كعادتها تسيطر علي ، تقتحم وحدتي ، تطبق علي حد الإختناق.
تسلب مني كل باعث للسرور أو مكمن للفرحة حتى بت أخاف البقاء وحيدة.
فأسلحتها القوية هزمت فيّ كل محاولات النهوض، وهدمت كل الطموحات.
دوما تلاصقتي وتقترب مني ساعة ابتعادهم، لا أعلم صديقا ولا أخا احتل من نفسي بقدر ما احتلته تلك الأفكار السوداء المظلمة ، والتي نشرت ظلمتها في كل ما حولي.
عهدتهم دوما يرحلون، يكفي فقط أن تباعدنا المسافات حتى أفتقدهم وأنساهم.
أما هي فلا ، لا تبتعد عني مطلقًا ، بل أصبحت سيدتي تسيرني كيف تشاء ولا أشاء.
أنا لست متشائمة ولا أكره الحياة ولا أحب العزلة، أذكر أنني كنت متفائلة أحمل طموحات وآمال .
تبًا لها قلبت كل موازيني ، وألبستني ثوبًا أسودًا انعكس سواده على أعماقي وأفكاري وحتى للأشياء من حولي فلم أعد أرى إلا السواد والسواد .
طوال طفولتي كنت أحلم بأن أبلغ العشرين ، لأرى الدنيا بعيون الناضجين وأحقق كل تلك الأمنيات التي لا يقوى عليها الصغار.
ولكن صاحبتي تأبى الفكاك ، وأصبح الحزن عنوان العقد الثالث من العمر ، حتى بت أشفق على من سيلج هذا العقد بعدي.
ما تزال بي تنفث سمومها ، سمومٌ لا تفضي إلى المرض.
لا لا ليس المرض،
ولا حتى الموت ،
بل شئ ما ينساب بخفة ويتربع في الأعماق ، فإذا تمكن بدأ في العمل.
ربما يشبه السوس حين يصيب الأسنان، يثقبها وينخرها على مهل ولا نشعر بوجوده إلا على ألم مميت ،
فإن أردنا إبعاده أبعدنا أعظم أجزاء السن وربما أضطررنا إلى إزالة السن بالكامل .
ربما لن أستطيع التخلص من صاحبتي حتى أخسر الكثير من داخلي.
يبدو لي أن ثمن إبعادك غالٍ جدًا ، رغم سهولة دخولك واكتسابك والوثوق بك في هذه الدنيا الموحشة.
تُرى .. هل سترحلين ؟!!
وماذا ستأخذين معك ؟!!
هل ستكون خسارتي مؤلمة وأشد إيلاما من بقائك بجانبي؟!!
ليتك تجيبين.
إحساس طفـــلة