه في آرائه الصادرة عن مكانته الشخصية مع جعله إياهم يطيعونه طاعة غير محدودة على المنشط والمكره في اليسر والعسر في جوانبه النبوية. فنراه يقول لأصحابه (إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنما أنا بشر) وقد روي أنه عليه الصلاة والسلام قد أشار مرة على من يشتغل بالنخيل من أهل المدينة بأمر، فلما عملوا به، ما عاد عليهم بالنفع، فلما ذكر له ذلك قال (إني ظننت ظنا ولا تؤاخذوني بالظن، ولكن إذا حدثتكم عن الله شيئا، فخذوا به فإني لم أكذب على الله) وفي غزوة بدر نزل رسول الله عليه الصلاة والسلام منزلا، فرآه الحباب بن المنذر، أحد أصحابه لا يناسب المسلمين فقال: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل، أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال (بل هو الرأي والحرب والمكيدة) قال: يا رسول الله، فإن هذا ليس بمنزل، فانهض بالناس حتى نأتي أدنى ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء، ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون. فقبل رسول الله مشورته وقال (لقد أشرت بالرأي) ثم نهض ونزل المكان الذي أشار به الحباب. وفي غزوة الخندق أراد رسول الله أن يعقد الصلح مع بني غطفان على أن يعطيهم ثلث تمر المدينة، حتى تمت كتابة صحيفة الصلح ولم يبق إلا وقوع الشهادة، وعند ذلك بعث رسول الله إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فذكر لهما ذلك واستشارهما فيه. فقلا له: يا رسول الله، أمرا تحبه فنصنعه، أم شيئا أمرك الله به لا بد لنا من العمل به، أم شيئا لنا؟ قال (بل شيء أصنعه لكم والله ما أصنع ذلك إلا لأنني رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما) قال سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الاوثان ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من تمر المدينة إلا قرى أو بيعا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا به وبك نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجه، والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. قال عليه الصلاة والسلام (فأنت وذاك) فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب. ولم يقتصر دور رسول الله في بث حرية الرأي والتفكير على علية القوم وأصحاب المناصب والمراكز القيادية ولا على الأمور السياسية والوطنية، بل شمل حتى العبيد والإمماء وفي مسائل الزواج والأسرة، فقد روي أنه كانت في المدينة جارية تدعى بريرة لما أعتقها أهلها فارقت زوجها وكانت لا تحبه وكان زوجها مولعا بها فشق عليه فراقها وجعل يتبعها في كل مكان يبكي ويستشفع إليها الناس فقال لها رسول الله (لو رجعت إليه) قالت: أتأمرني يا رسول الله. قال (لا آمرك ولكن أشفعه إليك) قالت (فإذن لا أريد الرجوع إليه)...
وقد كان الخلفاء الراشدون أنفسهم أحرص الناس بعد رسول الله على تثبيت مبدأ الحرية الفكرية والتعبير عن الرأي، وإتباعا لرسول الله لم يكونوا يكتفون باحتمال نتائج الحرية الفكرية من قبل الناس بل مضافا إلى ذلك كانوا يستثيرون همم الناس على عضها بالنواججذ. فها هو أبو بكر الصديق إذ قال شيئا برأيه يقول: هذا رأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن ييككن خطأ فمني، واستغفر الله...
وأول ما قاله أبو بكر الصديق رضى الله عنه حين وللي الخلافة: أيها الناس، إني وليت عليكم، ولست بخيركم إن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت فلا طاعة لي عليكم...
كما يخطب عمر بن الخطاب رضى الله عنه في الناس قائلا: إذا أحسنت فأعينوني وأن أسأت فقوموني. فيقول له سلمان الفارسي: والله لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بحد السيف. فيقول له عمر: الحمد لله الذي جعل في رعيه عمر من يقومه بحد سيفه!!...
يدخل حذيفة على عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيجده مهموم النفس باكي العين، فيسأله: ماذا يا أمير المؤمنين؟ فيجيب عمر: إني أخاف أن أخطئ فلا يردني أحد منكم تعظيما لي. يقول حذيفة فقلت له: والله لو رأيناك خرجت عن الحق، لرددناك إليه فيفرح عمر وبستبشر ويقول: الحمد لله الذي جعل لي اصحابا يقوموني إذا اعوججت ويصعد رضي الله عنه المنبر يوما ويقول: يا معشر المسلمين ماذا تقولون لو ملت برأسي إلى الدنيا هكذا؟ فيشق الصفوف رجل ويقول وهو يلوح بذراعه كأنها حسام ممشوق: إذن نقول بالسيف هكذا!! فيسأله عمر: إياي تعني بقولك؟! فيجيب الرجل: نعم إياك أعني بقولي. فتضىء الفرحة وجه عمر رضي الله عنه ويقول: رحمك الله والحمد لله الذي جعل فيكم من يقوم عوجي.
وكان رضي الله عنه واثقا بنفسه واستقامة نهجه ومن ثم لم يكن يحاذر النقد أو يخاف المعارضة بل كان يبحث عنهما ويثيب عليهما ويثيرهما في قلوب أمته وعقول شعبه ويتخذ منهما مشعلا يستضئ به وحجة يستكمل بها صواب أمره. ويخطب عمر في الناس يوما قائلا: لا تزيدوا مهور النساء على أربعين أوقية، فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال، فتنهض من صفوف النساء سيدة تقول: ما ذاك لك. فيسألها: ولم؟ فتجيبه: لأن الله تعالى يقول: }وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُن قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً{ (سورة النساء آية 20) فيهلل وجه عمر ويبتسم ويقول عبارته المأثورة: أصابت امرأة وأخطأ عمر.
كان عبد الرحمن الناصر خليفة المسلمين مهتما بالعمارة والزخرفة فبنى الزهراء وأبدع في تزيينها حتى شغله ذلك عن حضور صلاة الجمعة في المسجد ثلاث مرات متعاقبات فأراد القاضي المنذر بن سعيد أن يلقي الموعظة الزاجرة، وانتهز حضور الخليفة للصلاة يوم الجمعة، فبدأ خطبته بقول الله تعالى {أَتَبْنُونَ بِكُل رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُون وَتَتخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبارِينَ فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ وَاتقُوا الذِي أَمَدكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَناتٍ وَعُيُونٍ إِني أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} (سورة الشعراء الآيات 128- 135). ثم اتبع ذلك بكلام قاس ينهى عن التبذير والإسراف حتى بكى الخليفة وندم. فقال له ولى عهده: وما الذي يمنعك من عزله وإيقافه؟؟ فرد عليه الناصر محتدا: ويلك، أمثل ابن سعيد في ورعه وعمله وفضله يعزل في إرضاء نفس ناكبة عن الرشاد، سالكة غير القصد ؟!! هذا ما للا يكون، وأني لأستحي من الله عز وجل ألا أجعل بيني وبينه شفيعا يوم القيامة مثل المنذر بن سعيد...........!
أخي القاري هذا ما فعله هذا ما فعله رسول الهدى عليه افضل الصلاة واتم التسليم
والصحابه عليمهم رضوان الله حيال هذا للموضوع فهل تطبق هذا المبادئ من حرية
الرأي .............!
تسائلات حول الموضوع .............!
1)هل الخوف دخل في قلوب بعض الناس .....؟
هل البعض ينصاغ وراء مصالح شخصيه ويترك الرأي الصائب ويقتصر رأيه لنفسه
ويحفظه ولايبديه......؟