قصة زواج ابنة سعيد بن المســّيب
قال ابن أبي وداعة :
كنتُ أجالس سعيد بن المسيّب ( من كبار التابعين ) ففقدني أياماً فلما جئته قال : أين كنت ؟ قلتُ : توفيت أهلي ( زوجتي ) فاشتغلتُ بها ، فقال : ألا أخبرتنا فشهدناها ؟ قال : ثم أردتُ أن أقوم فقال : هل استحدثت أهلاً ؟ فقلت يرحمك الله ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة ؟ فقال : أنا.. .. قلت أتفعل ؟ قال نعم ، ثم تحمّــد الله وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني على درهمين ، قال : فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح ، فسرتُ وجعلتُ أتفكر ممن آخذ وممن أستدين ، فصليتُ المغرب وانصرفت إلى منزلي وكنتُ وحدي صائماً ، فقدّمت عشائي أفطر وكان خبزاً وزيتاً ... فإذا بالباب يــُقرع فقلتُ :من هذا ؟ قال : سعيد ... قال : ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلا سعيد بن المسيّب فإنه لم يـُرأربعين سنة إلا بين بيته والمسجد ، فتحتُ الباب فإذا سعيد بن المسيب فظننتُ أنه قد بدا له ( أي بدّل رأيه ) فقلت : يا أبا محمد ألا أرسلتَ إليّ فأتيك ؟ قال : لأنت أحق أن تـُوتى ، فقلت : فما تأمر ؟ قال : إنك كنت رجلاً عزباً فتوةجت ، فكرهت أن أبيتك الليلة وحدَك ، وهذه إمرأتـُك ...فإذا هي قائمة من خلفه في طوله ، ثم أخذ بيدها فدفعها في الباب وردّ الباب وذهب ... فسقطت المرأة من الحياء فاستوثــقت من الباب ثم سبقتُها إلى القصعة التي فيها الزيت والخل فوضعتها في ظل السراج لكي لاتراه ، ثم صعدتُ إلى السطح فناديتُ الجيران فجاؤوني فقالوا : ما شــأنك ؟ قلت : ويحكم زوّجني سعيد بن المسيب ابنته اليوم وقد جاء بها على غفلة وها هي في الدار فنزلوا إليها ، وبلغ أمــي الخبر فجاءت وقالت : وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أن أصلحها في ثلاثة أيام .... قال : فأقمتُ ثلاثاً ثم دخلتُ بها فإذا هي من أجمل الناس ، وإذا هي أحفظ الناس لكتاب الله وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفهم بحق الزوج .