اللهم اغسل خطاياي..."
قال الله تعالى في كتابه الكريم " و ما ينطق عن الهوىإن هو إلا وحي يوحى " سورة النجم.
من الأدعية المأثورة عن الرسول عليه الصلاة والسلام عن أم المؤمني ونور قلوبهم عائشة قالت
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس ) سنن ابن ماجة.
وفي رواية أخرى عن أم المؤمنين ونور قلوبهم عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم إني أعوذ بك منفتنة النار وعذاب النار وفتنة القبر وعذاب القبر وشر فتنة الغنى وشر فتنة الفقراللهم إني أعوذ بك من شر فتنة المسيح الدجال اللهم اغسل قلبي بماء الثلجوالبرد ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني وبين خطاياياكما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم إني أعوذ بك من الكسل والمأثم والمـغرم ) صحيح البخاري
هذا الدعاء نردده دائما و لكننا لا نعلم الحقيقة العلمية التي تكمن في كلماته.
فالماء الذي اختصه الله تعالى بقضية الخلق في قوله تعالى " و جعلنا من الماء كل شيء حي " - سورة الأنبياء آية رقم (30) - له إعجازا آخر فيقدرته على التنظيف و إذابة المواد و سأذكر بعض خواص الماء :-
فهو يتكون من(ذرتين هيدروجين مرتبطة مع ذرة واحدة من الأكسجين برابطة تساهمية قطبية هذه القطبيةالناتجة عن فرق السالبية الكهربائية بين ذرات الهيدروجين و الأكسجين ) تعمل علىتجميع جزيئات الماء بواسطة روابط هيدروجينية ضعيفة تكسبه خصائص فريدة عن المركباتالمشابهة له في التركيب و تسبب تغيرات في خواصه الفيزيائية فدرجة غليانه مرتفعة
100° و التوتر السطحي له كبير و غيرها من الخواص التي لا مجال لذكرها في هذاالبحث ،
فالماءالذي اختصه الله تعالى بقدرة كبيرة على إذابة المواد و الذي يسمى" بالمذيب العام " له قدرة كبيرة على إذابة كثير من المواد الأيونية حيث أن جزيئات الماء القطبية تهاجم بلورة المركب إذا كان أيونيا فيعزل ايوناته المتجاذبة داخل الشبيكة البلوريةو تنشأ قوى تجاذب بين جزيئات الماء القطبية و الأيونات حيث تتغلب على قوى التجاذببين الأيونات في البلورة فتنتشر المادة المذابة بين جزيئات الماء –
هذا الدعاءشبه الذنوب و الخطايا بالأوساخ التي ينظفها الماء، فكيف تحدث عملية التنظيف بالماء ؟
عندما تعلق البقع و الأوساخ بالثوب تحدث قوى جذب بين القماش و الأوساختسمى علميا بقوى الالتصاق والماء الذي اختصه الله تعالى بقدرة كبيرة على إذابةالمواد بسبب الخاصية القطبية وخاصية التوتر السطحي له والتي تساعده في التغلغل داخلخيوط القماش (بالخاصية الشعرية ) فيخترق البقعة و يبلل القماش و بالتالي يذيبالأوساخ بعزل ايوناتها عن بعضها فتضعف قوى التجاذب بينها إذا كانت من النوع الذييذوب في الماء
أما إذا كانت البقع دهنية ولا تذوب في الماء فان الماء ينقطع على شكل كرات ولا يبلل سطح النسيج لان قوى الالتصاق بين الماء و البقع اقل من قوىالتماسك بين جزيئات الماء. لذلك يمكن غسلها بالماء و الصابون حيث إن محلول الصابون يقلل التوتر السطحي للماء فينتشر محلول الصابون على الدهون و يتفاعل معها مكونامستحلباً دهنياً و تزداد قوى التجاذب بين الماء و البقع فتترك الأوساخ السطح العالقة به .
ولكن الدعاء أشار إلى طريقة أخرى للتنظيف وهي الثلج فكيف يكون الثلج وسيلة للتنظيف؟
كلنا نعلم أن الماء عندما يتجمد يصبح ثلجا عند درجة الصفر المئوي و تتغيرطريقة ارتباط الجزيئات فتصبح مثل حلقة البنزين
فهناك بعض الأوساخ التي لا تزول بالماء أو بالماء و الصابون و ذلك لان قوى الالتصاق بين هذه البقع و القماش تكون كبيرة مثل بقع الشمع أو العلك على القماش.
فعند وضع قطعة من الثلج عليها فان البرودة تعمل على تقارب جزيئات هذه المادة ( تنكمش) فتقل قوى الالتصاق بينها و بين القماش مما يؤدي إلى انفصالها ( و يمكن لكل من اتجربة ذلك في منزله)
أما البرد فهو يتكون عند درجة حرارة اقل من الصفرالمئوي فإذا كانت هناك أوساخ مستعصية فان البرد يعمل عل انكماش جزيئات هذه الأوساخبدرجة اكبر من الثلج فتنفصل و تزول.
هذا الدعاء الذي شبه الخطايا بالأوساخ التي يجب غسلها بالماء و التي لا تزول بالماء يزيلها الثلج و التي لا تزول بالثلج يزيلها البرد، حتى لا يبقى شيء من خطايا الإنسان .
وقد قال الرسول صلى اللهعليه وسلم في حديث آخر( أرأيتم لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء قالوا لا يبقى من درنه شيء قال فذلك مثل الصلوات الخمس يمحوالله بهن الخطايا) رواه البخاري
وهذا دليل آخر على أن الماء وسيلة تنظيف من الأوساخ والذنوب .
وهنالك الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي تتحدث عن الوضوء وأهميته في غسل الخطايا والذنوب.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عنالرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال " ألا أدلكم على مايمحو الله به الخطايا ويرفع الدرجات , قالو : بلى يا رسول الله , قال : اسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا الى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذالكم الرباط " رواه مسلم .
هذاالحديث يبين أن الخطايا يمحوها الله بماء الوضوء .
وعن الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا أنه قال: (إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطرة ماء فإذا غسل يديه خرج من يداه كل خطيئة كان بطشها بيداه مع الماء أو آخر قطرة ماء فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطرة ماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ) رواه مسلم
وفي حديث آخر (من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظافره) رواه مسلم
فـــسـبـــحـان مــــن علــم النبــــي الأمي صلوات ربي وسلامه عليه هــذه الحقيقــــة العلميـــــة.
نستطيع القول إن الماءوالثلج والبرد هي حالات فيزيائية للماء لها قدرة كبيرة على التنظيف ولكل منهاميكانيكية خاصة في التنظيف . هذا ما نراه بالعين المجردة أما ما استيقنته قلوبنا فهو غسله ومحوه للذنوب التي تخرج مع كل قطرة ماء أو مع أخر قطرة فالكيس الفطن من يرى تلك الذنوب وهي تخرج ليعرف فضل الله جل وعلى عليه إذا فرض عليه وله ما يطهره ويزكيه وينقيه
منقول للفائدة
أســأل اللــه تعــالى أن يغسلنــي و إيــاكم مــن خطايانـا بالمــاء و الثلــج و البــرد.